الشاعر خليل عجمي
من الصعب أن ننساك يا فارس الدهر | فأنت حديث الطفّ في البرّ والبحر |
مِنَ الصعب أن ننسى بوجهك آية | تسامى بها الإشراق في ليلة القدر |
فأنت ائتلاق للزمان يزفّه | آذان صلاة الصبح من غرّة الفجر |
وأنت لأهل العلم والفكر منبر | تباهى على الجوزاء والأنجم الزهر |
وأنت لصون الحقّ والدين ثورة | تضيء طريق الحقّ بالسعي والصبر |
وأنت لدى الأجيال خير منارة | مباركة الإشعاع بالحبّ والطهر |
إمامي وما الثورات عنك لها غنى | لأنك بحر بالفداء بلا جزر |
ونحن أناس من قديم يشدّنا | إلى الطفّ شريان تغلغل في الصدر |
ونحن أسود في القتال أشاوس | وتاريخنا الشيعي يشهد للنصر |
لنا أُحُدٌ والنهروان وخندقٌ | لنا الفخر في صفّين والعزّ في بدر |
لنا المجد في أرض الطفوف وكربلا | وكلّ كنوز الأرض والكوكب الدرِّيّ |
حسين ومن مثل الحسين شجاعة | وعزماً وإقداماً بثورته البكر |
لأجل حسين عندنا ترخص الدما | وكرمى عيون الطفّ نمشي على الجمر |
حسين لنا عزّ وفخر وثورة | وثورته شمس بشرياننا تسري |
لقد شغل الدنيا بسرّ جهاده | ومأتمِه الدامي وأيامه العشر |
وخطّ على أرض الطفوف ملاحماً | ستبقى طوال العمر ملحمة الدهر |
فماذا يقول الشعر في وصف مارد | تسامى على الإبداع والوصف والشعر |
وإنّ إماماً كالحسين فإنه | غنيّ عن التعريف والمدح والشكر |
ويكفيه فخر الانتماء بأنه | حفيد رسول الله من عالم الذرّ |
حسين أضاء الكون بالحقّ والدما | ولولاه كان البحر يشكو من الفقر |
لقد نال من ربّ السماء شهادة | تسامت على كلّ الشهادات بالفخر |
وما زال ثغر الدهر يروي حكاية | على لهب الصحراء للأضلع الحمر |
هناك ضلوع للحسين تعرّضت | بسيف عدوّ الله للبتر والكسر |
عجبت وكيف المارقون تجرّأوا | على رجل في وجهه طلعة البدر |
تلاقوا على أرض الطفوف لقتله | وأغراهُمُ بالمال طاغية العصر |
أليس حسين للرسول حفيدَه | وهل أحد فيهم بذلك ? يدري |
ولكنَّ ربَّ الكون للحقّ ناصر | ويعلم كيف الحزب يأخذ بالثأر |
تزول جراحات الزمان جميعها | ولكنَّ جرح الطفّ باق مدى العمر |
وأصعب جرح في الوجود هو الذي | ألمَّ برأس السبط من ضربة الشمر |
لذلك ربّ الكون كرَّم وجهه | وصار شفيع الناس في ساعة الحشر |
وصار يزيد النذل وابن زيّادهم | وحرملةٌ والشمرُ مزبلة الدهر |
وتنمو على أرض الطفوف شقائق | من الدم ما زالت تفيض من النحر |
وما زال فوق الطفّ للصحب أضلع | مقطَّعة الأشلاء من أسيف الغدر |
وما زال رأس ابن البتولِ معلّقاً | على رأس رمح خلفه زينب تجري |
وما زال للعبّاس بالشطّ معصم | يبخّر ماء النهر من ألم البتر |
وأنهارُ دمعٍ بالدماء تمازجت | وزينب من نهر تسير إلى نهر |
وحرملة ما زال يطلق سهمه | على الطفل من مرمى الوقاحة والعهر |
وابن زياد ? يزال متعتعاً | على جثث الأطفال من شدّة السكر |
وما زال كأس العار والخزي والزنا | بكفِّ يزيدٍ شارب الدم بالخمر |
وما زال (شمر) في البلاد مفاخراً | بقطع رؤوس الناس والنبش في القبر |
وما زال شعب المرتضى اليوم عرضةً | لدى القتل والتشريد والذبح والقهر |
فيا بئس عصرٍ لابن مرجانةٍ به | زمامَ وأرض الشرق تغرق بالكفر |
سيبقى لسان الدهر يهتف قائلاً | صباحاً مساء في العشية والظهر |
سلام على دمِ الحسين بكربلا | ولعنة ربّ العالمين على الشمر |