مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

احذروا انحرافات أهل الصوفية باسم العرفان

الشيخ شفيق جرادي


سعى الكثير من الباحثين لتحديد المعنى المقصود من كلمة " التصوف" والتي يعيد البعض تاريخ ظهرها إلى القرن الهجري الأول حيث ينقلون عن الحسن البصري (642- 728م) (21- 110 هـ) أنه قال: " رأيت صوفياً في الطواف فأعطيته شيئاً فلم يأخذه وقال معي أربعة دوانيق فيكفيني ما معي" (1). وذهب بعض المستشرقين والمحققين إلى احتمالات أخرى منها:

أ- أن أصل الكلمة من الصفاء.
ب- أن الأصل يعود إلى أصحاب الصفة.
ج- أن الأصل يعود إلى الكلمة اليونانية " سوفيا" أي الحكمة.
د- أن الأصل يعود إلى كون هؤلاء الناس كانوا يلبسون الصوف.

وكان أهل الصوفية يعتدُّون ويشقون بما يصدر عنهم من أفعال وأقوال وأفكار وخواطر بحيث أن هذه الثقة تكاد تشكل ضمانة ثبات أو عناداً على الباطل أحياناً. لذا يقول عنهم بعض المؤلفين " كل كلمة خطها الصوفية خالدة كالقلب الصوفي، خالدة لا تموت لأنها ارتبطت بالله، واستهدفت رضاه، واقتبست من هداه، وأشرقت بحبه، وأضاءت بنوره. ولهذا آمن الصوفية بأنهم أحباب الله وأصفياؤه وأولياؤه وصفوة بعاده وحراس ينابيعه وآياته" .

وهذا النص في دلالته يكشف عن السبب الذي لأجله كان أهل الصوفية يتخذون موقفاً سلبياً من أهل الفقه فيسمونهم ب" القشريين" . ويتهمونهم بأنهم لا يفهمون حقائق الدين ومعانيه، بل ويتهمون كل من لا يؤخذ طريقهم بأنه مضلل لم يتسرب نور الإيمان بجمال الله سبحانه وجلاله إلى قلبه.. ويروون بهذا الصدد أن أحد المريدين للشيخ ابن عربي قال له: " إن الناس لا يصدقون طريقتنا... فقال الشيخ: إذا طلب منك أحدٌ حجة لمعرفة هذا الطريق فاسأله: كيف تعرف أن العسل حلو المذاق؟ فإذا قال: قد ذقته بالذوق يعرف. فقال له: وكذلك التصوف لا تعرفه حتى تذوقه" .

وجاء عن بعضهم قوله: " الصوفي كأرض يطرح كل قبيح ولا يخرج منه إلا كل مليح" . لذا فإذا أخذت الصوفية طابع الحركات والمجموعات التي تلبس زياً زياً لا هو زي رسول الله صلى الله عليه وآله... وارتياضات ما التزم بها النبي صلى الله عليه وآله يوماً.. وأفكاراً تحلل ما حرَّم الله وتحرَّم ما أحله، أحياناً؛... إذا صار الرقص عبادةً، وقول الأباطيل ديناً، والمعاشرة المحرمة إخاءً، والبدعة الضالة المضلة دعوة، والسعي لكسب قلوب الناس والمريدين ولاية، والخطأ في الفعل والقول والسلوك والفكر هبة، وكل ذلك باسم التصوف أو العرفان، فإن الحجج والإدعاءات جاهزة.
1- لأنهم هم الخالدون وغيرهم الزائل.
2- والمصيبون وغيرهم الخطأة.
3- وأحباب الله وغيرهم أعداؤه.
4- وحراس صراطه وغيرهم قد أضلوا السبيل.
5- وهم الأرض التي لا يخرج منها إلا الصلاح...
والواقع أن في ذلك غياباً لمعايير الشريعة والعقل الفطري والسنن النبوية لرسولنا محمد وآله الأطهار عليه السلام..

* من هم أهل المعرفة والعرفان؟
كل الذي أسلفناه لا يعني أننا نرفض الخط الذي يسعى لنيل رضى الرحمن سبحانه عبر " السير والسلوك" لكننا نعتبر ضرورة تحقيق أمرين:
الأول: الأخذ بمعايير الدين الحنيف ابتداءً من ظاهر كل أحكام الدين واعتبار حقائق الدين إنما تكمن في ظاهره ومظاهره وليست أمراً مفصولاً عنها.. وإن المصدر الفعلي للعرفان هي:
أ- نصوص الكتاب العزيز.
ب- أحاديث آل بيت العصمة.
ج- الأدعية والمناجاة والزيارات.
د- الأحكام الأخلاقية والفقهية التي أقرها دين نبينا محمد صلى الله عليه وآله.
هـ ضرورة موافقة كل كشف لمقتضيات العقل الفطري.
العارف من كل مستغرق التأمل في عظمة ربه سائلاً منه عزّ وجلّ أن يملأ قلبه بنور معرفته

الثاني: اعتبار أن هدف العارف إنما هو الله سبحانه. لا تتبع عثرات الناس؛ واعتماد الوسائل والألاعيب والأذكار غير المحققة لاستمالة قلوب وعقول الناس؛ أو العمل على تكتيل المجموعات لتتحول إلى حزب له سماته ولمساته الاجتماعية، أكثر من أنّ تكون سبيلاً وطريقاً إلى الباري سبحانه، وأن يكون القلب مرتبطاً بالكامل بربه سبحانه وتعالى. فـ" الزاهد هو من عزف عن مغريات الدنيا كلها، والعابد من قضى عمره في الصلاة لتنفيذ تعاليم ربه. والعارف من كان مستغرق التأمل في عظمة ربه سائلاً منه عزّ وجلّ أن يملأ قلبه بنور معرفته. اللهم أيقظ قلوبها بمنك وأكتب لنا حسن العاقبة وتوفنا مع الأبرار بحق محمد وآله الأطهار عليهم السلام.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع