مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الافتتاحية | أيّها المجاهدون... أنتم الموالون حقّاً

الشيخ بلال حسين ناصر الدين


أسباب عدّة تُذكر في عدم التزام القسم الأكبر من أهل الكوفة بما راسلوا به الإمام الحسين عليه السلام؛ فبينما كانوا بالأمس مندفعين إلى مواجهة حكم الأمويّين، استقالوا في اليوم التالي من أيّ التزام وعهد بينهم وبين إمامهم، وإنّ لهذا أسباباً ظاهريّة وأخرى باطنيّة. وما يثار عادة في تحليل موقفهم هذا إنّما يتعرّض إلى الأسباب الظاهريّة، كأن يقال إنّهم وقعوا تحت تأثير الترغيب أحياناً والترهيب أحياناً أخرى، وهذا واقع لا شكّ فيه، ولكنّ سبباً رئيساً لا بدّ من التأمّل فيه، ألا وهو ضعف ولائهم الذي دفعهم لأن يقعوا في قبضة هذه المؤثّرات، حتّى وصل الأمر بهم إلى أن يتركوا إمامهم وحيداً أمام حشود الجنود المدجّجين على بُعد بضعة كيلومترات منهم، ولم يقوموا بمؤازرته! في الوقت عينه، كان ثمّة رجالٌ قد أظهروا موقفاً مغايراً عمّا أظهره هؤلاء، وهم الذين لازموا الإمام الحسين عليه السلام وبقوا معه إلى أن استشهدوا بين يديه، وهم أصحابه الأوفياء وبضعة رجالٍ التحقوا بركبه عليه السلام بعد أن تخلّوا عن جيش ابن زياد. فإنّ هؤلاء جميعاً، كانوا قد تحلّوا بصفة حاكمة لطالما كانت معياراً في إيمان المرء أو عدمه، وفي ثباته أو عدمه، ألا وهي صفة الولاء. فالولاء بمفهومه العقديّ والمعنويّ كان دافعاً لهؤلاء الأوفياء ومحرّكاً لهم لأن يلازموا إمام زمانهم، وهو الذي حال دون تركه البتّة.

يذكر الإمام الخامنئيّ دام ظله أنّ الولاية الحقيقيّة، إنّما هي على شُعَبٍ ثلاثة، وهي: معرفة الوليّ، والارتباط المعنويّ والعاطفيّ بالوليّ، والارتباط السلوكيّ بالوليّ، فإذا ما تحقّقت هذه الشعب الثلاثة كانت الولاية لدى الإنسان أصيلة ومؤثّرة في حركته وسلوكه، ومدى التزامه بتوجيهات الوليّ وإرشاداته. وهذه هي ميزة الموالين الحقيقيّين، فإنّ حياتهم بما فيها تتناغم مع من يوالون، أكان في السرّاء أم في الضرّاء، ولأجل ذلك، لا تغرّهم المغريات مهما عظمت، ولا تزلزلهم الصعوبات مهما اشتدّت، فالمهمّ لديهم هو الثبات على نهج الولاية الذي هم عليه.

وإنّ من أبرز ما يتّصف به الموالون الحقيقيّون والأصيلون، هو صفة الوعي والدراية، فإنّهم قادرون على تحديد ما هم عليه من واقع، وما سيؤول إليه كلّ أمر يواجهونه، ما يجعلهم أكثر ثباتاً وصموداً في وجه التحدّيات.

من هنا، ندرك سرّ موقف أصحاب الإمام الحسين عليه السلام، وكذلك سرّ موقف كلّ من جاهد ويجاهد في سبيل الله ولم تأخذه في الله لومة لائم، ومن أولئك المجاهدون الأبطال الذين يقفون اليوم في ثغور لبنان دعماً لإخوانهم في فلسطين ومؤازرةً لهم، ليكونوا الموالين لا بالقول وحسب بل بالفعل والعمل أيضاً.

إنّ جهاد المجاهدين اليوم، ليس مجرّد قتال آنيّ تقف تبعاته عند انتصار هنا أو تقدّم على العدوّ هناك، إنّما هو بنفسه مدرسة تكرّس في نفوس الأجيال الحاضرة والمستقبليّة ثقافة الولاء للحقّ وثقافة مناهضة الظالمين والمحتلّين، بل إنّ جهادهم بمثابة البذور التي تَنبت ثماراً طيّبة على أصعدة شتّى.

هنيئاً لكلّ المجاهدين الذين التزموا طريق الجهاد، طريق خاصّة أولياء الله، فإنّهم الموالون حقّاً.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع