نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع القائد: مشروع لتنظيم وتجديد الحوزة


الحوزة العلمية هي المصنع الذي يتولى مسؤولية إعداد وصناعة الإنسان والمفكرين والكتّاب ورجال القيادة والسياسية، وهذا المصنع عليه أن يمتلك القدرة الإنتاجية الدائمة والعالية فيعطى العلماء والمفكرين والكتّاب ورجال القيادة والسياسة والمبلّغين والمحققين وأصحاب النظريات الحديثة سواء الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها.

وهذه النظرة للحوزة العلمية هي باعتبار المأمول والمنشود وهنا يطرح السؤال نفسه هل أن الحوزة هي بمستوى هذه المسؤولية؟ إن نظرة الإنصاف في هذا السؤال تستتبع جواباً بأن الحوزة ليست كما هو المطلوب أو أن المتوقع منها غير حاصل.
والوصول إلى هذا الجواب بحد ذاته خطوة مهمة في اكتشاف الخلل وخطوة كبيرة في طريق الإصلاح، ولكن هل أن الخلل الذي تعاني منه الحوزة العلمية يعيش داخل الحوزة ويشكل صميم وجودها أو أنه أمر خارج عن الحوزة ولكنه مكتنف لكل وجودها وبعبارة أخرى إن الخلل الموجود في الحوزة ليس من حيث المقتضى لامتلاك تلك القدرة الإنتاجية بل من حيث الموانع والمصاعب في طريق الوصول إلى تلك القدرة الإنتاجية وإخراجها إلى حيز الواقع بشكل دائم وفعّال.

وطبعاً نحن لا ننفي بل لا نستطيع أن ننفي أن الحوزة أنتجت وخرجت علماء ومفكرين وكتاب ورجال قيادة ومبلّغين ومحققين عظام غاصوا في بحار العلم واستخرجوا لنا درراً وفوائد جمة، ويكفي أنها أعطت لهذه الأمة الإمام الخميني العظيم قدس سره والعلماء الفلاسفة وباقي المراجع الأعلام أعلى الله مقامهم السامي وما زال العالم الإسلامي والمكتبة الإسلامية تزخر بمؤلفاتهم القيمة ولكن هؤلاء الأشخاص اعتمدوا على خالقهم وبذلوا الجهد الجهيد وخاضوا اللجج وسفكوا المهج في سبيل الوصول إلى هذه المرحلة العلمية العالية قربة إلى الله تعالى فالجهد الشخصي هو السمة العامة عندهم.
وأمام هذا الواقع كان لولي أمر المسلمين آية الله السيد القائد الخامنئي حفظه الله تعالى وأدام ظله العالي مشروعاً إصلاحياً تناول فيه كل المشاكل والمصاعب التي تئنّ الحوزة منها ووضع الحلول المناسبة لها.

ويعتبر السيد القائد أن المشاكل والمصاعب أحد أسبابها الرئيسية الطريقة والأسلوب الإداري فيقول حفظه المولى "إنني أعرب لكم عن أن الشورى الإدارية لا تستطيع إدارة الحوزة... لا بد من المركزية في الإدارة أي مدير واحد يمسك بزمام الأمور نعم يجب أن يتشكل شورى عليا للحوزة... ترسم السياسة العامة لها... والخطوط العريضة للحوزة ويتبادلون وجهات النظر ولا يتدخلون في التفاصيل والأمور التنفيذية، فالعلاج الناجح لهذا التجمع الحوزوي الضخم هو التنظيم الإداري".

ويكون هذا المدير المنتخب من قبل الشورى العليا للحوزة يحمل صفات خاصة "وهؤلاء (شورى الحوزة) ينتخبون مديراً للحوزة... يكون فاضلاً (من أهل الفضل والعلم)... وتكون لديه الصلاحيات الكافية وتكون الميزانية المطلوبة تحت تصرفه ويستعين بمعاونين اكفاء بشرط أن يشكل مركزاً دائماً للتخطيط والبرمجة".
وضمن النظام والطريقة الإدارية الجديدة تشكل أقسام خاصة لكل حاجات الحوزة.

1- معاونية التبليغ: يشير السيد القائد حفظه المولى إلى وجوب "تعيين معاون للقسم التبليغي وعمله يرتبط بالوضع التبليغي للحوزة فيتولى إعداد المبلغين للداخل واعداد المبلغين للخارج وتأمين وإرسال المبلغين الدائمين لمختلف المناطق والمبلغين الموسميين".

2- معاونية التحقيق والمطالعة ويهدف السيد القائد حفظه المولى إلى توحيد جهود المحققيين وإنشاء مؤسسات تحقيقية تصب في تكامل الأبحاث وعدم تكرار الجهود وتكون مهام هذا القسم "إعداد المحققين والقيام بالأبحاث التحقيقية وإصدار المجلات العلمية...".
ويدعو القائد حفظه المولى إلى استخدام الأساليب المتطورة والوسائل الحديثة، "فالتحقيق الانفرادي لا يؤدي إلى النتيجة المطلوبة والعمل التحقيقي في المؤسسات العلمية لا بد وأن يخضع للقوانين والضوابط واليوم تستخدم فيه أساليب متطورة ووسائل حديثة كالكمبيوتر فلا بد أن يكون التحقيق جماعياً والتنسيق بين المؤسسات التحقيقية ضروري فإننا نرى أحياناً عالماً يحقق موضوعاً معيناً وفي نفس الوقت نجد آخر يحقق الموضوع ذاته فلا بد من تنظيم العمل التحقيق وهذا ما تفقدس سره الحوزة العلمية" ودفعاً لهذه المشكلة ورفعاً لهذا العائق كان أن طرح القائد حفظه المولى في طريقة النظام الإداري الجديد قسم خاص يعنى بالشؤون التحقيقية الجماعية لتصبح منتجة وفعالة ومؤثرة.

الكتب الدراسية: البرامج المتون الدراسية هي مشكلة أخرى تضاف إلى سجل المشكلات في الحوزة فهذه الكتب الدراسية مضى عليها عقود من الزمن، وفي هذه الفترة المديدة تطورت هذه العلوم وأدخل عليها نظريات جديدة وحديثة وحتى أنه بعض الأمور النظرية بعد كثرة البحث والتحقيق فيها ولم يبق عالم إلا وأدلى فيها دلوه أصبحت من الأمور البديهية.
فهذه الكتب والبرامج بحاجة إلى تهذيب وإدخال النظريات الحديثة عليها "... لماذا لا نؤلف كتب دراسية جديدة؟ ما هو الإشكال في ذلك؟ فلتشكل هيئات تأليفية لإعداد كتب علمية جديدة أم أنه لا بد من أن يدرس المطول والمعالم والقوانين... وشرح اللمعة إلى الأبد أنني أقول لكم أصلحوا هذا؟ جددوا فهل من المعقول أن هذه المجموعات البشرية الهائلة مع ما تملك من استعدادات وكفاءات ليس لها القدرة على ذلك".

3- معاونية التربوية: ويرمي السيد القائد حفظه المولى من وراء هذا القسم إيجاد برامج أخلاقية وتربوية واكتشاف الطاقات المميزة في الحوزة "... يضم المستشارين التربويين في الأخلاق والتعليم ولإعداد البرامج التربوية ويتولى كشف الطاقات المميزة بين الطلبة فإن الحوزة تملك استعدادات وقابليات علمية عالية جداً. فلو بحثنا عنهم سوف نجد أمثال العلامة الحلي والمحقق الحلي والشيخ الأنصاري أين هم هؤلاء...".

4- قسم القبول وإجراء الإحصائيات: ويكون مهام هذا القسم التدقيق في قبول الطلاب ووضع ملاك مناسب لقبول الطلاب "... فمسألة القبول لها علاقة بالتيارات الاجتماعية المتعددة والمسائل الأمنية والمسائل الحقوقية والانتخابات والامتحانات ومسألة الخدمة العسكرية ويتولى أيضاً هذا القسم إجراء الإحصائيات فإنها ضرورية فإن الحوزة تفقد الإحصائيات اللازمة لها".

5- قسم الشؤون المالية "ودراسة البرامج تحديد الميزانية اللازمة لها".
وهناك أقسام أخرى تعنى بأمور الحوزات في المحافظات (خارج قم المقدسة)، والرفاه والخدمات الاجتماعية، والموظفين والمساعدين وغيرها مما لا غنى للحوزة عنه.
وأما أبرز المشاكل والمصاعب التي تعاني منها الحوزة في غير الأمور الإدارية فهي:
المشكلة المعيشية، فالوضع المعيشي الذي كان متردياً عند الطالب يشكل حاجزاً بينه وبين التحصيل والرقي العلمي فطرح القائد مشاريع تنعش الطالب وتخرجه من مأزق يتخبط فيه فطرح السيد القائد حفظه المولى عدة مشاريع:
1- مشروع الضمان الصحي.
2- مشروع القرض الحسن.
3- مشروع مجمع سكني للطلبة.
4- مشروع تعاونية استهلاكية للطلبة.

الوضع التبليغي:
فالحاجة للتبليغ سواء للمجتمع الإسلامي أو لغيره حاجة ملحة وهامة وتشكل مسؤولية كبيرة على كل من يستطيع أن يقدم جهداً في هذا المضمار.
أمام هذا الواقع لا نجد الحوزة تعمل لهذه المسألة الكبيرة أو أن الطلبة يحصرون كل همهم في سبيل التحصيل العلمي المحصن، وهذا بالطبع مخالف للهدف الإسلامي والقائد حفظه المولى يشير إلى هذه المسألة "... المبلغون لا يذهبون أقول لماذا لا تذهبون يجيبون أننا نريد أن ندرس... أيها الأخوة قسماً بالله وأنني غير راضٍ على هذا المنوال...".
وطبعاً المسؤولية في إعداد هؤلاء المبلغين على الحوزة التي تملك القدرات الكبيرة في هذا الشأن وبعد أن تملك البرامج الخاصة بهذا المضمار.
وبعدما طرح المشروع الإصلاحي الذي أعده السيد القائد حفظه المولى وجد صعوبات عدة من الذين يعتبرون "نظام الحوزة في عدم نظامها" ولكن هذا لم يثنِ المشروع عن المضي في طريق خروجه إلى حيز الواقع.

فبدأ تنفيذ هذا المشروع وكان إن أبصر النور ما يلي:
1- مشروع الضمان الصحي لجميع طلبة الحوزة وأطلق عليه "مركز الإمام الخميني للضمان الصحي" وبدأ عمله منذ ثلاث سنوات.
2- صندوق القرض الحسن واطلق عليه اسم "صندوق الإمام الخميني للقرض الحسن" ومهمته تقديم قروض بعيدة الأمد للطلبة الذين يمرون بضائقة مادية، وبدأ عمله منذ حوالي سنتين وما تقدم كان في الجانب المعيشي وأما حول المشكلة السكنية فقد تم فرز ميزانية مالية للهيئة الخاصة المكلفة بإنشاء مجمع سكني للطلبة وتم فرز مساعدة سكنية شهرية ثابتة للطالب الذي يشغل منزلاً على نحو الإيجار.
3- إنشاء مركز تحقيق ضخم وألحق فيه مركز لتعليم الكمبيوتر وبرمجته يحق لكل طالب الاستفادة منه بشكل مجاني.
أما بالنسبة للوضع الإداري فقد تم تعيين إدارة جديدة للطلاب غير الإيرانيين منذ حوالي عام تقريباً من رأس الإدارة حتى مسؤولي الأقسام.

وبدأت ملامح المشروع الإصلاحي تظهر عند الإدارة الجديدة فكان التجديد بالبرنامج التعليمي المتبع سابقاً الذي كان يلزم الطالب فقط بعلم الفقه ومقدماته ويترك الحرية للطالب بدراسة العلوم الأخرى من أخلاق وفلسفة وعقائد وسيرة وقرآن وحفظه والحديث والرجال والأديان وغيرها إلى جانب بعضها البعض ليتكامل الطالب فيها وينمو بالبحث والدرس فيكون إنتاج العلماء والمفكرين والكتاب والفلاسفة والمبلغين.
كما ويلزم الطالب بتقديم امتحانات خطية وشفهية بكل المواد والعلوم بشكل منتظم ومن لم يوفق للنجاح مرتين بشكل متوالٍ يفصل عن المتابعة العلمية في الحوزة ويحرم من المزايا الأخرى.
كما لوحظ إدخال متون وكتب دراسية جديدة على البرنامج التعليمي الجديد التي تتضمن نظريات علمية حديثة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع