سارة الموسوي*
يتناسى الكثير من مرضى الضغط دور الغذاء في علاجهم، معتمدين على العلاج الطبي كأساس لمداواة حالتهم. إلّا أن الأطباء يجمعون على أنَّ للحمية الغذائية دوراً رئيسياً في حماية ومعالجة مرضى الضغط، وأنَّ الدواء وحده، بعيداً عن الحمية، عاجز عن معالجتهم. فما هو مرض الضغط؟ وما هي أسبابه وأعراضه؟ وهل يمكننا تفادي الإصابة به؟ وما هي الأغذية الأكثر ضرراً وتلك الأنسب لمرضى الضغط؟
*مخاطر مرض الضغط
يعاني حوالي 26 % من سكان العالم من مرض الضغط، وهو إنْ لم يعالج يرفع من نسبة خطر الموت وذلك لأنه يزيد من نسبة الإصابة بالجلطات القلبيّة والدماغيّة وغيرها من أمراض القلب، والشرايين، وإصابة الكلى. لذلك فمن الضروري التعرف إلى هذا المرض وعلاجه غذائياً على الأقل.
*من هو مريض الضغط؟
مرض الضغط هو مرض مزمن ينتج عن ارتفاع ضغط الدم في الشرايين، ما يدفع القلب لأنْ يمارس جهداً أكبر لضخ الدم فيها.
ومستوى ضغط الدم يتألف من رقمين: ضغط الدم الانقباضي وضغط الدم الانبساطي ويُقرأ الضغط على النحو الآتي: رقم الضغط الانقباضي (SBP)/ رقم الضغط الانبساطي (DBP). ويكون ضغط الدم طبيعياً إذا كان بين 100/60 و140/ 90 مليمتر زئبق.
ويكون الشخص مصاباً بارتفاع ضغط الدم عندما يكون قياس ضغط الدم أكبر من 140/ 90 مليمتر زئبق (ويعرف بين الناس بـ 14 على 10) لـ3 مرات في أوقات متباعدة.
*أعراضه
يسمى مرض ارتفاع الضغط بـ"المرض الصامت" لأن لا أعراض مميِّزة له، إلّا أنه مع ارتفاع الضغط قد يشعر المريض بصداع شديد أو طنّة في الأذنين أو مشكلة في النظر ويصاحبه التعب. وقد يتعرض بعض الناس لحالات إغماء متكررة.
*أسبابٌ ووقاية
قد يكون ارتفاع الضغط ناتجاً عن مرض آخر كمرض الكلى، أو أمراض الغدد والسمنة وغيرها. إلّا أنّ حوالي 90 % من مرضى الضغط يصابون بالمرض إما عند التقدّم في العمر أو لأسباب وراثية أو لأسباب أخرى يمكن تجنبها، ومنها:
1– البدانة.
2 - قلة النشاط.
3 - التدخين (ويشمل النرجيلة)، وذلك لأنه يعمل على تدمير جدار الشرايين وتكوين الكتل الدهنية على جدارها، ويعمل النيكوتين على انقباض الأوعية الدموية.
4 - الحساسية من الصوديوم، وتحصل عندما يرتفع الضغط بصورة مفاجئة بعد استهلاك كمية عادية من الملح، وذلك لأن الملح يؤدي إلى احتباس السوائل في الجسم والشرايين، وبالتالي ارتفاع الضغط فيها.
5 - انخفاض البوتاسيوم: فالبوتاسيوم يعمل على ضبط مستوى الصوديوم في الجسم، لذلك فإن النقص في البوتاسيوم يؤدي إلى ارتفاع نسبة الصوديوم في الدم، ما يؤدي إلى ارتفاع الضغط.
6 - الأمراض المزمنة التي يمكن السيطرة عليها: كارتفاع الكوليستيرول والسكري.
وقد عزا بعض الدراسات ارتفاع الضغط لدى البالغين إلى بعض الأحداث المبكرة منها: الوزن المنخفض عند الولادة، كون الأم مدخنة أثناء الحمل، والحرمان من الرضاعة.
*الحلّ الأمثل
1 - تخفيض الوزن: الأشخاص المصابون بالسمنة معرضون من 2 إلى 6 مرات لمرض الضغط أكثر من غيرهم. فإن كل زيادة 10 % في الوزن تنبئ بزيادة 7 مليمتر زئبق في ضغط الدم.
2 - زيادة التمارين الرياضية إلى 45-30 دقيقة معظم أيام الأسبوع.
3 - الحد من تناول الملح (فإن 6غ من ملح الطعام تعادل 2.4 غ من الصوديوم). وإن 20 % من الملح الذي نتناوله يأتي من زيادة الملح إلى الطبخ أو على المائدة، و80 % يأتي من الأطعمة المعلبة والمصنعة والجاهزة.
4 - الإقلاع عن التدخين أو التقليل على الأقل.
5 - اتباع نظام غذائي قائم على:
أ - زيادة استهلاك الفواكه والخضار (3 حصص من الفواكه وصحن سلطة كبير يومياً على الأقل) خاصة أنها غنية بالبوتاسيوم.
ب - تناول الأجبان والألبان القليلة الدسم.
ج - الابتعاد عن الأطعمة الدسمة من لحوم وحلويات ذات الدهون المشبعة.
د - التقيد بالعلاج الطبي من قبل الطبيب.
*مصادر الملح في الغذاء
1- الأطعمة الجاهزة والمصنّعة مثل:
أ - الخضار المعلبة.
ب - الحساء الجاهز (Noodles..) والأقراص المنكِّهة التي تضاف إلى الحساء واليخنة.
ج - اللحوم المصنّعة: مرتديلّا - مقانق..
د - بعض الأطعمة المفرزة (المجلّدة) ويستخدم فيها الملح كمادة حافظة ولتحسين المذاق والتنكيه.
2– السوسات (sauces):
ملعقة صغيرة من الملح تساوي تقريباً 2 غ من الصوديوم Na (وهي الكمية المسموحة لمرضى الضغط) وكل ملعقة كبيرة من سوس الصويا تحتوي على غرام واحد من الصوديوم Na (أي نصف الكمية المسموح بها). ومع وجبة طعام من الخارج، نكون قد تجاوزنا الضعفين إلى 3 أضعاف الكمية التي نحتاجها يومياً.
3 - موجود طبيعياً في بعض الأغذية: حليب – فواكه – خضار...
4 - قد تكون الأملاح مخبّأة في بعض الأغذية، رغم أننا لا نشعر أنّ طعمها مالح، مثل: الخبز، الـ Baking powder، الـ Baking Soda وكل غذاء يحتوي على صوديوم.
5 - وقد وجد أن أكثر المجموعات الغذائية العالية بالملح هي: مجموعة منتجات الحبوب (البريتزلز، الـ chips، البسكويت المملّح...)، ومنتجات اللحوم، مشتقات الحليب، المكسرات.
*كيف نتجنّب الكميات العالية من الملح؟
1– ابتعد قدر الإمكان عن الوجبات الخفيفة المالحة مثل: الشيبس – المكسرات – البريتزلز..
2 - تناول الأغذية الطازجة أو المجلّدة، وكميّات أقل من الأطعمة الجاهزة والمصنّعة، فهي أقلّ غنى بالصوديوم من تلك المعلّبة. وليكن تحضيرها في المنزل أفضل من شرائها جاهزة.
3 - اتّبع طريقة نقع الأجبان البيضاء في الماء قبل تناولها، من أجل تقليل كمية الملح فيها.
4 - اطّلع على المعلومات الغذائية وانتقِ تلك المدوّن عليها قليلة الصوديوم أو الملح. (فهي ليست مخصّصة لذوي الضغط المرتفع فقط).
-0,6 غ صوديوم في 100 غ = غني بالملح.
-0,1 - 0,3 صوديوم/ 100غ = قليل الملح.
5 - استبدل الملح بالبهارات، عصير الحامض، منكهات أخرى مثل: إكليل الجبل، النعناع، الزنجبيل..
6 - ابتعد عن السوسات (sauces): صويا – كاتشب – خردل...
7 - لا تضفِ الملح إلى طعامك قبل تذوقه، تذوّق ثم قرّر.
بالنهاية، إن الطعم هو أمر مكتسب، من الممكن أن نعوّد أنفسنا على نسيانه. حاول أن تقلّل قليلاً فقليلاً وسترى أنه في غضون أسابيع قليلة أنك لم تعد تحبّه.
في الواقع، إنّ تقليل الملح في الغذاء، ليس أصح فقط، بل يجعلك تستمتع بالمذاق الحقيقي لطعامك.
* أخصائية تغذية.