نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

آداب ومستحبات: أُذكروني أذكركم


السيد سامي خضرا


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (الأحزاب: 41 42) الذكر قوتُ القلوب وروح الأعمال الصالحة، فإذا خلا العمل من الذكر كان كالجسد الذي لا روح فيه.  لقد زين الله به ألسنة الذاكرين كما زين بالنور أبصار الناظرين، فاللسان الغافل كالعين العمياء والأذن الصماء واليد الشلاء. قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (آل عمران: 191)

* الذكر نعمة
إن المسلم الذِي يذكر الله ذكراً كثيراً في حِلِّه وترحاله، وفي كُلِّ ساعة، يكون من الَّذِينَ أُنِعم عليهم بنعمةٍ عظيمة لا تُقدَّر: "ومن أعظم النعم علينا جريانُ ذكرك على ألسنتنا"(1) والغافل عن ذلك محروم من التلذُّذ بهذه النِّعمة الَّتِي أُمرنا بها. عن النبي صلى الله عليه وآله: "ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها إلا تحسر عليها يوم القيامة."(2)

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله:  "عليك بتلاوة القرآن وذكر الله كثيراً فإنَّهُ ذكرٌ لك في السَّماء ونور لك في الأرض". (3) وفي النَّص الشريف: "إنَّ موسى على نبيِّنا وآله وعليه السلام لمَّا ناجى ربَّه عزَّ وجلَّ، قال: "يا ربِّ، أبعيد أنت منيِّ فأُناديك، أم قريبٌ فأُناجيك"؟ فأوحى الله جلَّ جلاله: "أنا جليس مَنْ ذكرني".(4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "من أكثر ذكر الله عز وجل أظله الله في جنته". (5) وحثَّ الإسلام أتباعه على ذكر الله دائماً وفي كُلّ الحالات ليبقى العبد مع خالقه تعالى يستمدُّ منه القُوَّة والطمأنينة ويستعينه للهداية ويلجأ إليه من الانحراف والضلال. عن الإمام زين العابدين عليه السلام:"إلهي فألهمنا ذكرك في الخلاء والملاء، والليل والنهار، والإعلان والإسرار، وفي السراء والضراء"...(6).

ولو تأمَّلنا في ذلك وغيره لرأينا أنَّ المطلوب من المسلم دائماً أنْ يتقلَّب بين ذكر وذكر. فعن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه الحسن عليه السلام: "وكن لله ذاكراً على كلّ حال". (7) 

ويكفي شرفاً وكرامة للذّاكر أنَّ الله تعالى يذكره أيضاً، قال سبحانه: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (البقرة: 152). وينبغي للمؤمن ترويضُ لسانه على الذِكْر عند كُلّ حدثٍ خارجي أو شعورٍ داخلي، فيُحيي قلبَهُ ويُهذبُ نفسه ويُطهِّر روحه.

وقال النبي موسىعليه السلام لربِّه سبحانه: "يا ربِّ إنِّي أكون في حالٍ أُجلُّك أنْ أذكرك فيها، قال: يا موسى، اذكرني على كُلِّ حال".(8)

* ذكر الله في كلّ حال
ورد من الذكر الشريف في السُّنَّة المطهَّرة أذكار كثيرة (9) منها: لا إله إلاَّ الله. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير العبادة قول: لا إله إلا الله.
ـ لكلٍ همٍ وغمٍ: ما شاء الله
ـ لكلِّ نعمةٍ: الحمد لله
ـ لِكُلِّ رخاءٍ: الشُّكر لله
ـ لِكُلِّ أعجوبة: سبحان الله
ـ لِكُلِّ ذنب: أستغفر الله
ـ لِكُلِّ مصيبة: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون
ـ لِكُلِّ ضِيقٍ: حسبِيَ الله
ـ لِكُلِّ قضاءٍ وقدر: توكَّلتُ على الله
ـ لِكُلِّ عدوٍ: اعتصمت بالله
ولِكُلِّ طاعة ومعصية: لا حول ولا قُوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم.
وعليك ما استطعت وفي كُلِّ الحالات: بالصَّلاة على مُحَمَّد وآلِ مُحَمَّد.

* الاستواء والمداومة على الذكر
عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام: "إذا كان الرجل على عمل فليدم عليه سنة ثم يتحول عنه إن شاء إلى غيره..."(10) وعن الإمام أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: "ما من شيء أحب إلى الله عز وجل من عمل يداوم عليه وإن قل". (11)

عن مولانا الصَّادق عليه السلام: "ما من شيءٍ إلاَّ وله حدّ ينتهي إليه إلاَّ الذِّكر فليس له حدّ ينتهي إليه. فرض الله عزَّ وجلَّ الفرائض فمن أدّاهنَّ فهو حدّهنَّ وشهر رمضان فمن صامه فهو حده, والحج فمن حج فهو حده, إلاَّ الذِّكر فإنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حدّاً ينتهي إليه" ثُمَّ تلا هذه الآية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (12) (الأحزاب 42) والأصيل الوقت بعد العصر والمغرب. وقال عليه السلام: "وكان أبي عليه السلام كثير الذكر, لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله , وآكل معه الطعام وإنه ليذكر الله, ولقد كان يحدث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله, وكنت أرى لسانه لازقاً بحنكه يقول: لا إله إلا الله. وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس, ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا, ومن كان لا يقرأ منا أمره بالذكر" (13). 

والبيت الذي يُقرأ فيه القرآن ويُذكر الله عز وجل فيه, تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدري لأهل الأرض. والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله فيه, تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين. وقد قال مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: "ألا أخبركم بخير أعمالكم لكم أرفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من الدينار والدرهم...؟ فقالوا: بلى، فقال: ذكر الله عزّ وجلّ كثيراً". وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أعطي لساناً ذاكراً فقد أُعطي خير الدنيا والآخرة". وقال في قوله تعالى -﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (المدثر:6) - "لا تستكثر ما عملت من خير لله".(14)


(1) الصحيفة السجادية، الإمام زين العابدين عليه السلام، ص 418.
(2) كنز العمال، المتقي الهندي، ج1، ص 413.
(3) الخصال، الشيخ الصدوق، ص 523.
(4) تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ج1، ص 121.
(5) الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 121.
(6) الصحيفة السجادية، الإمام زين العابدين، ص418.
(7) كشف الغمة، ابن أبي الفتح الأربلي، ج2، ص 153.
(8) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ص 311.
(9) للمراجعة "الكافي" للشيخ الكليني، ج2.
(10) الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 82.
(11) م. ن، ص 82.
(12) الكافي، ج2، ص498.
(13) الكافي، ج2، ص 499.
(14) الكافي، ج2، ص 498.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع