نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مجتمع: تدخين الأطفال...الكارثـة الكبرى!

د. حسن يوسف حطيط*



تفاقمت ظاهرة تدخين الأطفال في الآونة الأخيرة في شتَّى دول العالم وخاصة في البلدان النامية, وأخذت منحىً خطيراً في بعض المجتمعات حيث صارت جزءاً لا يستهان به من الآفات الاجتماعية المتنامية فيها بسرعة هائلة. أمَّا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية فقد بدأت نُذُر هذه الكارثة تظهر بعدما انتشرت عادة التدخين بأنواعها التقليدية والمستحدثة بين الأفراد والجماعات وفي العائلات وانتقلت منها أو عبرها إلى الفئات الناشئة ثم انتقلت إلى المدارس والمؤسسات التعليمية والترفيهية كما تنتقل الأمراض المعدية بين الناس. الجدير بالذكر أنَّ لهذه الكارثة آثاراً سلبية متعدِّدة ونتائج وخيمة متنوِّعة. ولقد بدأ الباحثون يحصون ما يمكنهم من آثار ونتائج وتوقّعات لهذه الآفة ويجرون الدراسات والإحصائيات حول الموضوع وتشعباته, كما استنفرت الجهود في بعض الدول المتقدمة لتفادي ما هو أخطر ودُقّ ناقوس الخطر في المعاهد التربوية والتعليمية للبدء بالتخطيط لحملات وقائية وإرشادية عامة تغطي المدارس والمعاهد وغيرها من المحافل العامة والخاصة.

* دراسات حول سلبية التدخين
أما من الناحية الطبية فلقد أخذت هذه الكارثة أشكالاً متعدِّدة وتوسعت الدراسات حول أضرارها المباشرة وغير المباشرة لتشمل بالإضافة إلى الآثار المعروفة للتدخين السلبي اللاإرادي عند الأطفال الآثار والمؤشرات السلبية والمباشرة للتدخين كفعل فردي وإرادي للطفل المدخن أو كعادة للتقليد والتماهي بين الزملاء والأصدقاء أو كتعاطٍ جماعي في الحلقات الخاصة أو كإدمان مرضي. 

من جهة أخرى, راح ينحصر الاهتمام حالياً في كيفية تحديد الأضرار الناتجة عن التدخين ومركباته الكيميائية الضارة ومواده السامة على أعضاء وأنسجة وخلايا الأطفال. وباتت الأبحاث تتركز, في وقتنا الحاضر, حول دور التدخين في ظهور حالات جديدة من الأمراض أو ازدياد نسبتها أو ازدياد خطورتها عند الأطفال المدخنين, كأمراض الجهاز التنفسي وأمراض الفم وأمراض القلب والشرايين وأمراض الجهاز الهضمي وأمراض الجهاز العصبي والسرطان المبكر في الشفتين والفم والرئة والبلعوم والحنجرة والمريء والبنكرياس والكلى والمثانة.

* سرطان الكبار قد يصيب الأطفال
وفي هذا المجال, يسيطر الخوف على الأوساط العلمية والطبية والصحية بشكل عام بسبب التوقعات المتعدِّدة الأوجه والمصادر بحصول تغيير دراماتيكي في نسب السرطان عند الأطفال وتغير أنماطه المعهودة حتى الآن, إذ يمكن أن تزداد معدلات الإصابة عند الأطفال ببعض أنواع السرطان المعروفة حصراً عند الكبار كسرطان المريء والرئة والحنجرة والبنكرياس, ما سيؤدي إلى «كوارث» لا تحمد عقباها على صعيد الصحة العامة وانعكاسات سلبية على جميع الصعد الاجتماعية والاقتصادية والتربوية وغيرها. من هنا يكثر الحديث ويزداد سخونة حينما تطرق أبواب الوقاية الصحية ومسؤوليات المؤسسات الصحية والتربوية والاجتماعية العامة والخاصة في هذا المضمار. كما تبرز أهمية الإعلام, بأشكاله المتنوعة المرئية والمسموعة والمقروءة, ودوره الفعّال والحاسم على هذا الصعيد بالإضافة إلى دور الأهل والمرّبين والقيّمين على تربية الفئات الناشئة.

* دور الوسائل الإعلامية
من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها على صعيد الوقاية من آثار هذه الكارثة والتي ينبغي الإسراع في تطبيقها قبل فوات الأوان والبكاء بعد حلولها على الأطلال، إن تسنى لنا ذلك!، تحفيز الوسائل الإعلامية كافة لحملها على تبني هذه القضية بكل ما فيها من ظواهر وإشكالات, ونقلها بكل ما فيها من "رعب" و"قساوة" إلى كافة طبقات المجتمع, وخاصة إلى الآباء والأمهات والمربّين والمدرّسين.

كما يجب على المدارس وكافة المؤسسات التعليمية أن تتشدد في منع هذه الظاهرة الكارثية وتقديم برامج إرشادية حول الآثار السلبية للتدخين وإدخال مقررات دراسية وتطبيقية «إلزامية» لشرح نتائج هذه الآفة على حياة الأجيال الصاعدة. تجدر الإشارة هنا أيضاً إلى أنه لا بدّ من اتخاذ إجراءات قانونية مشدّدة بحق كل من تثبت إدانته في تشجيع انتشار أو المبادرة لنشر هذه الآفة في المدارس والمؤسسات التعليمية عبر الاتجار غير المشروع أو تسهيل التعاطي بهذه التجارة السيئة بين الأطفال أو التشجيع على تعاطي هذه المواد السامة عبر الإعلان عنها والترغيب بها في المدارس أو بين الطلاب. في النهاية, من الضروري على كل القائمين على وضع الخطط والبرامج والاستراتيجيات الصحية وعلى المسؤولين في مؤسسات الصحة العامة أن يتحضروا بكل ما للكلمة من معنى لما يترتب على المواجهة مع هذه الكارثة من ميزانيات إضافية وإجراءات احترازية وبرامج توعوية وحملات وقائية لدرء تراكم أخطارها ومنع تفاقم آثارها وازدياد الحالات المرضية الصعبة الناتجة بسببها, في أكثر طبقات المجتمع براءةً وأكثر المجموعات فيه رقّةً وضعفا.ً

(*) استشاري أمراض الأنسجة والخلايا ورئيس شعبة في هيئة الصحة، حكومة دبي.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع