مع الخامنئي| السيّد رئيسي الخادم المخلص* نور روح الله | قوموا للّه تُفلحوا الكوفـــة عاصمة الدولة المهدويّة أخلاقنا | الكبر الرداء المحرّم (1) فقه الولي | من أحكام عدّة الوفاة أولو البأس | المعركة الأسطوريّة في الخيام الشهادة ميراثٌ عظيم بالهمّة يسمو العمل نهوضٌ من تحت الرّماد بالأمل والإبداع نتجاوز الأزمات

الكوفـــة عاصمة الدولة المهدويّة

السيّد عبّاس عليّ الموسويّ


بعد أن يدخل الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف العراق، يتوجّه إلى مدينة الكوفة -التي كانت في زمن خلافة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام عاصمة حكمه– ويتّخذها مركزاً لخلافته مجدِّداً بذلك عهد جدّه ومعيداً لهذه المدينة تاريخها العريق، وأيّامها الزاهرة، وحركتها ونورها حيث منها سينطلق الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى تحرير القدس ثمّ العالم.


* الكوفة: مصدر الحضارة
الكوفة الغرّاء سوف تستقبل الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، وستكون محور الدنيا ومركز الإشعاع الحضاريّ، تنطلق منها أوامر الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف تنظيماً للجيوش ونشراً للعلم والمعرفة، ومنها تصدر الأمور وإليها تعود، وكلّ نبأ مهمّ سيمرّ عبرها ومن خلالها. وإذا كانت إقامة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف فيها، فلا بدّ من أن تتحوّل إلى مزار ومقصد لكلّ البشريّة، فضلاً عن المؤمنين بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف والمعتقدين بولايته. من هنا، يقول الإمام الباقر عليه السلام : «إذا دخل القائم الكوفة، لم يبقَ مؤمن إلّا وهو بها أو يجيء إليها، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام يقول لأصحابه: سيروا بنا إلى هذا الطاغية»(1).

* الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يبني أكبر مساجد العالم
بعد أن يستقرّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف في الكوفة، ستصبح مطمح أنظار المؤمنين في العالم حيث يولّون وجوههم شطر المنقذ المنتظر ليسعدوا برؤيته وينعموا في ظلّ حكمه، ولذا، ستزدحم الكوفة وتضيق بأهلها وبالوافدين عليها. وعندما يقيم الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف أوّل صلاة للجمعة، سوف لا يتّسع المكان للمصلّين. فمن هنا، سيسأل الناس الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف أن يرتاد موقعاً يتّسع للمصلّين فيخرج عجل الله تعالى فرجه الشريف ويخطّ مسجداً له ألف باب لكي يسهّل الأمر للداخلين والخارجين.

* أكبر المساجد
إنّ ازدهار الحياة الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة سيساعد في إقبال الناس على الصلاة كمظهر من مظاهر الإيمان وتعبيراً صادقاً عن عقيدة صالحة، ولذا، لا يكفي هذا المسجد الكبير لاستيعاب المصلّين من جهة، ولامتداد رقعة الكوفة من جهة ثانية، حيث يتّصل العمران ويترابط البنيان حتّى يبلغ الحيرة ونهر البصريّين والغريّين، ففي الحديث أنّ أمير المؤمنين عليه السلام خرج إلى الحيرة فقال: «ليتّصلنّ هذه بهذه –وأومأ بيده إلى الكوفة والحيرة- حتّى يباع الذراع في ما بينهما بدنانير، وليُبنينّ بالحيرة مسجد له خمسمئة باب يصلّي فيه خليفة القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف؛ لأنّ مسجد الكوفة ليضيق عليهم وليُصلّينّ فيه اثنا عشر إماماً عدلاً. فسُئل: يا أمير المؤمنين، ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ؟ قال: تُبنى له أربعة مساجد: مسجد الكوفة أصغرها، ومسجدان في طرفي الكوفة من هذا الجانب وهذا الجانب -وأومأ بيده نحو البصريّين والغريّين»(2).

تكشف هذه الرواية:

1. مدى أهميّة الكوفة وكيف ستصبح ملاذاً لكلّ الأحرار والأخيار والمؤمنين بخطّ أهل البيت عليهم السلام.

2. كيف تتوسّع رقعة الكوفة حتّى تتمدّد لتتّصل بالحيرة وبنهر البصريّين والغريّين.

3. أنّ ازدحام الناس وكثرتهم وتعدادهم الكبير وإقبالهم على الصلاة هذا، سوف يستدعي تعدّد المساجد؛ فالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف يصلّي في أكبر المساجد وأهمّها، وأمّا المساجد الأخرى فيصلّي فيها نوّابه.

* مسجد السهلة: سكنى الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف
بالقرب من الكوفة وعلى بُعد بضعة كيلومترات، يقع مسجد السهلة، وهو مسجد مبارك اتّخذه بعض الأنبياء منزلاً لهم ولعوائلهم، فكان الترتيب الإداريّ يقتضي أن يكون مركز الخلافة في الكوفة بينما السكنى تكون في السهلة. وعلى هذه الطريقة والسنّة الشريفة ستكون سيرة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف وسنّته حيث سيتّخذ من السهلة محلّ سكناه وسكنى عائلته، وستبقى هذه البقعة المباركة محلّاً لسكنى من يأتي بعده. قال أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام وقد ذكر مسجد السهلة: «أما إنّه منزل صاحبنا إذا قدم بأهله»(3).

* الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يهدم مسجد ضرار
إنّ سيرة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف مشتقّة من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، تأخذ شرعيّتها ومشروعيّتها منها. فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم بنى المساجد ودعا إلى بنائها، بل أوّل دخول المدينة كانت مهمّته أن يبني مسجده المبارك، الذي أصبح ملتقى المسلمين ومحلّ اجتماعهم. ففي الوقت نفسه الذي دعا فيه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى عمارة المساجد، قام بهدم مسجد ضرار، الذي اتّخذه المنافقون وكراً للكفر ولتفريق المؤمنين وزرع الفتن والشقاق في صفوف المسلمين

كما أنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف الذي على يديه سيكون خلاص العالم، لن يتردّد في هدم كلّ مسجد ينحرف عن الهدف الذي وضع له والغاية التي تُرجى منه. لذا، عندما يستقرّ في عاصمة حكمه في الكوفة، ستبقى بعض النفوس المريضة الحاقدة على الحقّ تكيد للإسلام وتحيك المؤامرات، وإنّ أفضل الأماكن التي تغطّي عليها أعمالها القبيحة وتستطيع فيها أن تنفذ إلى مرامها هي بعض المساجد التي تتّخذ لهذا الأمر الخطير. من هنا، يأمر الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف بهدمها لما تشكّله من خطر على الإسلام وعلى وحدة المسلمين.

* العدل والإصلاح
لا يغيب عن ذهننا أنّه عندما يظهر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، يكون العالم غارقاً في الظلم والاعتداء على الضعفاء وعلى من لا قوّة لهم تحميهم أو تدفع عنهم عذاب الظالمين وسياطهم. إنّ المجتمع، يومذاك، يعيش حالة في غاية الانحطاط حيث القويّ يأكل الضعيف، والكبير لا يرحم الصغير، ولا يعود للقيم معنى أو نصيب. في أجواء الظلم، يأتي الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف ليقدّم الإسلام في أروع تجاربه وأنصع صفحات حركته، وليحرّر من وقع في نير العبوديّة، فيفكّ أسره ويعطيه حرّيته.

(1) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 52، ص 220.
(2) المصدر نفسه، ج 52، ص 274.
(3) الإرشاد، الشيخ المفيد، ج 2، ص 380.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع