إذا مات المسلم وجَب تجهيزه، وهذا يعني: الغسل، والتحنيط،
والتكفين، والصلاة عليه، ودفنه. ويستحبّ الإسراع في دفنه، فإذا مات في النهار
يستحبّ دفنه في النهار نفسه، وإذا مات في الليل يستحبّ دفنه في الليلة نفسها. وهنا
بعض أحكام تجهيز الميّت.
* تغسيل الميّت
1- من يجب تغسيله:
أ- يجب تغسيل كلّ ميّت مسلم على نحو الكفاية، فإذا تصدّى البعض لذلك سقط التكليف عن
الباقين، وإذا لم يجهّزه أحد يأثَم كلّ قادر على ذلك.
ب- الأحوط وجوباً تغسيل غير الاثنيّ عشريّ بالجمع بين الكيفيّة التي عندنا والتي
عندهم. وإذا غسله أهل ملّته بحسب الكيفيّة عندهم يسقط التكليف عن الباقين.
ج- لا يجوز تغسيل النواصب والخوارج والغُلاة وغير المسلمين.
د- يجب تغسيل السقط إذا تمّ له أربعة أشهر هلاليّة فصاعداً، وإذا لم يتمّ له أربعة
أشهر فلا يجب تغسيله حتّى وإن ولجته الروح، بل يُلفّ في خرقة ويدفن.
هـ- يجب تغسيل أطفال المسلمين، حتّى ولد الزنى.
و- المؤمن الذي يُقتل في سبيل تنفيذ أحكام الإسلام أو في التظاهرات أو في الجبهة في
سبيل تطبيق الفقه الجعفريّ له أجر وثواب الشهيد، وأمّا أحكام تجهيز الميّت الشهيد
فتختصّ بمن استشهد في ساحة الحرب في المعركة أثناء اشتعال نار الحرب، فيصلّى عليه
ويُدفن في ثيابه.
ز- المسلم المنتحر أو الذي نُفّذ فيه حكم الإعدام فحكمه حكم سائر المسلمين، وتجري
عليه الأحكام والآداب الإسلاميّة التي تجري على الأموات المسلمين.
2- شروط المغسِّل:
أ- يشترط في المغسِّل ثلاثة أمور وهي:
الأوّل: المماثلة في الذكورة والأنوثة، ولو غَسَّل الميّتَ غيرُ المماثل مع
وجود المماثل لم يصحّ الغسل. ويستثنى من ذلك ثلاث حالات:
1- يجوز تغسيل الطفل الذي لم يتجاوز ثلاث سنوات قمريّة من المماثل وغيره، ولو مع
التجرّد من الثياب.
2- يجوز لكلّ من الزوجين تغسيل الآخر ولو مع وجود المماثل، ولو مع التجرّد من
الثياب.
3- يجوز تغسيل المحارم من الجنس الآخر مع فقد المماثل، ويجب ستر العورة.
الثاني: أن يكون المغسِّل مؤمناً اثني عشريّاً.
الثالث: أن يكون المغسِّل بالغاً على الأحوط وجوباً.
3- كيفيّة غسل الميّت:
يجب تغسيل الميّت ثلاثة أغسال بالترتيب الآتي:
الأوّل: بماء السِّدر.
الثاني: بماء الكافور.
الثالث: بالماء الخالص.
4- شروط غسل الميّت:
أ- يجب مع الإمكان تطهير بدن الميّت قبل الغسل.
ب- الترتيب بين الأغسال، فيجب تغسيله بماء السدر أوّلاً، ويكون السدر بمقدار يصدق
أنّ الماء مخلوط بالسدر، مع بقاء الماء على إطلاقه، فلا يصير مضافاً. ثمّ يجب
تغسيله بماء الكافور ثانياً، ويكون الكافور بمقدار يصدق عليه أنّ الماء مخلوطٌ به،
مع بقائه على إطلاقه، ثمّ يجب تغسيله بالماء الخالص، ثالثاً.
ج- يشترط أن يكون كلّ غسل ترتيبيّاً، فلا يصحّ الارتماسيّ، فيجب غسل الرأس والرقبة
أوّلاً، ثمّ الجانب الأيمن، ثمّ الجانب الأيسر، ويجب إدخال شيء يسير جدّاً من كلّ
جزء من الأجزاء الأخرى، من باب المقدّمة العلميّة (أي: ليعَلم بأنّه غسل الجزء
كلّه).
5- تعذّر السدر والكافور:
إذا تعذّر السدر والكافور أو كلاهما فيجب تغسيل الميّت بالماء الخالص بدلاً عن
الخليط المفقود، بنفس ترتيبه، مع نيّة البدَليّة.
مثلاً: تعذّر السدر، فيغسله بالماء الخالص بدلاً عن ماء السدر، ثمّ يغسله بماء
الكافور، ثمّ بالماء الخالص.
مثال آخر: تعذّر الخليطان (السدر والكافور)، فيغسله بالماء الخالص بدلاً عن ماء
السدر، ثمّ يغسله بالماء الخالص بدلاً عن ماء الكافور، ثمّ يغسله بالماء الخالص.
6- فقدان الماء:
لو فُقد الماء للغسل، فييمّم أوّل مرّة بدلاً عن ماء السدر، ثمّ ييمّم ثانياً بدلاً
عن الكافور، ثمّ ييمّم ثالثاً بدلاً عن الماء الخالص.
ويشترط أن يكون التيمّم بيديّ الميت مع الإمكان، فيمسك الحي بيديّ الميّت ويضرب
بهما على الأرض، ثمّ يسمح بهما جبهة الميّت وجبينيه، ثمّ يمسح بباطن الكفّ اليسرى
ظاهر الكفّ اليمنى، ثمّ يمسح بباطن الكفّ اليمنى ظاهر الكفّ اليسرى، والأحوط وجوباً
أن يعيد ضرب يديّ الميّت مرّة ثانية ويعيد مسح ظاهر الكفّ اليمنى، ثمّ ظاهر الكفّ
اليسرى.
فإن لم يمكن ييمّمه الحيّ بيديه، بأن يضرب الحيّ بباطن كفّيه الأرض ويمسح بهما جبهة
الميّت وجبينيه، ثمّ يمسح ظاهر الكفّ اليمنى بباطن كفّه اليمنى، ثمّ يمسح الحيّ
ظاهر كفّ الميّت اليسرى بباطن كفّه اليسرى، والأحوط وجوباً أن يعيد ضرب باطن كفّيه
بالأرض مع مسح كفَّي الميّت من جديد.
7- تعذّر بعض الماء:
إذا لم يكن عنده من الماء إلّا ما يكفي لغسل واحد، فمع وجود السدر يغسله بماء
السدر، ثم ييمّمه بدلاً عن ماء الكافور، ثمّ ييمّمه بدلاً عن الماء الخالص.
ومع عدم وجود السدر، فيغسله بالماء الخالص بدلاً عن ماء السدر (حتّى لو كان الكافور
موجوداً)، ثمّ ييمّمه بدلاً عن ماء الكافور، ثمّ ييمّمه بدلاً عن الماء الخالص.
8- الجسد المتضرّر:
لو كان جسد الميّت مصاباً بحيث يخاف من تناثر جلده لو غُسّل فيجب أن يُيمّم ثلاث
مرّات بالترتيب السابق.
9- المجنب أو نحوه:
إذا مات المجنب أو الحائض أو النفساء أجزأ غسل الميّت عن الغسل الذي كان واجباً
عليه قبل الموت.
10- الأجرة على التغسيل:
غُسل الميّت من العبادات، تشترط في صحّته نيّة القربة؛ نعم يجوز أخذ الأجرة عليه.
كانت هذه جملةً من الأحكام الخاصّة بتجهيز الميّت، وللكلام تتمة.