نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

المسرح العربي وابتعاده عن الدراما الهادفة


هـ. م‏


أن تعطيني مسرحاً فقد منحتين تواصلاً وحياة، هكذا هو المسرح عبر تطوره التاريخي، إنه حلقة لا تخرج من خصوصياتها عن كنه الحياة الاجتماعية والسياسية لكل شعب من الشعوب..
وبالنظر إلى موقعيتنا المسرحية العربية الراهنة يمكن تبني مبدأ تأرجح المسرح بين الرسالة الهادفة وبين السقوط في متاهات التهريج والفرجة الساقطة.
إن مسرحنا العربي لا يمكن أن يكون كغيره من المسارح بغير مقومات وركائز متينة وبناء حتيمة الرسالة فيه الوصول إلى عقول جمهور الناس وقلوبهم وهذا البناء المسرحي المطلوب ما هو سوى تلك الأسس التي لا يكنه تجاهلها ولا مفاصلتها عن النص ككل أو عن الحدث كجزء من الحركة المسرحية عموماً.

- المسرح أو الفن الرابع كما يسمونه هو في حقيقته حياة ثانية وصورة طبق الأصل للواقع المعيشي بجميع عناصره المتفاعلة مع الأرض ومع الإنسان من هنا كانت نواة كل نص مسرحي قضية تدهور الأحداث حولها... تتضخم.. تتفاعل لتصل عقدتها وتظهر في النهاية. هكذا هي الدراما فهل يملك مسرحنا العربي الراهن هذه النواة أم أننا نعيش عصراً مسرحياً إن صح التعبير تحكمه موائيات الصخب وتستثيره موسيقى تسحب عنه جدية الدور المنوط به لتلبسه غشاوة تعمي الأبصار. إن البحث عن الشكل الدرامي في مسرحنا العربي يستوجب العودة والرجوع إلى هذا المفهوم من ناحية وإلى مدى قابليته للتفاعل مع الواقع عبر حركته الدرامية التاريخية من ناحية أخرى، من الأمثلة الدرامية عبر تاريخنا العربي نجد أن ما حدث "لغيلان الدمشقي" الذي أعدم أيام حكم هشام بن عبد الملك الأموي بسبب طرحه قضية التسيير والتخيير خيرُ مثال للدراما الاجتماعية في أرقى تكويناتها الإنسانية هذه التكوينات وسواها أصبحت مفقودة اليوم في جل نصوصنا المسرحية العربية حيث نجد أن عدداً قليلاً من الأعمال المسرحية المعاصرة حاولت الوصول إلى مستوى فنى معين يرقى إلى الفهم السليم للمعالجة الدرامية وبالتالي إلى التعبير عن روح الدراما فعبد الله الرحمن الشرقاوي مثلاً في مسرحيته "الحسين ثائراً" و "الحسين شهيداً" وكذلك الأمر لدى "عز الدين المدني" في مسرحيته "ديوان الذبح" و "صلاح عبد الصبور" في مسرحيته "مأساة الحلاّج" أو "سعد الله ونوس" في "مغامرة رأس المملوك جابر" وهي أمثلة قليلة أمام الكلام الهائل من الأعمال المسرحية المكتوبة هذه الأعمال المكتوبة والتي لا يمكن لنا الحكم عليها بعدم المعالجة الدرامية على الرغم من النواقص تبقي محاولات للبحث عن شكل درامي ما أو عن جوهرها الفكري وهنا يمكن أن نضرب مسألة الفداء الإسلامي والذي يقابله في ثقافة الغرب الفداء الإسلامي والذي يقابله في ثقافة الغرب الفداء المسيحي الذي تجلى في فلسفة التضحية فكانت أساساً للبيئة الكلية لتكل الثقافة الغربية) إن مثل هذه المسألة لا تتوضح في الدراما العربية المعاصرة وهو دليل عدم دخول مسرحنا العربي في بنية ابداع العقلي الدرامي الأمر الذي أدى إلى تصوير سطحي للقضايا والهموم بطرق لا تمت بصلة إلى مفهوم التراث، هذا التراث الذي انطلق منه الغرب وبنى عليه وبه مسرحاً عالمياً يحمل في طياته جميع مكونات الدراما.

إن موروثنا العربي الإسلامي زاخر بالموضوعات والشخوص والمواقف التي يمكن لنا أن تفجر عشرات الأعمال الدرامية بل والأشكال التي تفرض نفسها من خلال موضوعاتها.
فواقعة كربلاء وما حملته من مأساة ومعاناة إنسانية خير تصوير لمفهوم الدراما بجميع عناصرها المتأثرة في الحدث والمتأثرة من خلال تقابل النقيض بالنقيض والكفر والإيمان والرحمة والطغيان.
إن مشكلة مسرحنا العربي ليست في الشكل بقدر ما هي في العثور على جوهر الدراما نفسها وهذا الأمر لا يتأتى إلا من خلال الخبرة الفنية والحس المرهف حيث يسمح للكاتب المسرحي بالتنقيب الجاد عن الدراما من ناحية وبالوعي النقدي الصحيح من ناحية ثانية وفي ظل غياب هذه العوامل والأسس لا يمكن أن ننشي‏ء لدينا مسرحاً أفضل مما نحن فيه فمن خلال النظر إلى ما يعرض اليوم على مسارحنا العربية نجد أن تهميش مسألة الدراما والابتعاد عن معالجتها هما بطلا المشهد في مختلف الفصول العروض المسرحية حتى أصبحنا أمام زمن مرعب نتيجة التشويه الفكري للمشاهد العربي حيث نلاحظ طغيان عامل التهريج.
من المشرق وصولاً إلى المغرب عشرات المسرحيات جميعها لا تتعدى مفهوم الفرجة أو التقليد الببغاوي الرخيص خصوصاً بعد ابتداع ما يسمى بالمسرح التجريبي والذي جاء ليعيد مسرحنا العربي إلا نقطة الصفر وهنا لا يسعنا إلا أن نتساءل: مسرحنا العربي إلى أين يسير وإلى أي هاوية تستدرجنا نصوصه المبتذلة وأين وزارات الثقافة العربية في هذا الحال المتدني؟!

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع