مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

نور روح الله: سـورة التوحيـد: بشارة آخر الزمـان

 


ورد في فضل هذه السورة المباركة كثيرٌ من الأحاديث الشريفة، منها ما ورد في الكافي الشريف بإسناده إلى باقر العلوم عليه السلام: "من قرأ قل هو الله أحد مرّة بورك عليه، ومن قرأها مرّتين بورك عليه وعلى أهله، ومن قرأها ثلاث مرّات بورك عليه وعلى أهله وعلى جيرانه، ومن قرأها اثنتي عشرة مرّة بنى الله له اثني عشر قصراً في الجنّة، فيقول الحفظة اذهبوا بنا إلى قصور أخينا فلان فننظر إليها، ومن قرأها مائة مرّة غُفرت له ذنوب خمس وعشرين سنة ما خلا الدماء والأموال، ومن قرأها أربعمائة مرّة كان له أجر أربعمائة شهيد كلّهم قد عُقر جواده وأُريق دمه، ومن قرأها ألف مرّة في يوم وليلة لم يمت حتّى يرى مقعده في الجنّة أو يُرى له"(1).

نسبُ الحقّ تعالى
اعلم أنّ هذه السورة الشريفة هي نسب الحقّ تعالى، وهو ما تؤكّده الأحاديث الشريفة، منها ما ورد في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام: "إنّ اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا: انسب لنا ربّك، فلبث ثلاثاً لا يجيبهم، ثمّ نزلت: قل هو الله أحد، إلى آخرها"(2). فلهذا، تعجز عقول البشر عن فهم حقائقها ودقائقها وأسرارها. ولكن مع هذا الوصف، فما هو نصيب أهل المعرفة منها، وما هو حظّ قلوب أهل الله منها، لا يسعه ميزان العقل المجرّد.

ولعمر الحبيب، إنّ هذه السورة الشريفة، من الأمانات التي عجزت عن حملها السماوات والأرض، ولا يليق بحملها إلّا الإنسان الكامل، [...] وهنا بشارة تقرّ بها عيون أهل آخر الزمان، وتعطي الاطمئنان لقلوب أهل المعرفة، وهي في الحديث الذي ورد في الكافي الشريف: سُئل عليّ بن الحسين عليهما السلام عن التوحيد، فقال: "إنّ الله عزّ وجلّ علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمّقون، فأنزل الله تعالى ﴿قل هو الله أحد﴾ والآيات من سورة الحديد إلى قوله: ﴿وهو عليم بذات الصدور﴾، فمن رام وراء ذلك فقد هلك"(3).

ويُعلم من هذا الحديث الشريف أنّ المتعمّقين وأصحاب الأنظار الدقيقة هم من يفهمون هذه الآيات والسورة المباركة؛ فدقائق التوحيد والمعرفة وسرائرها منطوية فيها، والحقّ تعالى أنزل لطائف العلوم الإلهيّة لأهلها. أمّا الذين ليس لهم حظّ من سرائر التوحيد والمعارف الإلهيّة، فليس لهم حقّ في أن يفسّروها على ما يفهمونه من المعاني العاميّة.

ما عرفناك
اعلم أيّها السالك سبيل المعرفة والتوحيد، أنّ الذات المقدّسة للحقّ تعالى منزّهةٌ عن التجلّيات الظاهرة والباطنة، ومبرّأةٌ عن الإشارة والاسم والصفة والرسم؛ فأيدي آمال أهل المعرفة قاصرة عن ذيل كبريائه، وأرجل أصحاب القلوب في السلوك راجلة عن الوصول إلى بلاط قدسه، وإنّ غاية معرفة الأولياء الكمّل: "ما عرفناك حقّ معرفتك"، ونهاية سير أصحاب الأسرار: "ما عبدناك حقّ عبادتك"، ورئيس سلسلة أهل المعرفة وأمير أصحاب التوحيد عليه السلام يقول في هذا المقام الرفيع: "كمال الإخلاص نفي الصفات عنه"(4). إمام أهل السلوك وسيّد الساجدين والعارفين عليه السلام يترنّم في هذا الجناب المنيع: "ضلّت فيك الصفات، وتفسّخت دونك النعوت"(5).

أوصاف الله
والسورة الشريفة: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد﴾ من جوامع الكلم كسائر القرآن، يستفيد منها كلّ قارئٍ لها على طور. كما أنّ علماء الأدب والظاهر يرَون أنّ (هو) ضمير الشأن، و(الله) اسم علم يدلّ على الذات المقدّسة، و(أحد) بمعنى الواحد، أو مبالغةً في الوحدة؛ يعني أنّ الله واحد، أو أنّه لا شريك له في الألوهيّة، أو ليس كمثله شيء، أو أنّ أفعاله واحدة؛ بمعنى أنّها جميعها طبق الصلاح والإحسان، ولا يجرّ نفعاً لنفسه، و(الله) الصمد يعني أنّه سيّدٌ كريم، إليه مرجع الناس في الحوائج، أو أنّه لا يتولّد منه شيء ولا يتولّد هو من شيء، وليس له ندٌّ شبيهٌ ولا نظير. وهذا بيان عرفيّ عامّيّ مقابل الكفّار الذين كانت لهم آلهة متّصفة بالصفات الماديّة المحدودة، وأمر النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول لهم: ليس إلهنا كإلهكم، بل أوصافه هي هذه الأوصاف المذكورة.

(1) الكافي، الكلينيّ، ج 2، ص 619.
(2) (م. ن)، ج 1، ص 91.
(3) (م. ن)، ج1، ص 91.
(4) شرح أصول الكافي، المازندرانيّ، ج 10، ص 494.
(5) موسوعة العقائد الإسلاميّة، الريشهريّ، ج 3، ص 323.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع