سارة الموسوي خزعل
يعير الإنسان اهتماماً كبيراً لأسنانه، كونها عنصراً أساسيّاً في مظهره الجماليّ، خاصّةً وأنّ الأسنان بقوّتها وجمالها تعطي ميزة للبسمة وللوجه بخلاف ما إذا كانت ضعيفة وهشّة. وللأسف، يتهافت الجميع على تجميل الشكل الخارجيّ لأسنانهم بعد تعرُّضها للمشاكل والتسوّس، ويتكلّفون المبالغ الباهظة، متناسين أنّ الأسنان جزء لا يتجزّأ من الجسم الذي يحتاج إلى غذاء يدعم نموّه ومتانته وجماله.
لذلك، يعتبر الغذاء الصحيح مصدراً مهمّاً لحياة واستمراريّة الأسنان. فما هي أكثر الأغذية فائدة للأسنان؟ وما هي تلك المضرّة بها؟ هل تفقد الأسنان مناعتها كما الجسم؟ وما هي الممارسات الخاطئة التي تزيد من تعرّض الأسنان للتسوّس؟
* تأثير الغذاء في سلامة الأسنان
السنّ -كما العظم- تتكون من أنسجة مترابطة تعتمد في نموّها وتماسكها على وجود بعض المعادن؛ كالكالسيوم والماغنيزيوم والفلورايد وغيرها.. فإذا وفّر الغذاء للسنّ حاجاتها أصبحت هذه الأنسجة مترابطة، وقوية، وأصبحت السنّ أكثر قدرة على مقاومة البكتيريا والميكروبات.
وقد أُجريت بعض التجارب لتبيّن أنّه يمكن من خلال تحسين النظام الغذائيّ، إعادة تقوية الأسنان والحدّ من تسوّسها؛ إذ بيّنت تجربة أُجريت على مجموعة من الأطفال ذوي الدخل المنخفض (وبالتالي لا يتبعون نظاماً غذائيّاً متوازناً على الأغلب)، وانتخبت الحالات التي تعاني من تسوّس كبير في الأسنان، فتمّ تحسين نوعيّة غذائهم وإدخال الأغذية الغنيّة بالمعادن الضرورية للأسنان، وكانت النتيجة:
1- توقّف كلّي لتسوّس الأسنان.
2- ترمّم الأماكن التي كان ينقصها الكالسيوم.
(وكان ذلك من دون أي تدخّل في نظافة الأسنان).
* مغذّيات الأسنان
إنّ العناصر الأساس المهمّة للأسنان ونموّها وسلامتها هي: الكالسيوم، الـ Vit D، الماغنيزيوم، الفلورايد، الـ Vit C، الفلافونيد.
أ- مصادر الكالسيوم
1- منتجات الحليب: لبن، لبنة، جبنة (وهي تحتوي على النسبة الأعلى من الكالسيوم والأكثر امتصاصاً).
2- حبوب الصويا ومنتجاتها: حليب الصويا المدعم، لحم الصويا، وأجبانه.
3- الخضار: البروكولي واللفت والملفوف. كوب واحد من هذه الخضار يعادل في كمية الكالسيوم كوباً واحداً من الحليب.
4- الأسماك وثمار البحر.
5- الحبوب والبقول: كالفول والعدس والحمّص.
ب- مصادر الفيتامين D
التعرّض للشمس - الحليب المدعّم - ثمار البحر - الحبوب والبقول - صفار البيض.
ج- مصادر الفلورايد
الفلورايد معدن يتّحد مع الكالسيوم، ويساهم في بنية العظام ويساعد في حمايتها من التآكل، ويوجد في:
- مياه الشرب المدعّمة بالفلورايد - الشاي على أنواعه - ثمار البحر - الخضار: الجزر والثوم - بذور دوار الشمس - اللوز.
بالإضافة إلى معجون الأسنان.
د- مصادر الماغنيزيوم
المكسرات - الخضار الخضراء (الملفوف- البقدونس- النعناع...) - البذور - الحبوب الكاملة ومنتجاتها (الخبز الأسمر، الأرزّ الأسمر، القمح الكامل، الفريك...) - الفواكه المجفّفة.
الأغذية المضرّة بالأسنان
إنّ الأغذية الأكثر ضرراً بالأسنان هي السكّر والأطعمة الغنيّة بالسكّر كالشوكولا، التشيبس، المشروبات الغازية...
والأهمّ من ذلك هو تكرار تناول هذه السكّريّات، وطول فترة بقائها في الفم كالعلكة المحلّاة أو السكاكر. وكذلك الأطعمة التي تلتصق بالأسنان كالتشيبس والجيلي. وهذا ما يعرّض الأطفال لتسوّس أسنانهم.
* الحلّ المناسب
- يمكن استبدال العلكة أو السكاكر المحلّاة بالسكّر بتلك المحلاة اصطناعياً، خاصة التي تحتوي على مادة الـ xylitol، فقد تبيّن أنّها تقلص كمية البكتيريا في الفم، وتزيد من إفراز اللعاب الذي يغسل الفم من بقايا الطعام.
- الأفضل تقديم الحلويات مع الطعام أو مباشرة بعده، وليس بين الوجبات، ففي هذه الفترة تكون كميّة اللعاب كبيرة في الفم فتساعد كذلك في غسل الفم.
- تناول الملح بعد الطعام، فقد ورد في الأحاديث الشريفة أنّ الملح يعقّم الفم.
* بعض الممارسات الخاطئة التي تضرّ بالأسنان
1- الإكثار من النقرشة: خاصّة بدون غسل الفم، لأنّها تقدّم الغذاء المستمرّ للبكتيريا في الفم. ويجب الفصل بين وجبة وأخرى بنحو 2 إلى 3 ساعات لكي نسمح للّعاب بغسل بقايا الطعام في الفم، أو غسل الفم مباشرة بعد الأكل.
2- وضع قنينة الحليب أو العصير في فم الطفل إلى أن ينام: وهذا يؤدي إلى تسوّس مبكر لدى الأطفال.
3- الارتواء من المشروبات الغازية أو العصائر بدل الماء؛ إذ إنّها تحتوي على عاملين يتلفان الأسنان؛ السكر الموجود بكميّات كبيرة، والأسيد الذي ينخر الأسنان.
* أغذية مهمّة لسلامة الأسنان
1- الجبنة: بالإضافة إلى كون الجبن غنيّاً بالكالسيوم، فإنه يزيد من إفراز اللعاب، ويعدل مستوى الأسيد في الفم. وينصح أطباء الأسنان مؤخراً بتناول الجبنة مباشرة بعد تناول أي نوع من السكريات.
2- العسل: يعتبر العسل مادة مضادة للبكتيريا وبالتالي يمنع من تكاثرها في الفم. وقد تبيّن أنّه مهمّ لمعالجة أمراض اللثة، كما ويقلل من إفراز الأسيد الذي يساعد البكتيريا على الالتصاق بالأسنان. وكمية قليلة من العسل تظل أفضل من السكّر.
3- الملح: الملح مُطهِّر للفمّ ومعقِّم له إذا أُخِذ مقدار منه بعد الطعام.
4- الشاي والقهوة: هما غنيان بالمواد المضادّة للأكسدة (flavonoids, polyphenols) التي تحمي خلايا الجسم وتزيدها مناعة، ولهما دور في الحفاظ على الأسنان وتقويتها.
وأما الشاي تحديداً، وخاصة الأخضر منه، فمن خصائصه أنه يزيل رائحة الفم الكريهة؛ إذ إنّه يمنع تكاثر البكتيريا، كما ويحتوي على مادة الفلورايد المفيدة للأسنان.
إلا أنّ في الشاي والقهوة مادة الـ tannic acid التي تعطي اللون الغامق للشاي، وهي مادة ملوِّنة، تصبغ الأسنان عند ملامستها. وذلك لا يؤثّر في بنية الأسنان إنّما في لونها. ويمكن تفادي ذلك بغسل الأسنان مباشرة بعد شرب الشاي.
وتجب الإشارة إلى أنّ تحلية الشاي بالسكّر تحوّله من نافع إلى ضار، فالأفضل شربه مرّاً أو قليل الحلاوة. ولا ننسى في النهاية الحفاظ على نظافة الأسنان عبر السواك والمضمضة المستمرّة بعد كلّ وجبة، والأخذ بنصائح طبيب الأسنان والمراجعة المستمرّة له.