مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

شهيد الدفاع عن المقدَّسات محمد جواد ناصيف الزين

نسرين إدريس قازان

شهيد الدفاع عن المقدَّسات محمد جواد ناصيف الزين (حيدر العليّ)
اسم الأم: مي الزين
محل وتاريخ الولادة: 1/11/1991
الوضع الاجتماعي: عازب
رقم السجل: 41
تاريخ الاستشهاد: 21/4/2013.


بملامح ملائكيّة وهيئة رقيقة رُسمت خطوط وجهه، حتّى يظنّ الناظر إليه أنّ العابر من أمام عينيه نسمةٌ تلفح الروح بهدوء يريح النفس. ولكنّ جواداً - كما دأب الجميع على مناداته- لم يكن ذا شخصيّة تُشبه شكله الودود، فهو ولد مشاغبٌ شقيّ، أتعبَ من حوله بكثرة حركته في البيت وفي الصفّ، حيث غالباً ما كان يجلس رأساً على عقب. لكن، تلك الحركة المفرطة لم تكن عبثية، بل تُشبه إلى حدٍّ بعيد "الفوضى الخلّاقة"، إذ برزت لديه شخصيّة قياديّة مستقلّة بكاريزما جذّابة، محبّبة.

*طفولة المتمرّد الصغير
باكراً كبُر هذا الفتى، أو ربما فُرضَ هذا الانطباع على من حوله وهو لا يزالُ طفلاً، بسبب تعامله بمسؤوليّة تجاه الأمور. كان ملفتاً لمن في عمره كتمانه الشديد وصبره على الألم، واعتباره أنّ ما يتعرّض له من أوجاع مرحلة آنيّة وستمضي، فيحتفظُ بأنينها وحده. ولولا القصّة الليليّة التي كانت أمّه تقصّها على أطفالها كلّ ليلة قبل النوم، ويتربّع جواد على عرش حضنها ليغفو، ما كانت لتشعرَ بطفولةِ هذا المتمرّد الصغير.

بين بيروت وضاحيتها الجنوبيّة، عاش جواد حياته في بيتٍ مقاوم، فتعامل بمسؤوليّة تجاه والديه، وهو وإن كان تلميذاً مشاغباً في المدرسة التي تُعلّم فيها والدته، غير أنّه حرص على أن لا تتجاوز الشكاوى حدود الحركة الزائدة. دخل إلى المهنيّة لدراسة "التصميم الغرافيكي"، وواكب دراسته بمطالعات دينيّة ليبني ثقافته ويوسّع آفاقها، في طريق سلوكه إلى الله الذي رسمه لنفسه.

*رفيق المسجد
كان جواد حريصاً جداً على الالتزام الدينيّ، وتعنيه تفاصيل الالتزام، فلم يجد حرجاً في توجيه ملاحظة لأيّ كان من قريب أو بعيد.

ما إن انتقل أهله للسكن قرب مسجد القائم، حتّى صار المسجدُ ملاذه في أغلب الأوقات. ولأنّه صاحب شخصيّة قياديّة مؤثرة، كان يصحبُ رفاقه معه، ولم يألُ جهداً في جذب كلّ من يستطيع معه إلى المسجد، لأنّه أدرك أنّ الغذاء الروحيّ والمعنويّ إنّما هو الدافع الأساس إلى ساحة أيّ معركة.

لم يكتفِ جواد بالدورات الثقافيّة التي التحق بها، بل التزم أيضاً بأخذ الدروس الخاصّة عند بعض العلماء، معتبراً ذلك فرصة ثمينة لا تُعوّض أبداً.

*عمّه الشهيد... قدوته
أحبَّ جواد كثيراً جمع المقتنيات من المراقد المقدسة التي كان يزورها. كما كانت له هواية جمع الأحجار الكريمة والحفر عليها. وكان كلما شدّه الحنين يركن إلى زاوية من زوايا غرفته، ويفتح مقتنياته ليأنس بها ويتبرّك منها.

لم تتغيّر شخصية جواد الوثّابة عندما بلغ سنّ الشباب، بل وازنها مع مقتضيات ما التزم به من أعمالٍ إلى جانب دراسته التي أصرّ على متابعتها. وكانت لافتة قدرته العالية على ضبطِ انفعالاته وكبت غضبه، وساعدته على ذلك ممارسته الدائمة للرياضة.

في كنفٍ من الذكريات القديمة كان يسمع أخبار عمّه الشهيد عادل الزين، الذي استشهد قبيل ولادته بثلاث سنوات تقريباً. غير أنّ جواداً كان يحرصُ على جمع المعلومات عنه عندما يكون عند جدّته فينهال بالأسئلة عليها وعلى عمّته. وكان هذا الفضول الواعي مخزناً معرفياً استطاع من خلاله التعرّف إلى مرحلة حسّاسة من مراحل المقاومة وإلى العوامل المعنوية التي دفعت جيلاً إلى التضحية بكلّ شيء في سبيل تثبيت دعائم المقاومة في المجتمع.

لذا، عندما التحق جواد بأوّل دورة عسكرية له نجح في تحمّل الصعاب في وقت راهن كلّ من أهله ورفاقه أنّه لن يثبتَ كثيراً، ذلك أنّه يحتاجُ إلى تدرّج قبل التمرّس، حسب زعمهم، وما عوّد عليه نفسه لم يصل بعد إلى تلك المرحلة. ولكنّ جواداً ربح هذا الرهان، وما أبداه من تحمّل وصبر فاق التوقّعات، وأهّله ليكون مقاتلاً فذاً ذا بصيرة واعية.

*مع بداية المواجهات ضد التكفيريين
مع رفاق دربه عاش جواد أيامه الجميلة. وقليل منهم كان يعرفُ طبيعة عمله الذي أحاطه جواد بسريّة تامّة.

ومع بدء المواجهات ضد التكفيريين بدأ جواد المشاركة فيها. ولم يكن على علم بذلك إلا بعض أصدقائه الذين كانوا معه في خطوط النار. تأثّر جواد كثيراً باستشهاد رفيقه حمزة غملوش، وكان آنذاك من المشاركين في التحضير لتحرير "تلّة مندو"، فترك عمله وعاد إلى لبنان للمشاركة في تشييع صديقه، ثمّ سارع بعد ذلك للعودة إلى سوريا مودّعاً أهله ورفاقه.

كانت المعركة قاسية وعنيفة، ولكن ليس قياساً بثبات المجاهدين الذين استبسلوا في ساحة المعركة التي أصيب خلالها جواد إصابة بالغة في الرأس، ولم يعرف والداه بذلك إلّا بعد خمسة أيام.

*رفاقٌ رحلوا
مرّت الأيام ببطء شديد وبدت طويلة على الرغم من قلّة عددها. وكان قوت والديه جرعات من الصبر والانتظار. واضطرّ الأطباء إلى إعطائه مسكّنات ألم تُفقده الوعي، بسبب الوجع الفظيع للحروق التي أصيب بها جسده. وسرعان ما تقلّصت الأورام في وجهه الملائكيّ الجميل بعد أسبوع من الإصابة، فارتاح قلبُ الأمّ قليلاً. وما إن عادت إلى المنزل لترتاح قليلاً، حتّى رنّ الهاتف حاملاً أثيره خبراً صدَع الأفئدة.

على أكتاف الرفاق حُمل جواد؛ حمله رفاقٌ استشهدوا بعده واحداً تلو الآخر: يوسف حلاوي، عباس سماحة، وغيرهما. وقد انتظره رفيقه المقرّب (الشهيد) إبراهيم مسلماني في القبر الذي حُفر بالقرب من ضريح عمّه الشهيد عادل الزين، ليكون ذلك المشهد من أكثر المشاهد تأثيراً، وخصوصاً أنّ الرفاق ذاتهم تناوبوا على حمل نعوش بعضهم بعضاً، بحسب من سبق.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

امير الجنة

عبير جنيدي

2016-01-07 12:02:44

....