نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي يجيب على: تساؤلات حول ظهور الإمام


حوار: محمد ناصر الدين‏


يتزايد الحديث عن بعض المفاهيم المتعلقة بظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه وعلامات آخر الزمان لا سيما بعد نمو بعض الأفكار والمعتقدات وبروز ظاهرة التقدم العلمي والتطور التكنولوجي ووقوع بعض الأحداث والحديث عن أخرى سوف تقع، وتحليل بعض الحروب وحصول بعض الانتصارات هنا وبعض الهزائم هناك وربط هذه الأمور بآخر الزمان وبما تحدثت عنه الروايات والأحاديث الشريفة، ومن هذه القضايا: العولمة وتأثيرها على حركة ظهور الإمام عجل الله فرجه وعلاقة بعض الأحداث والاكتشافات والتطور العلمي الحاصل بها مروراً بعلامات الظهور الحتمية وغير الحتمية وعلاقة قيام الكيان الصهيوني بظهور الحجة عجل الله فرجه، وإمكان رؤية الإمام عجل الله فرجه وغيرها من القضايا التي حملناها إلى سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي لتكون محور الحديث معه نسلِّط الضوء عليها وليجيبنا على بعض التساؤلات المطروحة حولها:

* هل للعولمة تأثير على حركة ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه؟
العولمة هي محاولة صوغ نظم وقيم جديدة يرتكز عليها النظام العالمي الذي يفكرون فيه، وهؤلاء الذين يسعون إلى صوغ هذه النظم، وإلى التلاعب بالقيم وإيجاد بدائل عن بعضها والاستغناء عن البعض إنما يفعلون ذلك لأهداف ترتبط بمصالحهم أو لأهداف فئوية أو طبقة بعينها ولا يريدون للشعوب أن تعيش العالمية بالمعنى الصحيح لأن نظمهم وقيمهم لا تُصلح المجتمعات العالمية ولا تحل مشاكلها وإنما تؤثر على فطرتها وتنسف الكثير من القيم الحقيقية المقبولة التي من شأنها حفظ مسيرتها، حيث أن الحق هو الذي يحفظ الوجود وبه يتنامى الإنسان ويتكامل، وهؤلاء الذين يسعون إلى العولمة إنما يريدون أن يُخضعوا البشرية لمجموعة نظم تسلب اختيارها وتجعل كل جهدها وحركتها في خدمة أهدافهم وتهيمن على مسيرتها وتمتص خيراتها وقدراتها وإمكاناتها وسينتج عن ذلك تخريب لفطرة الشعوب، وبلبلة في المفاهيم، وغياب للقيم، وهذا الأمر يعرقل حركة الظهور لأن الإمام المهدي عجل الله فرجه لا بد وأن يظهر في محيط قادر على احتضان حركته والدفاع عنها وحمايتها فإذا لم يكن هناك فطرة صحيحة وقيم واقعية إلهية فلا يمكن أن يوجد ذلك المجتمع الذي يحمي حركة الإمام عجل الله فرجه ويساعد على انتصارها في معركتها مع الفريق الظالم. إذن لا بد أن يكون هناك نوع من عدم العولمة ليكون هناك مجتمعات قادرة على أن تتفلت من نير الاستعباد العولمي تتنامى وتتربى فيها كوادر وذهنيات وطموحات تتناسب مع فكر الإمام عجل الله فرجه وتوجهاته وتُربي له الجنود الذين سيكونون حماة دعوته.

* ولكن الروايات تقول بأن الإمام عجل الله فرجه سيظهر بعد أن تُملأ الأرض ظلماً وجوراً، وقد فسّر البعض هذا الأمر بأن ظهوره عجل الله فرجه مرتبط بكثرة الفساد والظلم؟
الإمام المهدي عجل الله فرجه لا يخرج بطريقة المعجزة المطلقة بدليل أن خروجه سيترافق مع القتال والاستشهاد وستكون هناك حروب فيها انتصارات، وفيها مآسي فلو كانت القضية قضية إعجاز إلهي لما كان تأخر الظهور إلى هذا الوقت، ولما احتاج عجل الله فرجه إلى الحرب. اللَّه يريد للناس أن يمارسوا حرياتهم واختيارهم بحيث لو أنه بقدرته الغيبية والإلهية قد سلب هذا الاختيار منهم لكان تعالى ظالماً لهم (تعالى اللَّه عن ذلك) لأنه ليس بظلام للعبيد. لا بد للناس أن يمارسوا اختيارهم ولذلك فإن بعضهم يحارب الإمام، فلو كانت القضية غيبية لكانوا مُنعوا من هذه الحرب. التدخل الإلهي إن حصل فإنما يحصل في خارج دائرة اختيار الإنسان وليس في محيطه، مثل التدخّل الإلهي الذي حصل في قضية النبي إبراهيم عليه السلام حين قال للنار كوني برداً وسلاماً لكنه لم يمنع جنود النمرود من جمع الحطب ولم يحبس أقدامهم عن المشي في هذا السبيل ولم يمنعهم من إضرام النار والإتيان بالمنجنيق والامساك بإبراهيم عليه السلام وحمله ووضعه وإرساله إلى النار، بل اشتعلت النار وحصل كل شي‏ء أرادوه ثم تدخل اللَّه خارج دائرة اختيارهم وقال للنار كوني برداً وسلاماً.

* هل يصح الجزم بتطبيق علامات الظهور على مفردات الواقع؟
علامات الظهور هي مجموعة نصوص ذُكرت في كلام الرسول والأئمة عليهم السلام وقد ربطت بعض هذه النصوص علامات الظهور بالإمام أو بالزمان القريب من ظهوره، وبعضها الآخر ورد تحت عنوان ما يحدث في آخر الزمان مما أطلق عليه اسم الملاحم والفتن. آخر الزمان فيه إشارة إلى الإمام عليهم السلام لأنه هو الذي يتوِّج جهود الأنبياء وتُبنى دولة المؤمنين على يديه، وبعض الأحاديث التي رُبطت بالظهور كانت صريحة وظاهرة الإنطباق، وعلى سبيل المثال في قضية انتقال الحوزة من النجف الأشرف إلى قم فقد صرّحت الرواية بحصول ذلك عند قرب ظهور الإمام القائم عجل الله فرجه لكن هذا القرب لم يتحدد مقداره وقد تحقق الأمر وانتقلت الحوزة في أوائل السبعينات فهنا لا إشكال في التطبيق أما التطبيق بالنسبة للقرب ومقداره وتحديد الوقت فإنه في غير محله. وعلامات الظهور هي أشياء محددة قالها النبي والأئمة لأجل الربط على قلوب شيعة أهل البيت وهم يواجهون التحديات والشبهات والضغوطات الهائلة، فإذا انطبقت انطباقاً صريحاً فلا إشكال وإلا فنحن لسنا بحاجة إلى محاولة تمحُّل الإنطباق والتأويلات بشكل غير ظاهر.

* يُقال أن المهدي عجل الله فرجه عند ظهوره يخاطب العالم كلٌ بلغته ويشاهده من في الشرق والغرب فهل يمكن اعتبار الستالايت والانترنت ووسائل الاتصال الحديثة من مقدمات ظهور الإمام عجل الله فرجه لأن هذه الوسائل تنطبق على ما جاء في الروايات؟
هذه ليست من علامات الظهور لكن لا بأس بها لتقريب الفكرة لأجل تيسير الإيمان بالأمور التي وردت في الروايات. إن وجود هذه المخترعات ييسِّر لنا الإيمان بصحة وصدور الروايات التي تتحدث عن أن النبي والإمام تطوى لهم الأرض وأنهم يشهدون على الخلق ويرون أعمالهم، ولكنهم لا يرون الأعمال بهذه الوسائل كشاشة التلفاز ولا يسمعون أقوالهم بواسطة جهاز إرسال بل هناك إمكانات زوّدهم اللَّه بها لا تخطر لنا على بال لكن هذه الاختراعات تقرِّب لنا التصديق واليقين بتلك الأمور وتيسر فهمها لنا وإن لم نستطع أن نعرف حقيقتها بدقة. وأيضاً هناك رواية عن أن من في المشرق يسمع من في المغرب. فيمكن تطبيقها على آلات الإتصال الموجودة اليوم. هذه الأشياء التي اخترعت تيسر لنا الإيمان بما هو أكثر عمقاً ودقة من هذا، فمثلاً نحن الآن نتحير كيف يستطيع ملك الموت أن يقبض روح من في المشرق ومن في المغرب في لحظة واحدة فيكون واقفاً أمام كل واحد منهم في نفس اللحظة، الآن بدأنا ندرك أن هذا ليس محالاً عقلاً لكن نحن لا نستطيع أن نكتشف حقيقته بسبب قصورٍ فينا. أيضاً يقول القرآن الكريم ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ويقول: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، وهناك مسألة الرؤيا والمنام التي يرى الإنسان فيها ما يحتاج إلى ساعات وأيام في ثوان. فإن هذا يسمى اختصاراً وتصرفاً بالزمن ومعنى ذلك أن التصرف بالزمن ممكن كما أن التصرف بالمكان ممكن أيضاً كما ورد في موضوع طي الأرض للأنبياء والأئمة عليهم السلام فالمكتشفات يسّرت لنا الإيمان بهذه الأمور وإن لم نستطع أن ندرك حقيقتها بطريقة مباشرة.

* هل لقيام الكيان الصهيوني علاقة بظهور الحجة عجل الله فرجه وكيف؟
ما نقرؤه في القرآن الكريم يدلنا على أن هناك دولة ستنشأ وأن هناك إفساداً وعلواً واستكباراً من اليهود سيحصل في آخر الزمان وسيكون لهم مع أهل الحق صولات وجولات ونزاع عظيم وقد تحقق هذا الأمر قبل خمسين سنة ولا نزال نعيش أحداثه، ونشاهد فصولها.. وقد ترافق ذلك مع موضوع انتقال الحوزة من النجف إلى قم وقلنا إن الأحاديث أشارت إلى أن ذلك سيحصل (عند قرب الظهور) وها قد مضى نحو ثلاثين سنة على انتقال الحوزة وذلك كله يدل على أن الحدث الإسرائيلي الذي حصل إنما حصل (عند قرب ظهور قائمنا عجل الله فرجه) بحسب النص. لكن السؤال هنا: هل سيحصل بداء في طول الزمان ما بيننا وبين الإمام عجل الله فرجه؟ وما هو مداه وكيف سيكون التعامل مع الأحداث؟ وهل سيؤخر هذا التعامل مع الأحداث الظهور أم سيقربه؟! هذا ما لا نعلمه!

* ما هي علامات الظهور الحتمية والعلامات غير الحتمية وما هو الفرق بينهما؟ ولماذا يكون هناك فرق؟
العلامات الحتمية هي المتصلة بالظهور مباشرة لأجل الدلالة على الإمام عجل الله فرجه حتى لا يبقى عذرٌ لمعتذر على وجه الأرض فيقول إنه ما عرف الإمام أو شك فيه، فهذه العلامات ومنها الخسف بالبيداء وخروج الشمس من مغربها وخروج السفياني والأمور الأخرى التي ذكرت في الأحاديث تكون لقطع العذر وإقامة الحجة، أما العلامات غير الحتمية فقد ورد في الروايات أنها في معرض البداء ويمكن هنا توضيح البداء بصورة مختصرة جداً فنقول: إن البداء هو في الحقيقة إخبار عن الأمور بطبيعتها كأن نقول إن هذه السيارة بحسب وضعها العادي تخدم عشر سنوات لكن لم نقل إنه سيأخذها المشتري وبعد عشرة أيام سيتعرض لحادث مروع وتتحطم، أو نقول إن هذا الإنسان يعيش مئة سنة بحسب تكوينه الطبيعي وما يقتضيه قانون الحياة ولكن لا نقول أن إنساناً سيقتله في عمر الثلاثين، رغم معرفتنا بذلك ولا نقول أنه إذا وصل رحمه سيعيش مئة وثلاثين سنة وإذا قطع رحمه فينقص من عمره ثلاثون عاماً. فالذي يُكتب في اللوح هو ما اقتضته القوانين والحكمة، والرسول صلى الله عليه وآله يخبرنا به. لكن لا يخبرنا عن الموانع والأشياء المستجدة لأننا لو عرفنا ما في أم الكتاب وهو المطابق لعلم اللَّه لصرنا جبريين ولأصبحنا لا نخطط ولا نعمل ولا نتنامى ولشُلّت الحياة، فالبداء شي‏ء مهم جداً في ديمومة الحياة والطموح والمستقبل، فالمزارع الذي يزرع أرضه إنما يزرعها على أمل استثمار ثمرات مهمة بعد شهور وهو لا يدري أنه سيأتي سيل ويخربها فلو عرف ذلك لم يزرع. فتغييب هذه المستجدات ضروري لاستمرار العمل والطموح والتخطيط. وهذا المبدأ مهم أيضاً في علامات الظهور حتى لا نشعر بالجبرية والخمول والاستسلام للظالمين، والاعتقاد بالبداء في علامات الظهور لازم والاعتقاد بعلامات الظهور لازم أيضاً بحيث لو وُجد أحدهما دون الآخر لوقعنا في الخلل.

* هل يمكن لأحد أن يرى الإمام الحجة عجل الله فرجه؟
يمكن ذلك وليس هناك مانع من رؤية الإمام المهدي عجل الله فرجه ولكن دون أن يدّعي أنه يحمل منه مهمات ورسائل. ونحو ذلك ورؤيته ليست محالاً وقد رآه كثير من علمائنا ولكنهم بقوا في دائرة عدم الإدعاء ولم يقل أحد منهم أنه كُلّف بمهمة ما.

* كيف نميّز بين من يرى الإمام عجل الله فرجه حقيقة وبين من يدّعي ذلك كذباً؟
على من يرى الإمام عجل الله فرجه أن يثبت ذلك بشكل قطعي بعد أن يعلم بأن هذا الذي رآه هو الإمام بشكل جازم وكيف يستطيع أن يثبت وأنّى له ذلك؟ ولا بد للذي يمكنه رؤية الإمام عجل الله فرجه أن يكون قد بلغ من التقوى والإنضباطية بحيث يراه كل البشر على خط اللَّه وفي صراط العدالة. وأن لا يدّعي أنه كُلّف بأي مهمة أو تكليف خصوصاً بما يرتبط بالتعديات على حقوق البشر. كأن يقول: رأيت الإمام عجل الله فرجه وقال لي إن فلاناً فاجر... فهذا ما لا يفعله علماؤنا وهم يتسترون على هذا الأمر ما أمكنهم. فالمعلن به متهم في دينه وفي نواياه وفي تقواه.

* هناك من يتحدث عن أخذ تكاليف خاصة من الإمام عجل الله فرجه؟
هذا ليس صحيحاً ولا يوجد تكليف خاص فمن ادّعى ذلك فكذبوه.. وكما قلت: هؤلاء متهمون في دينهم وفي تقواهم وفي نواياهم.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

سيراليون

علام عسيلي

2019-07-19 11:47:26

ماجور مولانا وجعلنا مماً يشهدون هذا الظهور المبارك ، معلومات قيمة