مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مكانة المرأة عند الإمام الخميني "قدس سره" والإمام الخامنئي "دام ظله"

بقلم الشيخ خضر الديراني


لقد استطاع الإمام الخميني قدس سره أن يحدث ثورة في البناء الفقهي الإسلامي فيما يخص دور المرأة وحدود حركتها والوظيفة التي أعطاها إياها الإسلام حيث لم يجرؤ أحد من قبله على إعطاء المرأة هذه الحرية على المستوى العلمي وان كان الجميع يقر لها بهذه الحقوق على المستوى النظري لا سيما وأن التراث الإسلامي يزخر بالنصوص والأخبار الدالة دلالة واضحة على المشاركة الفاعلة للمرأة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في زمن النبي وما بعده. إلا أن خصوصية الإمام الخميني قدس سره هي في جرأته على بث روح الحياة في هذه الفتاوى والمباني الفقهية وعدم الوقوف عند حدود الاحتياط الشخصي المفرط الذي يسي‏ء إلى الإسلام ويحوله في نظر الآخرين إلى نظام قاصر وغير متكامل لا يستطيع أن يلبي حاجات الإنسان والمجتمع.

والذي دفع الإمام الخميني إلى هذه الجرأة المنهج الذي تقوم عليه رؤيته الشمولية للكون حيث أن النظام الأصلح والأكمل والأشمل والأتم الذي يعطي الإنسان إنسانيته وكماله وتدرجه نحو الله هو الإسلام حصراً. فبناءً عليه، لا بد وأن تكون نظرته إلى الإسلام شمولية تلحظ كافة جوانب الحياة الإنسانية من هذا الواقع استطاع أن يدرك دور المرأة الهام بل كان ينظر إليها أنها بمثابة القطب من الرحى. "دور المرأة في المجتمع هو أكبر من دور الرجل... ذلك أنها تعتبر من الفئات الفاعلة والمؤثرة في جميع الأبعاد، بالإضافة إلى أنها تربي الفئات الفاعلة في كنفها". وقد حمل الإمام الخامنئي دام ظله هذا اللواء منذ أن كان عضواً في مجلس قيادة الثورة قبل الإنتصار واعتبره أحد الهموم الرئيسية التي ينبغي التركيز عليها، ولذلك نجد في كلامه وكذلك في كلام الإمام الخميني تركيزاً كبيراً على المرأة ودورها وسبل النهوض بها وإعادتها إلى موقعها الطبيعي والفاعل في المجتمع.

* دور المرأة:
إن الموقع الذي أحل الإسلام فيه المرأة لا يقل عن موقع الرجل إن لم يكن أكبر، ولكن الإسلام أعطى كلاً منهما الدور اللائق به منطلقاً من الطباع والمؤهلات والقدرات التي يحملانها فلم يمنع المرأة من العمل السياسي والإجتماعي والثقافي إلا أنه خصها بكرامة صناعة الرجال التي هي من أخطر الواجبات الملقاة على عاتق الإنسان ككل. يقول الإمام الخميني قدس سره: "القران الكريم يصنع الإنسان والمرأة تصنع الإنسان... المرأة مربية البشر". وقد حدد الإمام الخميني والإمام الخامنئي الأطر التي من خلالها تستطيع المرأة أن تستعيد دورها في كل المجالات وعلى الصعد كافة خصوصاً وأن الإمام الخميني قدس سره يعتبر أن "سعادة الدول وشقاوتها متوقفتان على وجود المرأة" فيما يقول الإمام الخامنئي أن البلدان يستحيل عليها الاستغناء عن المرأة وعطائها "لا يمكن لأي بلد من البلدان أن يستغني عن جهد النساء وعطائهن". ولذلك كان دائماً يركز على ضرورة أن تقوم المرأة باستعادة دورها بنفسها لا أن تمنح هذا الدور وذلك من خلال التالي:

1- ثقافياً:
ينبغي على المرأة أن تدخل ساحة المعرفة والعلم والثقافة من أوسع أبوابها وأن تتحلى بكل أنواع المعارف التي تساعدها على تكاملها الذاتي وتمنحها الفرصة لأن تكون عنصراً مؤثراً في مجتمعها وأن تفرض احترامها على الآخرين وأن تساهم في ارتقاء مجتمعها إلى الكمال وهذا يفترض عليها أن لا تتوقف عند حدود المعرفة بل أن تتعداها لتطرح رأيها في كل المجالات وتشارك الرجل في تحديد مصير أمتها ومجتمعها. وقد عبر الإمام الخامنئي عن هذه الحقيقة في خطابه الموجه إلى مجلس الشورى الثقافي الاجتماعي للمرأة بقوله: "من الأعمال الأساسية والهامة التي ينبغي أن نلتفت إليها ونعيرها الاهتمام الكافي... تثقيف النساء وتشجيعهن على المطالعة إذ أن الكتاب يوجه عقول نسائنا نحو الفهم الصحيح والتفكير السليم واختيار الموقع الأفضل... من هنا ينبغي لشورى النساء الثقافية والاجتماعية أن تقدم برامجها في هذا المجال".

2- سياسياً:
على المرأة أن تشارك الرجل همومه وقضاياه كافة ولذلك عليها أن تدلي برأيها في القضايا السياسية كافة وفي الانتخابات وأن تخوض المعترك السياسي كمرشحة أو كباحثة أو صحافية وأن تتولى المناصب الرفيعة التي لها طابع سياسي أو إداري لتكون شريكاً كاملاً في الحياة العامة للبلاد والأمة وإن كان هناك من موانع أو عوائق ينبغي العمل على إزالتها بالطرق والأساليب المتاحة وهذا من صميم حقوق المرأة بل هو من واجباتها لأن الإسلام كما يقول الإمام الخميني قدس سره: "لا يوافق على حرية المرأة فحسب، بل يعتبر واضع أسس حريتها في جميع أبعادها الوجودية... لهن الحق في التدخل في السياسة وهذا هو تكليفهن... وفي الإدلاء بأصواتهن والحصول على أصوات الآخرين... وليس هناك أي مانع من التحاقهن بالجامعات والإدارات والمجالس... يجب أن تتدخل المرأة في مقدرات البلاد الأساسية".

3- قانونياً:
لا شك أن واقع المرأة على المستوى القانوني في الكثير من الدول والأنظمة هي دون المستوى المطلوب وكذلك الأمر في الجمهورية الإسلامية حيث يقول الإمام الخامنئي قدس سرهم: "لم تصل المرأة بعد في المجتمع الإيراني إلى الشأن والمستوى اللذين أرادهما الإسلام لها... لا من ناحية الحقوق الاجتماعية... ولا من ناحية القوانين التي ترتبط بكل هذه الأمور". ولكن السؤال من الذي يعطي المرأة حقوقها؟ ومن الذي يرفع عنها هذا الغبن؟ الحقيقة أن الفرد الوحيد القادر على تحقيق هذا الهدف هو المرأة نفسها فقط. فعلى المرأة أن تدرك أنه لا يمكن لأحد أن يناضل من أجل إحقاق حقوقها بمعزل عنها. نعم يمكن للرجل أن يساعد على ذلك في بعض الجوانب. ويعتبر هذا الأمر من الواجبات التي تتحمل مسؤوليتها المرأة نفسها من هنا نرى أن الإمام الخامنئي قدس سرهم يحاول في كلامه دائماً تشجيع النساء ودفعهن بهذا الاتجاه ويطلب إلى المؤسسات والمسؤولين العمل على رفع هذه المشاكل "يجب علينا أن نحدد الآلية القانونية التي تحتاج إليها المرأة اليوم كي تتمكن من التحرك في المسار الذي أراده الإسلام".

4- اقتصادياً:
من المؤسف جداً أن تستغل المرأة اليوم في أسوأ الأساليب تحت عناوين الحرية والمساواة التي أسقطت قيمتها الإنسانية وحولتها إلى إحدى أهم السلع التي يقوم عليها الاقتصاد الغربي. هذا الإفراط الحاد في الغرب قابله تفريط من نوع آخر في الشرق هو إهمال المرأة وعدم وضعها في مكانها الطبيعي في المجتمع وعدم الاعتراف بها أنها النصف الآخر للبشرية جعلها موجوداً فاقداً لدوره وتأثيره من جهة وجعل المجتمع الإسلامي يتكبد خسائر فادحة لأن المرأة كان بإمكانها أن تساهم من خلال عملها ضمن الضوابط الشرعية في تنمية المجتمع إجتماعياً واقتصادياً. إذاً فلا إفراط الغرب الذي سلّع المرأة هو المطلوب ولا تفريط الشرق الذي نبذ المرأة هو العلاج. العلاج هو الطريق الأوسط الذي طرحه الإسلام من خلال السماح للمرأة مزاولة حياتها بشكل طبيعي وأن تكون عاملاً مؤثراً ومنتجاً في المجتمع وشريكاً كاملاً للرجل.

5- أخلاقياً وتربوياً:
لقد أثبتت التجارب العلمية الحديثة أن للمرأة قدرة فائقة على التأثير النفسي التربوي في الآخرين كباراً وصغاراً في الأسرة وفي المدرسة ولهذا نجد أن الدراسات العلمية التي أجريت على الطلاب في المدارس خصوصاً المرحلة الابتدائية والمتوسطة عكست نسبة عالية من التأثير والتفاعل مع المدرس المرأة تفوق عدة أضعاف تأثُّرهم وتفاعلهم مع المدرس الرجل. هذا التأثر والتفاعل ناتج عن انعكاس تربوي وأخلاقي ونفسي تتركه المرأة المعلمة على تلميذها لذلك لا بد لها من أن تتحلى بالقيم الأخلاقية والإنسانية لأنها ستطبع الأجيال بطابعها، وقد أكد الإمامان الخميني والخامنئي على ضرورة أن تحمل المرأة هذه المواصفات لأنها "مربية الأجيال... ومنبع كل الخيرات" والإمام الخميني قدس سره يقول مخاطباً النساء: "واظبن على اكتساب الفضائل كي يرتشف أطفالكن الفضيلة من أحضانكن". إن ابتذال المرأة وتربيتها تربية بعيدة عن القيم والأخلاق والعفة والطهارة يعني دفع المجتمع بأكمله إلى الانهيار والانحطاط والتخلف والفساد وهذا ما بدأ الغرب اليوم بحصاده على المستوى الفردي والاجتماعي.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع