تقرير: نانسي عمر
بعد ممارسة التمارين الرياضيّة، قد يشعر بعضنا بآلام وتشنّجات عضليّة وعلى رأسها ما يُعرف بالتعضيل. فما هو تعريفه الطبّيّ؟ وهل يعدّ عارضاً صحيّاً طبيعيّاً أم مرضيّاً؟ وما هي سبل الوقاية منه أو علاجه منزليّاً حال حدوثه؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على المعالج الفيزيائيّ الدكتور حسام ياسين(1) وعدنا بالتقرير الآتي:
* ما هو التعضيل؟
التعضيل أمر شائع بين الناس وآثاره تختلف من شخص لآخر، وحتّى تعريفه الطبيّ يختلف بحسب الدراسات والأبحاث المتنوّعة التي تناولته، ولكن في المفهوم العام يعبّر عنه بأنّه انكماش غير طوعيّ لعضلة من عضلات الجسم أو مجموعة من العضلات لفترة من الزمن. يمكن أن يصيب التعضيل أيّ شخص من أيّ فئة عمريّة، وكذلك الرياضيّين في بداية فترة ممارستهم للتمارين، وحتّى المحترفين منهم.
* أسبابه
1. ممارسة الرياضة: قد يحدث التعضيل عند لاعب رياضيّ أو أيّ شخص قام بجهد رياضيّ غير معتاد، وهنا يعدّ عارضاً يبقى لمدّة 48 ساعة كحدّ أقصى.
2. حالة طبيعيّة: يمكن أن يكون التعضيل أمراً إيجابيّاً وهو ما يسمّى بالتجاوز، أي أنّ الرياضيّ يكون بحاجة له حتى يتخطّى عتبة معيّنة من التمرين.
3. تمارين قاسية: بما أنّ التمارين يجب أن تمرّ بمراحل عدّة بعضها قاس، فهذا يسبّب تمزّقات خفيفة للعضلات أو كدمات تؤدّي إلى التهابات أو تورّم أو تعضيل.
* أنواع التعضيل:
1. العارض: ثمّة نظريّتان فيزيولوجيّتان في أسباب التعضيل العارض:
أ. النظريّة الأولى: تقول إنّ سببه جفاف في الجسم خلال التمرين في ظلّ جوّ حارّ وعدم توازن الأملاح المعدنيّة وخاصة الصوديوم.
ب. النظريّة الثانية: تُرجع سبب التعضيل إلى تغيير في التحكّم العصبيّ العضليّ بعد التمارين، إذ إنّ العضل يشتدّ كي يحمي نفسه من التمزّق.
ويعتبر الدكتور ياسين أنّ التعضيل إذا كان عارضاً سببه التمارين الرياضيّة فهو جيّد، لأنّه يجعل الرياضيّ يصل إلى مراحل مهمّة في التمرين، لكنّه إذا استمرّ لأكثر من 4 أسابيع يتحوّل إلى حالة مرضيّة قد تدوم لسنوات.
2. المرضيّ: أمّا التعضيل لأسباب مرضيّة لا علاقة لها بالتمارين الرياضيّة فله أسباب عدّة:
أ. يحدث عند بعض الأشخاص الذين يُجهدون عضلة معيّنة، مثل الكتّاب الذين يستخدمون أيديهم لفترات طويلة.
ب. قد يكون مرتبطاً بأمراض عصبيّة تسبّب تشنّجات في العضل لفترات طويلة، أو ببعض أمراض الكبد أو الكليتين أو السكّريّ.
ج. بعض الاضطرابات النفسيّة التي تؤثّر على النوم والغذاء ونمط الحياة تسبّب أيضاً مشاكل تعضيل جسديّ.
د. تشير الدراسات إلى أنّ 50% من النساء الحوامل يتعرّضن أيضاً للتعضيل خلال فترات عدّة من حملهنّ وخاصة في الثلث الأخير.
وتبيّن دراسات أخرى أنّ نسبة التعضيل في فرنسا مثلاً مرتفعة عند كبار السنّ (من 65 إلى 69 سنة)، بينما ينتشر في أميركا التعضيل الليليّ المرتبط بمشاكل القلب والاكتئاب. وفي أستراليا، 32% من الناس الذين يصابون بمرض عصبيّ يتعرّضون للتعضيل. كما ربطت دراسة أميركية أخرى أنّ 46% من مشاكل التعضيل سببها مرض انسداد الرئة.
وهذا ما يؤكّد على ضرورة اللجوء إلى طبيب مختصّ لتحديد سبب التعضيل في حال استمرّ لفترة أطول من المعتاد، فبعض الأمراض العصبيّة تبدأ بتشنّجات عضليّة ثمّ تصبح تعضيلاً، وقد تتحوّل إلى بعض المشاكل، لتتفاقم مع تقدّم الزمن وتؤدّي إلى مشاكل عصبيّة كبيرة، وهنا أهميّة التشخيص الدقيق والمبكر للسبب الذي أدّى إلى هذه النتيجة.
* علاج التعضيل
عادةً ما يتعافى الشخص من التعضيل خلال 3 إلى 5 أيّام دون عوارض مرضيّة. وثمّة بعض الخطوات التي تساعد المريض على التعافي خلال هذه الفترة، يذكر منها د. ياسين:
1. النوم من 7 إلى 9 ساعات.
2. الإكثار من شرب المياه والسوائل والمشروبات التي تحتوي على كربوهيدرات.
3. تناول المتمّمات الغذائيّة المهمّة للجسم.
4. وضع الثلج على المناطق المعرّضة للتعضيل أو القيام بمغطس ثلج.
5. تناول الفاكهة التي تحتوي على كميّة من المياه (بطيخ، شمام، ليمون)، أو نسبة عالية من البوتاسيوم (الموز والبطاطا الحلوة).
6. شرب الحليب.
7. الابتعاد عن المشاكل التي تؤدّي إلى ضغط نفسيّ.
8. ممارسة اليوغا وتمارين الاسترخاء.
9. الاستماع إلى الموسيقى الهادئة.
10. ممارسة تمارين التمدّد العضليّ لوقت كافٍ وبطريقة صحيحة، لأنّ تقوية العضلات تجعل الرياضيّ يمارس التمارين لوقت أطول.
* دور المعالج الفيزيائيّ
يؤكّد الدكتور ياسين على أهميّة حضور المعالج الفيزيائيّ مع الرياضيّين حتّى يتابع طريقة تمرينهم وروتين حياتهم. أمّا في حال الأمراض المسبّبة للتعضيل، فإنّ دور المعالج الفيزيائيّ هو توجيه المريض لتشخيص المشكلة وتقديم بعض النصائح لتنظيم روتين حياته اليوميّ.
ويقدّم د. ياسين نصيحة مهمّة للوقاية من التعضيل، وهي ممارسة الرياضة أو اعتماد نظام تدريجيّ في التمرين.
(1) دكتور في العلاج الفيزيائيّ واختصاصيّ في علاج الأمراض العصبيّة والإصابات الرياضيّة.