كنّا مستعدّين لإرسال جميع المعدّات التي يحتاجها السوريّون، لكنّ الكيان الصهيونيّ وأمريكا أغلقا السماء والطرق البريّة والمجال الجويّ، ولم يكن ذلك ممكناً. هذا هو واقع الأحداث. وإذا كان الحافز الداخليّ في ذلك البلد قويّاً وظلّ قائماً، وكان بإمكانهم الصمود أمام العدوّ، لما تمكّن الأخير من إغلاق سمائهم ولا طرقهم البريّة؛ ولكان يمكن تقديم المساعدة حينها.
* ستتغيّر الأحوال
يجب على الجميع أن يعلموا أنّ الأمور لن تبقى على هذا الحال. إنّ فكرة أن تأتي مجموعة إلى دمشق أو أماكن أخرى وتحتفل وتغنّي وتعتدي على منازل الناس، والكيان الصهيونيّ يقصف بالدبّابات والمدافع، لن تستمرّ. بالتأكيد، سيقف الشباب الغيورون في سوريا، وسيقاومون، وسيضحّون، وسيتكبّدون خسائر، لكنّهم سيتغلّبون على هذا الوضع. كما فعل الشباب الغيورون في العراق؛ بمساعدة وتوجيه وقيادة وتنظيم شهيدنا العزيز قاسم سليماني، إذ تمكّنوا من طرد العدوّ من أزقّتهم وشوارعهم ومنازلهم. وإلّا، فقد كان الأمريكيّون في العراق يفعلون الأمور نفسها؛ كانوا يكسرون أبواب المنازل، ويطرحون ربّ الأسرة أرضاً أمام زوجته وأطفاله، ويضغطون بأحذيتهم على وجهه. ولكنّ العراقيّين وقفوا وصمدوا، وشهيدنا العزيز بذل كلّ ما في وسعه في هذا السبيل. الشيء نفسه سيحدث هنا أيضاً. قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، ولكنّ النتيجة حتميّة وقاطعة.
* لا للغفلة
إنّ حادثة سوريا تُعدّ درساً وعبرة لكلّ منّا، وللمسؤولين. يجب أن نتعلّم من هذه التجربة. أحد الدروس هو مسألة "الغفلة"؛ الغفلة عن العدوّ. نعم، في هذه الحادثة، تحرّك العدوّ بسرعة، لكن كان ينبغي أن يدركوا ذلك مسبقاً. لقد قدّم جهاز استخباراتنا تقارير تحذيريّة للمسؤولين السوريّين قبل شهور من الحادثة. لا أعلم ما إذا كانت هذه التقارير وصلت إلى كبار المسؤولين أم أنّها ضاعت في الطريق. ولا ينبغي الغفلة، ولا يجب الاستهانة بالعدوّ، ولا يجب الوثوق بابتسامته؛ أحياناً يتحدّث العدوّ بلطف وابتسامة، لكنّه يخفي خنجراً خلف ظهره ينتظر الفرصة المناسبة.
* النصر والهزيمة موجودان
على جبهة المقاومة أن لا تغترّ بالانتصارات، ولا أن تيأس بسبب الهزائم. النصر والهزيمة أمران دائماً موجودان. في الحياة الشخصيّة للأفراد، نجد النجاح والفشل؛ وفي حياة الجماعات كذلك: ثمّة نجاحات وإخفاقات. يوماً ما تكون جهة معيّنة في موقع القيادة، ويوماً آخر تكون خارجها؛ وهذا ينطبق على الدول أيضاً. الصعود والهبوط جزءان من الحياة، ولا يمكن لأيّ شخص أن يتجنّب هذه الحقيقة. المهمّ هو أنّه عند الصعود، يجب ألا نصاب بالغرور؛ لأنّه يولّد الجهل، ويجعل الإنسان غافلاً.
ثمّة بعض الأشخاص الذين يكرّسون جهدهم لبثّ الخوف في قلوب الناس؛ وهذا أمر لا يجب أن يحدث. لا يجب على أحد أن يقوم بمثل هذا العمل. وإذا تحدّث أحدهم في تحليل أو بيان بطريقة تُضعف معنويّات الناس وتُخيفهم، فهذا يعدّ جريمة ويجب متابعتها.
كما لا ينبغي أن يصدر الاستسلام أو الانفعال من المؤمن. أحياناً يكون خطر الانفعال أشدّ من الحدث نفسه؛ فهو يعني أن ينظر الإنسان إلى الوضع ويشعر بأنّه عاجز عن فعل أيّ شيء، فيستسلم! لذلك، في التقدّم والانتصارات، الغرور سمّ قاتل؛ وفي الفشل والمصاعب، الانفعال سمّ قاتل أيضاً؛ ويجب أن نحذر من كليهما. يقول القرآن: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾. اشكر الله ولا تغترّ! ﴿وَاسْتَغْفِرْهُ﴾؛ استغفر ربّك من التقصير الذي بدر منك!
*من خطاب لسماحته دام ظله ألقاه بتاريخ: 11/12/2024م.