مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أصحاب القائم عجل الله فرجه شباب لا كهل فيهم‏


السيد بلال وهبي‏


أبدع الخالق الحكيم الكون على أساس مراحل متعددة، وأجرى أموره كلها على هذا المنوال أيضاً، وكانت كل مرحلة تتميز عن غيرها بخصائص ومحددات معينة، حيث مرَّ الكون بمرحلة التكوين فمرحلة الكمال، وها هو والله العالم يتجه رويداً رويداً إلى مرحلة الشيخوخة والاندثار. ولما كان الإنسان جزءاً من هذا الكون كان محكوماً بنفس القاعدة إذ ينطلق وجوده في الحياة من نطفة فَعَلَقة فمضغة فطفولة فشباب فشيخوخة، ولكل مرحلة خصائصها أيضاً، فهو في مرحلة الطفولة وما يسبقها يعاني الضعف والوهن لكنه وهن يسير باتجاه القوة والكمال، ثم هو في مرحلة الشباب يغدو نبعاً فياضاً للقوة ونهراً متدفقاً بالنشاط والعطاء، فكل الاستعدادات التي كانت عنده بالقوة في مرحلة الطفولة صارت فعلية في المرحلة الراهنة، ثم ينحدر الإنسان هذا إلى المرحلة الأخيرة من حياته على الأرض مرحلة الوهن والضعف وتلاشي القوة وانخفاض الاستعدادات ليصل به الأمر إلى الضعف الأكبر، ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذا بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا(1).

ونلاحظ هنا أن أهم المراحل وأخصبها على الإطلاق هي مرحلة الشباب ولذا كان التعبير القرآني عنها بكلمة (أشدكم) فهي المرحلة الفياضة بالقوة الدفاقة بالعطاء، الخَيِّرَة بالمشاعر والعواطف وهي مرحلة فعلية كافة الاستعدادات والطاقات التي تحتاجها الحياة سواء بمعناها الفردي أو الاجتماعي. ويقابلها مرحلة الشيخوخة التي هي أسوأ المراحل وأوهنها، ولذا عبر القرآن عنها بأنها (أرذل العمر)، حيث موت كل الطاقات ليصبح المرء في الواقع عالة على الحياة بعد أن كان قوة تهبها وجودها واستمرارها وتقدمها. والواقع يؤكد بشكل حاسم أهمية مرحلة الشباب للحياة التي لا قيامة لها إلا بالاتكاء على هذه الفئة، فما من كيان اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي أو عسكري أو فكري إلا ويحتاج إلى هذه الفئة بالذات، وما من ثورة أو حركة إلا وكان الجيل الشاب رافعتها الأساسية ودعامتها الراسخة، فالإسلام وهو أعظم حركة ثورية في التاريخ إنما تصلب عوده وارتقى بناؤه على أكتاف الشباب من صحابة النبي صلى الله عليه وآله ونموذج هؤلاء الأبرز علي بن أبي طالب عليه السلام الذي كانت ضربته يوم الخندق وهو شاب تعادل عمل الثقلين إلى يوم القيامة كما نطق بذلك الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله.

وفي تاريخنا الحديث رأينا هذا العنصر هو أبرز العناصر التي ساهمت في قيام الثورة الإسلامية المباركة في إيران بقيادة الإمام الخميني قدس سره بل إن العناصر الشابة التي آمنت بالإمام ونهجه هي التي لا زالت تمد الثورة بالطاقات اللازمة لاستمرارها وديمومتها، كما رأينا في الواقع الماثل أمامنا أن المقاومة الإسلامية المباركة قامت على عاتق هذه الفئة وأن الانتصار العظيم كان صنيعتها ولو عدنا إلى سجلات الذين سقطوا شهداءً لا نجد فيهم من يزيد على الخمسين من عمره، بل الأربعين.

وهذه الفئة هي التي سينتصر بها الإمام الحجة عجل الله فرجه وهي التي ستشكل جيشه الرباني الموعود للقيام بالثورة العالمية الكبرى، إذ من المسلم به أنه عجل الله فرجه سيخرج وهو شاب، وهكذا مقاتلوه وجنوده وأعوانه. يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: "إن أصحاب القائم شباب لا كهل فيهم إلا كالكحل في العين وكالملح في الزاد"(2).

وعن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام: "بينا شباب الشيعة على ظهور سطوحهم نيام إذ توافوا إلى صاحبهم في ليلة واحدة على غير ميعاد فيصبحون في مكة"(3). وعلى ضوء ما تقدم فإن عملية التمهيد لقيامه عجل الله فرجه تفرض علينا أن نركز على تلك الفئة العزيزة إعداداً وتعبئة، إعداداً معنوياً وعلمياً وفكرياً وبدنياً يجعل منهم جنوداً أخياراً بين يديه عجل الله فرجه ليتحقق ذلك الهدف الإلهي والإنساني المقدس الذي لم ينله إلى الآن أي قائد كبير ولا نبي عظيم، وكلما كان الهدف أكبر وأعظم وأنبل احتاج إلى تركيز في الإعداد والتعبئة ليكون هذا الجيل المبارك مصداقاً صادقاً لما نطقت به الروايات الشريفة وهي تتحدث عن خصائص جند الإمام عجل الله فرجه حيث وصفتهم بأنهم: رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته، وأنهم: رهبان بالليل ليوث بالنهار، وأنهم: خير فوارس على ظهر الأرض.


 (1) سورة الحج، الآية: 5.
(2) معجم أحاديث الإمام المهدي الجزء الرابع صفحة 5.
(3) نفس المصدر.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع