صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)



محمد قدسي


أكمل المتبحّرين، نادرة الخلق وبقية السلف، مفتي طوائف الأمم والمرشد إلى التي هي أقوم، قدوة الشيعة ونور الشريعة:
وهو نجم لامع في سماء الفقه الإسلامي، وكانت حياته حياة طيبة مثمرة آتت ثمرات طيبة في الفقه وغيره من علوم الشريعة، فقد قُدّر للشهيد الثاني أن يخلّف بعده تراثاً فقهياً وثروة فكرية ضخمة تداولها من بعده الفقهاء بالتدريس والتحقيق والبحث.

كما أتيح له أن يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسائر المذاهب الإسلامية الفقهية ويقرأ الفقه والدراسات العقائدية على مختلف المذاهب الإسلامية ولم تقتصر ثقافة الشهيد على الفقه فقد درس الهيئة والطب والرياضيات والأدب والفلسفة وفنون أخرى من العلم دراسة واعية مستوعبة ودرّس كلاّ منها كما كتب في جملة منها.
وفي جميع هذه الحقول يظهر للباحث آثار النضج الذهني وسعة الفكر في دراسات الشهيد وكتاباته.
ومما يثير العجب في نفس الإنسان أكثر من أيّ شيء آخر أنّ حياة الشهيد قدس سره كانت مجموعة من الرحلات والأسفار الطويلة والشاقة، ومع ذلك فقد استطاع الشهيد أن ينمي ثقافته الفقهية والعامة خلال هذه الرحلات وما كان يتخلّلها من أيام الدراسة في الحواضر العلمية في فنّه إلى هذا المستوى.

وهذه ظاهرة غريبة لا نملك تعليلاً لها غير توفيق من الله تعالى ونبوغ ذاتي أتاح له أن يجمع شتات العلوم والآداب في حياته المضطربة وبين الرحلات والخوف ورغم عدم طولها.
وليست الثقافة الواسعة والذهنية المنفتحة الواعية هي ميزة الشهيد قدس سره الوحيدة، فقد كان الشهيد من أولياء الله المقرّبين وممن وُفّق لتهذيب نفسه وتكميلها، والتغلب على عوامل الشهوة والهوى والطاغوت في النفس، والإخلاص لله تعالى حقّ الإخلاص في كلّ جزء من سلوكه.
وكانت لياليه عامرةً بذكر الله، والتسبيح والصلاة والاستغفار، ونهاره عامراً بالدراسة والتأليف والتعرّض لحاجات الناس وتوجيههم وإرشادهم، فكانت حياته كلها حلقات متصلة من العمل والدراسة والعبادة والجهاد في سبيل الله. وأروع ما في هذه الحياة هذه الخاتمة الناصعة التي ألحقته بركب الشهداء، فكانت حياته حياة نموذجية، وكان هو مثل أعلى للتقوى والعمل، وكان التراث الفكري الذي خلفه من بعده والذرية الطاهرة التي أعقبها استمراراً لهذه الحياة الصالحة الخيّرة.

* بيته:
نشأ الشهيد في بيت عريق معروف بالفضل، ذي جذور وسوابق علمية، فكان أبوه من كبار أفاضل عصره، وكذلك جداه (جمال الدين) و (التقي) وجده الأعلى (الشيخ صالح) من تلاميذ العلامة، وكان البيت يعرف بسلسلة الذهب.
ومهما يكن فقد نشأ (الشهيد) في مثل هذا البيت وتبلورت ذهنيته وتكاملت نفسه وكان له الأثر الكبير في تكوينه الذهني والنفسي، ومنذ أيام صباه ظهرت ملامح النبوغ والذكاء عليه.
ويكفي في فضله أنّه ربى نجله (الشهيد) وبلغ إلى هذا المستوى من الفقاهة والفكر، وكان من جملة ما قرأه عليه (المختصر النافع) و (اللمعة الدمشقية) بالإضافة إلى كتب الأدب.
ويذهب إلى (ميس) لتكميل دراسته، فحضر فيها على الشيخ الجليل (علي بن عبد العال الكركي) قدّس الله سره من سنة 925 حتى سنة 933، وقرأ عليه (شرائع الإسلام) والإرشاد وأكثر القواعد. وفي غالب الظنّ أنّ دراسة الشهيد في هذا الدور للشرائع والإرشاد والقواعد لم تكن دراسة سطحية وإنما كانت شيئاً من البحث النظري والاجتهاد وبين دراسة السطح، وأنس الشهيد بمجالس الشيخ (علي بن عبد العالي) وأنس الشيخ به، فكان لا تفوته مجالس الشيخ ودراساته العامة والخاصّة.

وكان الشيخ يجد في الشهيد الطالب الناشئ ملامح النبوغ، والكفاءة وتوقد الذهنية والذكاء فكان ذلك يبعث الشيخ على الاهتمام بتلميذه الناشئ أكثر من أيّ شخص آخر.
واستمرّ الشهيد كذلك يحضر مجالس الشيخ ودروسه من دون انقطاع إلى ثماني سنوات وثلاثة أشهر، وكان عمره في هذا الوقت يبلغ اثنتين وعشرين سنة.
ثممّ بدأ الشهيد يترك ميس غلى كرك نوح حيث يقيم الشيخ علي الميس.
وفي كرك نوح حضر أبحاث السيد حسن بن السيد جعفر مؤلف كتاب (المحجة البيضاء) وانشرح الشهيد لأستاذه الجديد واتصل به اتصالاً وثيقاً، وحضر عليه مختلف البحوث والدراسات العالية من أدب وفقه وفلسفة وكلام وأصول وغيره من العلوم، فقرأ عليه (قواعد ميثم البحراني) في الكلام والتهذيب، في أصول الفقه والعمدة الجلية في الأصول الفقهية من مؤلفات السيد المذكور والكافية في النحو.

* العودة إلى الوطن:
ففي شهر جمادى الآخرة سنة 934 غادر كرك نوح إلى جبل مسقط رأسه ووطنه الأول، وبقي فيها إلى سنة 937، واشتغل هذه المدّة بالمذاكرة والمطالعة والتوجيه الديني والإرشاد وقضاء حوائج الناس مما يتعاطاه العلماء في أطراف البلاد، فكان في هذه المرة مثال الرجل الرسالي والموجه المدير والمشفق على أبناء بلده، واحتف حوله الناس، وأكثروا التردّد عليه.

* في دمشق:
لكن الشهيد – وهو الشاب الطموح المتطلع دائماً إلى الأعلى – لم يشأ أن يقنع بهذا المستوى وبهذا القادر الذي أوتي من الفضل والعلم والمكانة الاجتماعية، ولم يغره احتفاء الناس به وإكبارهم له فقرّر أن يغادر (جبع) إلى دمشق، فارتحل إليها سنة 937، وظلّ فيها سنة واحدة حضر فيها دروس المحقّق الفيلسوف شمس الدين (محمد بن مكي) فقرأ عليه من كب الطب (شرح الموجز) و (غاية القصد في معرفة الفصد) من مصنفات الشيخ المذكور، ومن كتب الهيئة (فصول الفرغاني) ومن الفلسفة بعض (حكمة الإشراق) للسهرودي، كما قرأ علم القراءة على الشيخ (أحمد بن جابر) في كتاب الشاطبية، ثم رجع إلى وطنه.

* عودته إلى دمشق:
وفي أوائل سنة 943 رجع الشهيد مرة أخرى إلى دمشق وفيها حاول هذه المرّة أن يتصل بشخصيات دمشق (العلمية) من مختلف المذاهب، ويدرس (المذاهب الإسلامية) فيها دراسة واعية مستوعبة في الحديث والفقه.

* في مصر:
ولم تقف به همته عند هذا الحد، فقد شاء أن يتعاطى مع بيئات فكرية مختلفة، ويتلقى نماذج مختلفة من الفكر والثقافة، ولا تظل ثقافته قاصدة على هذا اللون من الفكر الفقهي والفلسفي والأدبي الذي يتعاطاه العلماء والطلاب في سوريا.
فصمّم سنة 943 أن يغادر (دمشق) إلى (مصر) حيث يلتقي بأجواء فكرية جديدة علمية وحيث يمكنه أن يتصل بوجوه جديدة من الشخصيات الفكرية والاجتماعية.
وكانت مصر يومئذٍ مركزاً كبيراً من مراكز الحركة العقلية في (البلدان الإسلامية) والتقى الشهيد في مصر بكبار الفقهاء والمحدثين والمفسرين من أصحاب مختلف (المذاهب الإسلامية) وحاول أن يلتقي بهم جميعاً ويندمج في حلقاتهم ومجالسهم الخاصّة حتّى يستطيع أن يلمّ إلمامة واسعة عميقة بجميع هذه المذاهب وينفذ إلى معنى هذه المذاهب، ليعي ما فيها من حق وباطل وخطأ وصواب، وقد ألمّ الشهيد في هذه الفترة – على قصرها – بجملة وافية من العلوم والمعارف الإسلامية وقرأ عدداً كبيراً من الكتب الدراسية، وأنس بمجالس العلم في مصر، وألفه شيوخ العلم فيها كما ألفته حلقات التدريس ومجالس العلم في مصر.

* عودته إلى وطنه:
وفي هذه الفترة أحسّ الشهيد وهو الشاب الطموح أنّه لم يعد بحاجة إلى غيره في الدراسة والتفكير، وأنّ البقاء في "مصر" أو في "دمشق" لا يزيده شيئاً على ما عنده، وأنّه قد تجاوز مرحلة الإعداد الفكري وأحاط بما لدى المذاهب الإسلامية من ثقافة وفكر، وألمّ بطرف من فنون العلم وانتقل من مرحلة التلقي إلى مرحلة التأمّل الذاتي والاستيطان، فغادر مصر إلى الحجاز في 17 شوال سنة 944 فكانت مدة إقامته في مصر ثمانية عشر شهراً.
وبعد قضاء الحج والعمرة رجع إلى مسقط رأسه ووطنه الأول (جبع) حيث كانت تسبقه شهرته وصيته وفضله ويتلهف الناس لقدومه.
وكذلك عودة (الشهيد) إلى وطنه مبعث حياة جديدة في هذا القطر فازدحم الناس عليه وتوجه إليه طلاب المعرفة من مختلف الأقطار المجاورة. والتفّ حوله الفضلاء والعلماء وأخذ بالتدريس والتوجيه والإرشاد وإدارة شؤون القطر الديني، وبنى فيها مسجداً كما قام بغيره من المشاريع العامة.

* اجتهاده:
وأخذ الشهيد في هذا الوقت سنة 944 يلمس من نفسه القدرة على الاجتهاد والاستنباط إلاّ أنه لم يظهر ذلك حتّى عام 948 حيث شاع ذلك عنه ورجع الناس إليه في التقليد.

* ثقافته ومشايخه:
كان الشهيد رحمه الله كثير الاتصال بشيوخ عصره من الفقهاء والأصوليين والمتكلمين والفلاسفة والرياضيين والأدباء.
ومع ما كان يتصف (الشهيد) في دور الدراسة من التعمّق ودقة النظر والملاحظة، كان موسوعياً في دراسته، واستوعب كثيراً من فنون الثقافة في وقته، واتصل بكثير من الحركات العلمية المعاصرة له، واندمج بها ذهنياً وخالط العلماء، وحضر حلقات الدراسة ومجالس العلماء في أكثر حقول المعرفة والعلم من ثقافة عصره.
فكان يحضر في وقت واحد دراسة الفلسفة والفقه والأدب والتفسير والقراءة والطب والرياضيات وغيرها، وكان لهذا التوسع في الدراسة والشمولية أثر كبير في تنمية ذهنية الشهيد وتوسعتها في دور التلمذة.

* العلوم الأدبية:
درس الكافية في النحو على السيد (حسن بن السيد جعفر) صاحب كتاب المحجة البيضاء وشرح التلخيص في البلاغة على الشيخ (شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي) في مصر.

* العلوم الشرعية:
حضر (الفقه) على والده الشيخ نور الدين علي وعلى الشيخ علي بن عبد العالي في ميس حيث درس عليه (شرائع الإسلام) و (الإرشاد) و (أكثر القواعد).
ودرس أصول الفقه على السيد حسن بن السيد جعفر حيث درس عليه التهذيب في أصول الفقه و (العمدة الجلية في الأصول الفقهية).
درس الفقه وأصوله على المذاهب السنية بصورة مفصلة ومستوعبة في دمشق ومصر على أئمة الفقه من المذاهب الأربعة.

* العلوم العقلية:
وألمّ الشهيد إلماماً واسعاً بالعلوم العقلية في وقته من منطق وفلسفة وكلام وعرفان فقرأن المنطق على كثيرين من مشايخه كالشيخ محمد علي الكيلاني في مصر، وقرأ من الكتب الكلامية (قواعد) الميثم البحراني على السيد حسن ابن السيد جعفر في جبل عامل.

* الرياضيات والطبيعيات:
ولم يغفل الشهيد وهو الشاب المثقف المتطلع الثقافات الرياضية والطبيعية في وقته، فدرس جملة وافية على أساتذة الرياضة والطبيعة فدرس (شرح أشكال التأسيس) في الهندسة لقاضي زاده الرومي على الملا حسين الجرجاني في مصر وأبواباً من الحساب وكتاب (الياسمينية) وشرحها في علم الجبر والمقابلة على الشيخ شمس الدين محمد بن عبد القادر الفرصي في مصر، وقرأ في الطب (شرح الموجز النفيسي) و (غاية القصد في معرفة القصد) من مؤلفات الفيلسوف شمس الدين محمد بن مكي عليه في دمشق.
هذه صورة مصغرة عن ثقافة الشهيد وسعة معارفه.
ومن هذا الاستعراض السريع لثقافة الشهيد ومشايخه يستطيع الباحث أن يتبين ملامح من (شخصية الشهيد الثقافية) فقد ألم في شبابه إلماماً واسعاً بمختلف علوم عصره وتعاطاها واستوعبها فكان في عصره مثال المثقف المنفتح الذهب على الثقافات والمعارف البشرية، وتنعكس هذه الشمولية والتوسعية على آثار الشهيد، يلمح الباحث عن الشهيد من خلال آثاره أنّه يخوض مجالات ثقافة عصره باطمئنان وقوة واعتداد بالنفس، وهذه الميزة تعتبر من أهم مميزات شخصية شيخنا (الشهيد).

* زيارة العتبات المقدّسة في العراق:
زار البلاد الرومية ما يقرب من تسعة أشهر تجول خلالها في كثير من مدنها، واتصل بكثير من علمائها وأعيانها ووجهائها، وأخذ بغيته من العلوم والمعارف المنوّعة، وكتب كتابات دقيقة جداً عن المدن التي زارها مما يدلّ على حبه الشديد للاستطلاع أينما حلّ حتّى أنّه لم ينسَ أن يذكر مناخ المدينة وأنواع أثمارها وبعض عادات أهلها وما إلى ذلك من الأمور التي اعتاد استقصاءها أولئك الرجال الأفذاذ الذي ينظرون إلى كلّ شيء ينظر دقيق وعميق.

ولم يشأ أن ينهي سفرته هذه ويعود إلى وطنه قبل أن يذهب إلى (العراق) ويزو المراقد المطهرة والمشاهد المقدسة هناك ويتصل بالأعلام القاطنين في تلك الديار فيهم صوب العراق وورد (سامراء) يوم الأربعاء رابع شهر شوال سنة 952 ه، وتنقل في البلدان العراقية واحداً بعد واحد وزار المشاهد المشرفة وقبور الصالحين المشيدة في (بغداد) والحلة و (كربلاء) و (الكوفة) و (النجف الأشرف) وغيرها.
وكانت الحفاوة بمقدم (الشهيد) بالغة جداً، فلم ينزل في مدينة إلاّ وكان يتدفق عليه سيل الزائرين من العلماء والأفاضل وسائر الطبقات المحترمة، يسلمون عليه ويرحبون به ويستبشرون بلقياه ويسرون بقدمه المبارك.
وإن دلت هذه الحفاوة البالغة على شيء فإنّما تدلّ على المكانة العلمية الكبيرة التي كان يحتلها (الشهيد) في العالم الإسلامي آنذاك، وعظيم الاحترام في نفوس المسلمين كافة حتّى البعيدين عن وطنه ومسقط رأسه وتدلّ كذلك على أنّه كان يتمتع بشهرة واسعة جداً في الأوساط العلمية في مختلف البلدان القريبة والنامية.

* السفر إلى بعلبك:
وبعدما أنهى (الشهيد) زيارته للأعتاب المقدسة توجه إلى بعلبك حيث تنتظره النفوس المشتاقة إلى الارتشاف من مناهله العذبة والاستفادة من علومه الجمة ومحاضره المليئة بأنواع الكمالات النفسية والأخلاق الفاضلة.
ولم يحل (الشهيد) (بعلبك) إلاّ وأتاه الناس زرافات ووحداناً للسلام عليه وزيارته، وكان البشر والسرور يحفان بوجوههم والثناء الطيب يتردّد على ألسنتهم.
ولم يدع الشهيد هذه الفرصة السانحة له أن تفوته، فاشتغل بالتدريس والإفتاء، وأخذ بإرشاد الناس والقيام بشؤونهم الدينية وقضاء حوائجهم.

رجوعه إلى بلده:
بقي الشهيد في بعلبك إلى سنة 955 مواصلاً في أعماله التي ذكرنا جانباً منها، ولكن حنينه إلى وطنه ومسقط رأسه وشوقه إلى لقاء أقاربه وأصدقائه وسائر معارفه الذي فارقهم منذ خمس سنوات.. كلّ هذا سبب رجوعه إلى بلده وبقائه فيه، ولكن الذي يظهر مما كتبه ابن السعودي في رسالته أنّ مجيئه هذا إلى وطنه كان بداية ما لقيه (الشهيد) من الضغط الشديد والمراقبة عليه وإحاطته بالعيون والجواسيس.

آثاره وشهادته في الحلقة القادمة
إن شاء الله تعالى

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع