نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

في رحاب بقية اللَّه‏: مؤشرات قرب الظهور

الشيخ نعيم قاسم

 



عندما نتحدث عن اقترابنا من ظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، فإنَّنا نصيب الحقيقة لأسباب عدة أهمها:
1- للظهور زمن محدَّد في علم اللَّه تعالى، ومرور الزمن يعني اقترابنا من الوقت المعلوم، فإذا قلنا بأننا أقرب إلى الظهور من أي وقت مضى، فهذا صحيح بلحاظ الوقت، وهذا ما يدفعنا إلى أن نهيئ أنفسنا أكثر، وأن نتوقع تراكم العلامات وتسارعها لتعجيل الفرج، يحدونا الأمل بأن يكون عصرنا عصر الظهور، نظراً للأحداث الخطيرة والكبيرة التي بشرت بها الروايات كمؤشرات للعصر الموعود.

2 - ازدياد الفساد مؤشر لقرب الظهور، فعن أمير المؤمنين علي عليه السلام: "أمَّا أنَّه سيأتي على الناس زمانٌ، يكون الحق فيه مستوراً، والباطل ظاهراً ومشهوراً، وذلك إذا كان أولى الناس أعداهم له، واقترب الوعد الحق، وعظُم الإلحاد، وظهر الفساد، هنالك ابتُلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً، ونَحَلَهم الكفار أسماء الأشرار، فيكون جهدُ المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس إليه، ثم يتيح الفرج لأوليائه، ويظهر صاحب الأمر على أعدائه"(1). يعمُّ الفساد كل شي‏ء، بحيث تنقلب المفاهيم، فيصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، بل تكون الدعوة إلى المنكر على أساس أنَّه المعروف، ويُضيَّق على المؤمنين حتى يشعروا بالاختناق، وينعت الكفار المؤمنين بصفات الشر والانحراف والإرهاب، ولا تبقى صورة من صور الفساد الأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي إلاَّ وتظهر بين الناس. وقد عبَّرت الروايات المتواترة عن زمن ظهوره الشريف بامتلاء الأرض ظلماً وجوراً، ففي إجابة الإمام الصادق عليه السلام لمن سأله عمن هو الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، قال: "الذي يملؤها عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً"(2)، عندها يكون الفرج إن شاء اللَّه تعالى، فعن الرسول صلى الله عليه وآله: "اشتدي أزمة تنفرجي"(3).

3 - بروز الثلة المؤمنة مؤشر لقرب الظهور، حيث يتهيأ العدد المناسب لصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه، وتكون الأمة قد تأهلت لقيادته المباشرة، ويظهر على هذه الثلة الصلاح والاستقامة والدعوة إلى دين اللَّه تعالى، وإلى قائم آل محمد عجل الله تعالى فرجه، وتواجه الكفر بصلابة وشدة، وتتحمل التضحيات الكثيرة لتحافظ على دينها، ويلمع نجمها في الساحة السياسية. ولا عذر للمؤمن أن لا يكون مع هذه الجماعة، التي تدافع عن الحق، وتصمد أمام رياح الظلم العالمي. ولعلَّ أبرز مصداق لهذه الجماعة في العصر الحديث هي راية الخراساني، حيث نشأت دولة إيران الإسلام على يد الإمام الخميني قدس سره، بشعار لا شرقية ولا غربية، وحملت لواء الإسلام، وهي تدافع عنه بكل صلابة وثبات ورجاء بنصر اللَّه تعالى، وتسليم الراية إلى صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه. وفي الحديث من مصادر كثيرة عن الرسول صلى الله عليه وآله: "إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فائتوها ولو حبواً على الثلج، فإنَّ فيها خليفة اللَّه المهدي عجل الله تعالى فرجه"(4).

4 - اكتمال عدد أهل بدر وهو ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، هم بمثابة القادة الذين يجتمعون عند الإمام عجل الله تعالى فرجه في ليلة واحدة في مكة المكرمة، ليوجههم إلى أنحاء العالم كافة، كممثلين عنه لقيادة المسلمين المنتشرين في أقطار المعمورة. وقد التبس الأمر على بعض من عاصر الشيخ المفيد قدس سره، وكان يعتقد أن عدد المؤمنين في ذلك الزمان أكثر من عدد أهل بدر، فلماذا لا يتم الظهور؟ "قال السائل: إنَّا نعلم يقيناً أنَّ الشيعة في هذا الوقت أضعاف عدة أهل بدر، فكيف تجوز للإمام الغيبة مع تلك الرواية؟ أجاب الشيخ: إنَّ الشيعة وإن كانت كثيرة من حيث العدد والكم، لكنَّ العدد المذكور في الرواية ليس المراد بهم العدد والكم فقط، وإنما هم على كيفيةٍ خاصة، وتلك الكيفية لم نعلم حصولها بعد بصفتِها وشروطها، حيث إنَّه يجب أن يكونوا على حالة مأمونة من الشجاعة، والصبر على اللقاء، والإخلاص في الجهاد، إيثاراً للآخرة على الدنيا، ونقاء السرائر من العيوب، وصحة الأبدان والعقول، وأنَّهم لا يهنون، ولا يفترون عند اللقاء، ويكون العلم من اللَّه لعموم المصلحة في ظهورهم بالسيف. ولم نعلم أنَّ كل الشيعة بهذه الصفات وعلى هذه الشروط. ولو علم اللَّه أنَّ في جملتهم من هذه صفته على العدد المذكور، ولم يكن معذوراً عن حمل السيف، لظهر الإمام عجل الله تعالى فرجه لا محالة، ولم يغب بعد اجتماعهم طرفة عين. لكنْ من الواضح عدم حصول مثل هذا الاجتماع، فلذلك استمرت الغيبة.

واعترض السائل: ومن أين عرفت لزوم هذه الصفات والشروط مع خلو النص المذكور عن شي‏ء منها؟ أجاب الشيخ: إنَّ مسلّمات الإمامة تفرض علينا إثبات هذه الصفات لأصحاب الإمام عجل الله تعالى فرجه، فحيث ثبت لنا وجوب الإمامة، وصحت عندنا عصمة الأئمة بحججها القويمة، فلا بدَّ أن نشرح الحديث المذكور بما يوافق تلك الثوابت، حتى يصح عندنا معناه"(5).

نسأل اللَّه تعالى أن تكتمل العدة بأسرع وقت، وأن نكون في زمانها من جند الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، فإنَّ العلامات المختلفة بدأت تشير إلى قرب الظهور، فعسى أن يكون قريباً، واللَّه أعلم، وعلى اللَّه الاتكال.


(1) الشيخ الطبرسي، الاحتجاج، ج‏1، ص‏373.
(2) ابن حجر، لسان الميزان، ج‏2، ص‏289.
(3) الشيخ الكليني، الكافي، ج‏1، ص‏341.
(4) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج‏51، ص‏82.
(5) الشيخ المفيد، رسائل في الغيبة، ج‏4، ص‏3.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع