الشيخ حسن فواز
روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "إنّ قائمنا إذا قام دعا النّاس إلى أمرٍ جديدٍ كما دعا إليه رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، وإنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء"(1).
جاء في بعض الروايات الشريفة كما الرواية السابقة، أنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد. والجديد يحمل وجهين:
1 - الجديد بمعنى دعوة جديدة ودين جديد.
2 - الجديد بمعنى إعادة إحياء الدين واستنهاضه.
والمعنى الأوّل لا ينسجم مع قوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ﴾ (آل عمران: 19)، ولا ينسجم مع وصف القرآن الكريم بأنّه كتاب الله الخالد الذي لا يبلى، كما جاء في كلمات الأئمّة عليهم السلام: "وهو الدّليل يدلّ على خير سبيلٍ وهو كتابٌ فيه تفصيلٌ وبيانٌ وتحصيلٌ وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهرٌ وبطنٌ فظاهره حكمٌ وباطنه علمٌ، ظاهره أنيقٌ وباطنه عميقٌ، له نجومٌ وعلى نجومه نجومٌ لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليلٌ على المعرفة"(2).
وكما ورد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: "حلال محمّدٍ حلالٌ أبداً إلى يوم القيامة وحرامه حرامٌ أبداً إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجيء غيره"(3).
من هنا، يتبيّن أنّه لا يقصد من "الجديد" أنّه عجل الله تعالى فرجه الشريف سوف يدعو إلى دين جديد كما قد يُتوهّم، فلا جديد من حيث الحلال والحرام، فضلاً عن الدين والكتاب العزيز.
بل المقصود من الأمر الجديد هو المعنى الثاني؛ كما يُفهم من الأخبار؛ أي ضعف الدعوى، وأنّ الإسلام يعود غريباً في آخر الزمان كما بدأ. أمّا تشبيه الإسلام بالرجل الغريب، فهو تشبيه بمن قلّ ناصره وبَعُد داره، وقد كان الإسلام على هذه الحال في أوّل دعوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فدعا إلى أمر جديد. وسوف يعود الإسلام غريباً، فيخرج الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف ويدعو إلى إحياء الدين في حياة الناس، ويقوم على تطبيقه ونفاذه في المجتمع، فيكون جديداً على الناس إذ ابتعدوا عنه.
وهذا المعنى ينسجم مع روايات أخرى، فقد ورد أنّه: "سيأتي على النّاس زمانٌ لا يبقى من القرآن إلّا رسمه، ومن الإسلام إلّا اسمه يسمّون به، وهم أبعد النّاس منه"(4).
1- النعماني، الغيبة، ص 336
2- الشيخ الكليني، الكافي، ج 2، ص 599.
3- المصدر نفسه، ج 1، ص 58.
4- المصدر نفسه، ج 8، ص 308.