مهداة إلى روح الشهيد القائد الحاج جعفر علي مشيك (أبو
حيدر)(*)
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا ما لاح في الكون ظلّ الحزن لِعِظَمِ رزيَّةٍ أفجَعَت أهلَ الأرضِ وَالسّماء ...
بانت أوراقٌ خضراءُ يانعة، تساقطت على درب الكرامة والشهادة ...
تناثرت راضيَةً مطمئنةً حولَ شجرةٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء ..
لتتطاير منها ورقةٌ معلنة عن حكايةٍ مألوفة؛ حكايةِ شهيد ...
خلف سكونِ عينيه؛ تقبَعُ روحَهُ الثَّائرة ...
غريبٌ هو؛ كسيِّدِه ...
ليثٌ حيدريٌّ نهاراً وفي الليلِ عابدٌ محمديّ ...
والبسمةُ ما كانت لتفارق محيّا صدحَ بصدقٍ وإخلاصٍ داخل حرم الحسين متوسلاً "يا
وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله ...".
ليسَ ببعيد أن يكون حينها قد نظر إلى غدِه، وأودع باب الحوائج أمنية اللحاق بهم ...
من كربلاء أرض التضحيات، عاد إلى أرضه وفيه رُوح الفداء قد تلألأت ...
وعلى الجرود تأهَّبَ، وجاهد وقاوم وضحّى ...
فنالَ عطش الشهادة مِنه ما نال ...
وكأنّي بِه يرقُب ساقيَ العطاشى مُنتظراً قدومَه مُرحّباً بِه بيديهِ المقطُوعتين
...
ليأتي النداء من مليكة الأكوان: "ولدي عباس؛ قم واستقبل جعفرَ شهيداً؛ فهذا
النحر قد نزف والفؤاد قد ذاب...".
فكان له ما هو أهلُه، وارتقى ...
وبقيتْ هنا أجزاءَ شَتّى، فجزءٌ في قلبِ أمّه الصبور، وجزءٌ في عيني زوجته
المُحتَسِبة وأجزاءَ تَفرَّقت في دموعِ إخوتِه وأولاده الباكين فَقده ...
ليبقى جزؤُهُ المجاهِد، في عينينِ ناظرتَينِ من خلف البُندقية، وفي أيدٍ قابضةٍ على
الزناد...
فهيهات أن يموت أو أن يُنسى من خَطَّ مسيره في رَكب الحسين هيهات.
وهو سفينة النجاة التي مَن ركبها نجا ومن ت`خلّف عنها لم
يبلغ الفتح
فهنيئاً لك نجاتك وفوزك والفتح المبين.
غوى سيف الدين
(*) استشهد دفاعاً عن المقدّسات بتاريخ: 23/7/2017م.