صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

إعلامنا في دائرة الاستهداف

د. إبراهيم الموسوي(*)


يخوض محور الاستكبار العالميّ الأميركيّ الصهيونيّ الغربيّ وأذنابه من العملاء العرب وغيرهم حرباً لا هوادة فيها ضدّ محور المقاومة والممانعة؛ بدءاً من طهران مروراً ببغداد ووصولاً إلى سوريا ولبنان وفلسطين، ودون أن ننسى اليمن أيضاً.

•حرب إعلامية سياسية
وتتّخذ هذه الحرب أشكالاً متنوّعة: عسكريّة وسياسيّة واقتصاديّة وإعلاميّة واجتماعيّة ونفسيّة، ويلبسها محرّكوها أقنعة سياسيّة ومذهبيّة تناسب سياساتهم في الزمان والمكان.

وفي مجال الحرب التي تخوضها المنظومة الاستكباريّة ضدّ الإعلام الملتزم المقاوم يمكن ملاحظة أساليب وسياسات متنوّعة تستند إلى استراتيجيّة واحدة، هدفها شيطنة محور هذا الإعلام وتشويه صورته بطريقة مبرمجة، وممنهجة، ووسْمه بصفات التطرّف والتعصّب والإرهاب. كما ويتمّ استهدافه من خلال طرق عديدة:

الأولى: تقنيّة، وتتمثّل بحجب الصوت والصورة عن الأقمار الصناعية من خلال إنزال إشارة البثّ ومعاقبة كلّ من يتعامل مع هذه القنوات الإذاعيّة والتلفزيونيّة.

الثانية: إعلاميّة، من خلال تصنيف وسائل هذا الإعلام ومؤسساته بأنها كيانات إرهابيّة؛ ما يبرّر للولايات المتحدة والعدوّ الصهيونيّ استهداف المؤسسات التابعة لها بالقصف والتدمير باعتبارها أهدافاً مشروعة.

أمّا الأسلوب الثالث:
فيتمثّل بالحصار الشامل ومنع التعامل التجاريّ والإعلانيّ معها أو توريد أي معدّات لها وتجريم ومعاقبة كلّ مَن يتعامل مع هذه المؤسسات باعتباره داعماً للإرهاب.

•عمل دؤوب لتشويه الصورة
ويلجأ محور الاستكبار إلى إنفاق ميزانيّات ماليّة ضخمة لتشويه صورة الإعلام الملتزم، وصورة مؤسّساته الإعلاميّة وغير الإعلاميّة وهو ما أقرّ به السفير الأمريكي السابق إلى لبنان "جيفري فيلتمان" الذي اعترف أنّ الإدارة الأمريكيّة خصّصت ميزانيّة قدرها خمسمائة مليون دولار لتشويه سمعة حزب الله في الأوساط المحليّة، والإقليميّة، والدوليّة وتصويره على أنّه حزب إرهابيّ خارج عن القانون، وعصابة مافيويّة تتعاطى تجارة المخدّرات وغسيل الأموال والتهريب.

ولا يخفى أنّ سبب كلّ هذه الحملات والعقوبات وأعمال الحصار التي تقوم بها المنظومة الاستكباريّة الغربيّة هو الموقف الثابت الملتزم الذي يتّخذه الإعلام المقاوم ضدّ العدوّ الصهوينيّ والداعم لفلسطين قضيّةً وشعباً ومقاومةً في وجه الاحتلال الإسرائيليّ.

•محاربة البثّ الفضائيّ
وفي جردة سريعة لأبرز الاعتداءات على إعلامنا، نذكر الحصار الفضائيّ للعديد من القنوات العربيّة والإسلاميّة، وهي اعتداءات بدأت باكراً أي منذ ما يزيد على أربعة عشر عاماً، حين أصدرت السلطات الفرنسيّة المختصّة قراراً بإنزال إشارة بثّ قناة المنار عن القمر الأوروبيّ "يوتلسات"، وأعقب ذلك قيام الأمريكيين بتصنيف القناة ككيان إرهـابيّ، وتبعــهم في ذلك العـديد من البـلـدان الأوروبيّة، والأمر نفسه قام به بعض الحكومات العربيّة، وتحديداً السعوديّة التي أوقفت بثّ المنار عن "العرب سات" ثمّ تبعتها مصر التي أوقفت بثّ المنار عن "النايل سات" ممّا حرم شرائح جماهيريّة واسعة من تلقّي بثّ هذه القناة.

ولم تكن المنار وحدها في الميدان؛ إذ تعرّضت القنوات السوريّة والإيرانيّة والفلسطينيّة للحملة نفسها واتّخذت التدابير والإجراءات نفسها بحقّ قنوات "العالم" و"برس تي في" و"الأقصى" و"فلسطين اليوم".. وقام العدوّ الصهيونيّ بتدمير بعض هذه المؤسّسات بالكامل خلال عدوانه على لبنان في تموز 2006م، وتحديداً قناة المنار وإذاعة النور وكذلك فُعل الأمر نفسه لاحقاً في فلسطين ضد قناة "الأقصى".

•كتّاب مأجورون
وفي إطار آخر، ولكن ضمن السياق نفسه، قامت المنظومة المعادية بتأسيس وإطلاق العديد من وسائل الإعلام من قنوات تلفزيونيّة ومحطّات إذاعيّة ومواقع إلكترونيّة وصحف مكتوبة، واستئجار العديد من الأقلام والكتّاب من صحافيين ومفكّرين فضلاً عن شراء مساحات في وسائل إعلام مستقلّة أو محايدة لبثّ السموم وشنّ حملة دعاية مكثّفة ضدّ إعلامنا ومحورنا. ولكن لم يُكتب النجاح لمعظم هذه الحملات، فيما أُقفلت محطّاتٌ بسبب انفضاحها والفشل في تسويق أهدافها، رغم أنّ الأجواء في المنطقة كانت مؤاتية جدّاً، لا سيّما بعد الحرب على سوريا والتي جهدت الإدارة الإعلاميّة المعادية في تصويرها على أنّها حرب مذهبيّة بين السنّة والشيعة أو بين العرب وإيران.

•حلول في مواجهة التحدّيات

إزاء هذا السيل من التحدّيات أيّ مستقبل يرتجى؟ وهل من بدائل ممكنة لاختراق الحصار المطبق القائم؟
من المفيد أولاً، التأكيد على أنّه رغم الإمكانات الهائلة والميزانيّات الضخمة المرصودة أو تلك التي أُنفقت، وكذلك رغم امتلاك المحور المعادي لمنظومة واسعة وفعّالة من وسائل الإعلام المتعدّدة والمتنوّعة، وقدرته على فرض الإملاءات والتهديد بالعقوبات لمحاصرة إعلامنا المقاوم ومحاولة خنقه، إلّا أنّ هذا الإعلام استطاع أن يثبت حضوره ومواكبته في ساحة المواجهة السياسيّة والميدانيّة مدعوماً بالإنجازات العسكريّة والأداء الحكيم والمدروس للقيادة السياسية؛ بدءاً بكلام ومواقف السيّد القائد الخامنئي} الميدانيّة وإطلالات ومواقف سماحة الأمين العام السيّد حسن نصر الله (حفظه الله). كذلك كان للإعلام الحربيّ في هذا المحور بصماته الواضحة في هذا المجال. غير أنّ ما ساعد بقوّة على المواكبة والمتابعة وتثبيت إنجازات محورنا هو البدائل الإعلاميّة المتمثّلة بالإعلام الاجتماعيّ والنيوميديا وصحافة المواطن وكلّ منظومة الإعلام التفاعليّ عبر الشبكات العنكبوتيّة واليوتيوب والفايسبوك والتويتر وغيرها، وقد استطاع هذا المحور توظيفها بكفاءة معقولة وإن كانت بحاجة إلى المزيد من التأطير والتفعيل والصقل والتطوير.

•أمّة عزم وإرادة
وقد بات واضحاً جسامة المسؤوليّات الإعلاميّة الملقاة على كاهل مؤسسات هذا الإعلام وخطورتها، ما يستدعي إنشاء أُطر جديدة وتفعيل القديم منها، وكذلك في تشكيل جيوش وسرايا إلكترونيّة يكون قوامها من المتطوّعين والناشطين... كما ينبغي الاستفادة من تجربة التشبيك مع جهات ناشطة معادية للنهج الأميركيّ الصهيونيّ من جمعيات الكتّاب والصحافيين والأكاديميين المؤمنين بحقّ المقاومة للشعوب المحتلّة أرضها. وهؤلاء موجودون في كلّ أنحاء المعمورة.

سيبقى هناك دوماً سبيل لمجابهة التحديات وتحقيق الانتصارات طالما أنّ هناك أمّة تؤمن بقضيّتها وتعمل لأجلها بكلّ عزم وإرادة... وهو ما نحن فيه الآن.


(*) إعلامي، وأستاذ جامعي.

أضيف في: | عدد المشاهدات: