مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

عقيدة: ضرورة إرسال الأنبياء

آية الله جوادي الآملي

في البحث السابق بيّنا عدة مطالب من القرآن مبنية على أساس أنّ البشر لا يمكنهم إطلاقاً الوصول إلى السعادة بدون الوحي. إحدى الآيات القرآنية في هذا المجال، الآية 1 من سورة الأنعام: ﴿وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء.

فالله رب العالمين المربّي الذي يوصل الإنسان إلى الكمال، الذي لا يتيسر بدون الوحي، يرجع إنكار أولئك الذين لا يؤمنون بالأنبياء إلى عدم معرفته. أيمكن ن يخلق الله الناس لأجل الوصول إلى هدف ومقصد ويدعهم بدون مرشد؟ لا يمكن ذلك أبداً.

* صفات نبي الإسلام
في قسم من آياته يعرّف القرآن الأنبياء بشكل إجمالي، وفي قسم آخر يخص نبي الإسلام بعدة أمور منها:
1- أن وجودَه ضروريٌّ ولازم.
2- دورُ النبي في المجتمع.
3- ما هو تكليف الناس مقابل النبي.

وهكذا يبين القرآن دور الأنبياء وكذلك دور الأمم في مقابلهم. فأحياناً يعرف القرآن نبي الإسلام بعنوان أنه رحمة للعالمين ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. (الأنبياء 107).

حيث يستفاد من هذه الآية:
1- أن شعاع رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عالمي وكذلك هو دائم وخالد. فهو رحمة عالمية لا تحدها منطقة أو زمان.
2- هو رحمة من حيث أنه يأتي بكل ما هو خير للأمة وينهاهم عن كل ما هو شر.
لهذا فإنّ دعوته عامة ودائمة وملازمة للرحمة. وجامع كل هذه الأمور في سورة المائدة الآية (3): ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي...

* الدعوة على أساس البصيرة:
إن نهج الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قائم في كل أحاديث وتعليماته وتربيته ومناقشاته على أساس البصيرة. وفي القرآن يوجد بحث تحت عنوان "الإجابة عن الأسئلة"، بعناوين من قبيل:
﴿يسألونك عن الروح.
﴿يسألونك ماذا ينفقون.
﴿يسألونك عن الأهلّة.
﴿يسألونك ماذا أُحِلَّ لهم.
﴿يسألونك عن اليتامى....

وهذه مطالب تشمل المسائل المعنوية والمادية التي طرحت على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ونهجٌ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مثل هذه الأمور هو ما يظهر في سورة يوسف الآية: ﴿قل هذه سبيل أدعوة إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني.


الدعوة إلى الله (الكمال المطلق). قل إنني أعلم كيف أدعو وإلى أين. وأتباعي يحملون هذا الخط. ومن تكن دعوته لا عن أدلةٍ ولا عن براهين، فهو ليس "على بصيرة". فاتباع الرسول هم أولئك الذين يدعون إلى الله على أساس البصيرة والوَعْي والبُرهان. والبصيرُ هو الذي يتكلَّمُ بعين القلب. ثم إن الإنسان الذي يدعو ولا يعمل لا يكون داعياً إلى الله. لأنه ليس بصيراً لأنه لو كان بصيراً لعمل.
في أحد الأحاديث النبوية جاء أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ما مضمونه: مثلي ومثل أصحابي مثل الذي أشعل ناراً وهو لا يريد من الفَراش والحشرات أن تحترق بلهيبها، وهي تريد ذلك. فإنّي أُصِرَّ على أن يبتعدوا عنها، ولكنّهم لا يحسبون ولا يدفعون الخطر عن أنفسهم لأنّ عملهم ليس على أساس البصيرة ولهذا يقعون في النار.

الشخص الذي لا يعمل لا تكون دعوته على أساس البصيرة فلا تكون صورُه الذهنية ومحفوظاته نوراً له ولا للسامعين.

* تألم الرسول لآلام الآخرين
إحدى الصفات الرسالة هي تحمل النبي لآلام أمته كما جاء في سورة التوبة الآية 128: ﴿لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عَنِتُمْ حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم.
انظروا إلى تعبيرات القرآن الكريم بشأن الأنبياء: ﴿ولقد أرسلنا إلى قوم ثمود أخاهم صالح وقوم عاد أخاهم هود وقوم مدين أخاهم شعيب.
أما بالنسبة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهو يقول: "من أنفسكم" وقد وردت قراءةُ أنفسكم بفتح الفاء أيضاً.
على المسلمين أن لا يتقدموا على الرسول في أفعالهم وأقوالهم وأخلاقهم بل يجعلوه قدوة لهم

* إطاعةُ الرسول إطاعة الله
من خصائص الني أن إطاعته هي إطاعة الله. في سورة النساء الآية 69 جاء: ﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً.

* عدم التقدم عليه
الموضوع الآخر الذي يطرح بشأن الرسول هو أن على المسلمين أن لا يتقدموا عليه في أفعالهم وأقوالهم وأخلاقهم بل يجعلوه قدوةً لهم وأسوةً، في سورة الحجرات الآية (1) نقرأ: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تُقَدِّموا بين يدي الله ورسوله.
كما يصف الله تعالى ملائكته: ﴿بل عبادٌ مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. (الأنبياء/ 27).
وكذلك ما جاء في سورة الحجرات: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي. الآية (2).
وهذا ما ينبغي أن يبقى إلى ما بعد الوفاة.

فإلى جانب العلم يجب أن يكون العمل، فالعمل نور. فإذا أساء المرء التصرف يتركه ويخرج منه هذا النور.
وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل".
فالعلم ليس مجموعة صورة ذهنية بل نور: "العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء".
وفي أصول الكافي يوجد بحث تحت عنوان "باب المستأكل بعلمه" وهو من لا يملك منطقَ ﴿لا أسألكم عليه أجراً.
بل منطقه الفخر يريد جلب وجوه الناس إليه. لهذا جعل العلم وسيلة لتحصيل الدنيا.
فليس كل من جلس إلى مائدة ولي العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف كانت عاقبته خيراً. فلهذا الأمر شروط صعبة.

والحاصل أنه عبر تلك الإبتلاءات الشديدة يكون العالم قد أدى العمل المهم ويوم القيامة يقال لذلك العالم: "قم واشفع".
وهذا هو العالم الذي يمشي على بصيرة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع