أخي القارئ مع كلّ عدد من مجلة بقية الله أنت على موعد مع نزهة وجيزة داخل عالم الكتب الإسلامية، نختار فيها باقة من بساتين العلماء سواء المعاصرون منهم أو القدماء، لكي نتعرف على التراث الإسلامي العظيم الذي قدم خدمات جليلة لعالم الفكر والإنسانية.

* الحركات الإسلامية في القرن الأخير
يتحدث الشهيد العلامة مرتضى المطهري في بحث موجز عن أهم الحركات الإسلامية التي ظهرت في السنوات المئة الأخيرة في عالم الشيعة، والسنة والتي كانت تهدف إلى إعادة الهوية الإسلامية أو الاستلهام من الإسلام في حركتها التحرّرية. ويعالج الشهيد في فصول عديدة كلّ حركة أو حتّى شخصية كان لها تأثير قيادي وجماهيري من جوانب عديدة، ويكشف نقاط الضعف والقوّة وأهمّ المشاكل التي عانت منها تلك الحركات.

* معارف القرآن
كتاب عقائدي فكري أصولي للأستاذ الشيخ محمد تقي المصباح اليزدي يبحث في معرفة الله والعالم ومعرفة الإنسان والطريق. ومن خلال هذه المعارف يطلّ الشيخ اليزدي على أهم الأصول الاعتقادية من زاوية القرآن الكريم محاولاً تجنب الانطلاق من المسلمات العقائدية المعروفة ليرسم بذلك صورة قرآنية مميزة.

فرغم وجود العديد من الأدلة الفلسفية والكلامية على التوحيد اكتفى الأستاذ المصباح بما يقدمه القرآن بهذا المجال وساق أدلّته وبيانه بعيداً عن المقدمات الحكمية المعروفة، وقد يبدو للوهلة الأولى أنّ ما سيقدمه الكاتب لن يعدو صفحات قليلة أو رسالة موجزة. ولكن القارئ سيفاجأ بحجم الكتاب إذ جاء في أربعة أجزاء من القطع الكبير في أكثر من ألف صفحة.

في الجزء الأول "معرفة الله" يتناول الأستاذ أهم النقاط المتعلّقة بإثبات الوجود والتوحيد والصفات والأفعال الإلهية والقضاء والقدر بالبحث، وينبغي الإشارة هنا إلى أنّ ما كتبه الشيخ وإن كان يدون في فلك القرآن فقط إلاّ أنّه لم يكتفِ بمجرّد الاستعراض بل أعطى كلّ نقطة حقّها في البحث العقلي وتطرّق أحياناً إلى البحث المقارن بين الفرق والمذاهب.

وفي الجزء الثاني يجول الكاتب في آفاق هذا العالم من سمائه وأرضه وظواهره ومخلوقاته من الملائكة والجن والشيطان والحيوانات والطيور مسافراً في رحاب الآيات القرآنية مطلاً على الآيات الأفاقية.

أما الجزء الثالث فهو في معرفة الإنسان. ومنه ينطلق إلى البحث في المعاد والحياة الآخرة لارتباطها الأساسي بالهوية الإنسانية. وهذا النمط من التقسيم يعود إلى بعض الفلاسفة كصدر المتألهين الذي يجعل سفر النفس من الأسفار الأربعة باباً للدخول في المسائل المَعادية.

إضافة إلى هذا فالكاتب حاول سَبْر أعماق النفس الإنسانية في نزعاتها وميولها وغرائزها. واستدلّ على تجرد الروح وتميزها عن المادة والماديات.
في الجزء الرابع "معرفة الطريق" يبحث الأستاذ المصباح موضوع النبوة التي هي الطريق للوصول إلى الهدف الذي خلق لأجله الإنسان.
وبتعبير آخر الرابط ما بين الخالق والمخلوق. وبما أنّ هذه الظاهرة كان لها آثار عظيمة ودار حولها الكثير من الجدال والنقاش فأنكرها المنكرون وآمن بها المؤمنون فقد أفرد الكاتب فصلاً خاصاً للبحث في إثباتها وطرق التعرّف عليها بعد إثبات ضرورتها من حيث هي.

طبع الكتاب في مجلدين بترجمة الأستاذ الشيخ عبد المنعم الخاقاني على يد الدار الإسلامية في بيروت 1988/1989 م.
 

* طريقك إلى المطالعة
أخي القارئ. في العدد السابق كان حديثنا حول أهمية المطالعة ودورها في حياة الإنسان وقد بيّنا بشكل مختصر نظرة الإسلام إلى العلم والتعلّم فعرفنا أنّ الإيمان لا يتخذ هويته الحقيقية إلاّ بالعلم والمعرفة، فلا إيمان بدون معرفة. ومن جانب آخر فالإيمان بالله ورسوله وشرائعه وأحكامه يدفع الإسنان إلى الاطلاع والتعرف وهذا ما يتطلب منه حباً للعلم والمطالعة والمباحثة والدراسة.

أنا أعرف أنّك لو حاولت عدّة مرات أن تصبح من المطالعين الجيدين أو كنت تتمنّى أن تكون كذلك، ولكنك لم تعرف من أين تبدأ وما الذي يجب أن تقرأه.

في البداية عليك أن تختار لنفسك النصوص المختصرة التي لا تتعدّى صفحة واحدة أو اثنتين من صفحات المجلة، وربما يصيبك ما يصيب البعض فتذهل (تشرد) عن الموضوع لتجد نفسك عند آخر جملة في النص لم تفهم شيئاً. هنا عليك بإعادة المحاولة والتركيز. والتركيز يحتاج إلى جو هادئ بعيد قدر الإمكان عن الضجيج والأصوات العالية. فإذا كان اختيارك للنص أو الموضوع موفقاً فسوف تشعر بالسعادة لأنّك أنهيت القصّة بكاملها وعرفت نهايتها.
إذا كنت تختار في كلّ عدد من مجلة بقية الله تلك المواضيع المختصرة وتواظب على قراءتها فسوف تشعر بعد مدّة بأنّك تقدر على الانتقال إلى المواضيع الأطول وهكذا.

في ختام حلقتنا نصيحة: أعرف أنّ الابتعاد عن المطالعة هو السبب الأساسي في نفورك منها.