مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

آداب ومستحبات: إجلال الله..روح العبودية


السيد سامي خضرا


إن التوجه الإسلامي العام، هو في تعظيم وإجلال الله تبارك وتعالى، وهذا يظهر من خلال النصوص والأذكار والأحكام الفقهية المختلفة... وجملة آداب أخرى تُعنى بالموضوع، لا تغيب عن كل مُطَّلع على شريعة الإسلام. قال الله عز وجل: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (الإسراء: 43). وقال تبارك وتعالى: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (الأنعام: 100).

* حال المسلمين اليوم:
إنّ الناظر في حال المسلمين اليوم، يرى مخالفات تُـنافي تعظيم الله تعالى ودينه وشعائره... كالاستهزاء أو الاستخفاف أو الازدراء أو الانتقاص، وتظهر هذه المخالفات عبر وسائل الإعلام المختلفة... ومن خلال منابر ومؤسساتٍ تُسمى ثقافية وعلمية وهي في الحقيقة مشبوهة. فالمغرضون اليوم يشيعون سوء الأدب، ويستسهل الناس ذلك عن قلّة فهم أو قلّة علم أو تهاون... ومن جملة قبائحهم، حاشا لله: "أتْرُك ألله عليي! يا خيِّي حطِّلِّي الله على جنب! ألله ما خصو...!  ألله شي ، والشغل شي تاني!" وجملة أخرى متنوعة من هذه التُّرهات والوقاحات التي لولا شياعها وانتشارها ما تجرأتُ (أنا العبد الفقير كاتب هذه السطور) على ذكرها ونقلها... حاشا لله... سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

* التعظيم والإجلال روح العبادة:
فالإيمان بالله تعالى، مبني على التعظيم والإجلال له عز وجل، وكذلك كل ما يستلزم ذلك من شعائر وحدود، وهذا التعظيم والإجلال هو من أجلِّ وأهمِّ العبادات القلبية التي يتعيّن القيام بها وتربية الناس عليها، وبالذات في هذا الزمان الذي ظهر فيه ما يخالف تعظيم الله تعالى من الاستخفاف والاستهزاء بالشعائر، والتسفيه والازدراء لدينه تعالى وأهله. وإذا تخلى العبد عن تعظيم الله وإجلاله، فسد الإيمان وفسدت العبادة... وللتعظيم والإجلال الصادقَيْن الحقيقيَّين، مظاهر وعلامات، وليست مجرد دعوى كلٌ يدّعيها. هو سبحانه له الأسماء الحسنى، فهو: القاهر والعزيز والجبّار والمتكبّر والملِك والمجيد والكبير والعظيم والمتعال...  هو الموصوف بصفات المجد والكبرياء والعظمة والجلال، الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجلّ وأعلى من كل شيء، وله التعظيم والإجلال في قلوب أوليائه... قال سبحانه: ﴿تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ (مريم: 90)، (أي "يتشقّقن من عظمته عزَّ وجلَّ").وهذه المنزلة تابعة للمعرفة، فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الربّ تعالى في القلب، وأعرف الناس به أشدّهم له تعظيمًا وإجلالاً، وقد ذم الله تعالى مَن لم يعظّمه حق عظمته، ولا عرفه حق معرفته، ولا وصفه حق صفته. قال سبحانه: ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (نوح: 13). أي: "ما لكم لا تعظِّمون الله حق عظمته؟!".

* المسلك الإسلامي:
وكان أهل العلم يعظِّمون ربهم، ويقدّرونه عز وجل جهد المستطاع، فالله سبحانه ذو الجلال والعظمة، والهيبة والجبروت، وإنه سبحانه أحق من عُبد، وأحق من ذُكر، وأجود من سُئل، وأوسع من أعطى. إن اسم الله سبحانه وتعالى إسم عظيم مبارك، لا يُذكر على قليل إلاَّ كثّره، ولا على عسير إلاّ يسّره. فذكر اسمه الشريف يجعل: مكان اللوعة سلوة، وجزاء الحزن سروراً، وعند الخوف أمناً، ويُلقي على النفوس المضطربة سكينة، ألا ترى أنه: إذا اضطرب البحر، أو ماج الموج، أو عصفت الريح، نُودي: يا الله. وإذا وقعت المصيبة،, أو حلَّ البلاء، نودي: يا الله. وإذا أُوصدت الأبواب أمام الطالبين، وأُسدلت الستور في وجوه السائلين، صاحوا: يا الله. وإذا ضاقت السُّبُل، وبعُدت الآمال، واقتربت الآجال، نودي: يا الله. وإذا ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وضاقت علينا أنفسنا بما حملت، قلنا: يا الله. وعندما تُمدُّ الأكف في الأسحار، وتذرف الدموع، ينادى: يا الله... والمؤمن إذا عرف ربه، واستشعر هذه المعاني، لا يلتفت إلى غيره، ولا يرجو سواه سبحانه وتعالى، ولا يخاف إلاَّ منه عز وجل... فهو جلَّ جلاله المعبود بحقٍّ، الذي تقصده كل الكائنات، وتعنو لجلال هيبته كل المخلوقات، فإذا خاف الإنسان التجأ إلى الله مولاه، وإذا افتقر اتجه إلى الله جل في علاه، وذلك أنَّ القلوب مفطورة على التوجه إليه، لكنَّها في حالات الرخاء يعلوها الرين، فإذا نزلت بها نوازل القضاء اتجهت إليه، وتركت كل ما سواه. قال سبحانه: ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الشورى: 11).
 

وليتك تـرضى والأنـامُ غضاب

فلـيتك تحلو والحـياةُ مــريرة

وبيني وبـين العـالمـين خراب

وليـت الذي بيني وبينك عامـر

وكـل الذي فوق التراب تراب

إذا صح منك الودُّ فالكــل هيِّن



سبحانه ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (الشورى: 12). لذا، علينا أن نربي أنفسنا على وجوب تعظيم الله تعالى ودوام ذكره. (وكمثال يُراجع كتاب الكافي ج2 باب الثناء والذكر الكثير والتحميد والتمجيد)

* سلوك الأمم الأخرى:
إن سلوك الأديان الأخرى والحضارات البائدة والسائدة، وإن كانت تعبد الخالق تبارك وتعالى وتُجله، لكنها لا تصل إلى درجة التعظيم اللفظي والمفهومي والتفصيلي كالذي راعاه، بل أوجبه، الإسلام. فنلاحظ في لغاتهم وتعابيرهم أنهم لا يمتلكون غِنى ودقة الإسلام، وأن ألفاظهم المحترمة يشترك فيها الخالق والمخلوق... من قبيل: Glorios جليل، سنيّ / Great عظيم / His Majesty صاحب الجلالة! قال سبحانه ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (الزمر: 67). وهم يتمادون في إعلامهم ومسارحهم وأفلامهم وكتبهم وصُورهم... في الألفاظ والمواقف القبيحة في حق الله جلَّ وعلا... وهذا سبب رئيسي في انحراف المسلمين اليوم.

* نماذج في تعظيم الله تبارك وتعالى:
ولتعظيم الله تبارك وتعالى من الناحية اللفظية وفي الخطاب المتداول، مفردات مختلفة مثالها: تبارك وتعالى، تعالى شأنه العزيز، تعالى وبه نستعين، تبارك اسمه، تقدس اسمه،  تعالى جدُّه، تعالى ملكه، عز وجلَّ، جلَّ ثناؤه، جلَّ جلاله، تقدست أسماؤه، الذي يدوم بقاؤه، الذي لا تحصى آلاؤه، سبحانه وتعالى... إلى غير ذلك من المفردات المشابهة وبحسب المناسبة، كأن تقول: باسم الله ناصر المستضعفين، أو باسم الله قاصم الجبارين... وأخيراً  "اللهم لا تجعل أملنا إلا فيك، ولا توكلنا إلا عليك، ولا ثقتنا إلا بك، ولا رجاءنا إلا بما في يديك، ولا حبنا إلا لك، ولا خوفنا إلا منك".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع