مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الصحة والحياة: السلس البولي


د. محمد علي نور الدين


إن للتحكم الإرادي في عملية التبول أهمية قصوى لا تخفى على أحد، من الناحية الصحية والناحية الاجتماعية. يولد الإنسان غير قادر على التحكم الإرادي في عملية التبوّل، إذ أنّ البول يخرج بشكل غير إرادي بسبب تقلّصات في المثانة البولية؛ ولا يستطيع الإنسان أن يمنع هذه العملية من أن تأخذ مجراها بالشكل المتقدّم ذكره - أي بشكل إرادي - لكنّه مع مرور الزمن يكتسب الإنسان مهارات التحكم في مخارج جسده، فلا يندفع البول إلا بإرادته. ومع التربية المتشددة في الحياة الاجتماعية يصبح التحكم بحركة التبوّل أكثر فاعلية. ثمّ قد يتعرض الإنسان خلال حياته إلى أمراض وحوادث تسبّب له تحرّر المثانة البولية من قدرات الضبط العصبية فينطلق البول خارجاً من غير إرادة الإنسان؛ هنا نكون أمام ما يسمّى بالسلس البولي. إنّ السلس البولي ظاهرة مرضية عالية الانتشار بالرغم من أن الكثيرين لا يعلنون عنها بسبب الخجل الشديد الذي تحدثه هذه الحالة. لكنّه من خلال الدراسات يتبيّن لنا أنّ أكثر من 30% من الذين تجاوز عمرهم الستين عاماً هم من المصابين بالسلس البولي. وتزداد النسبة عند الشيوخ والعجزة الذين يحتاجون إلى عناية، والذين يكوّنون نسبة تصل إلى الـ 60% من المصابين بالسلس البولي. إلى ذلك تصل نسبة السلس البولي إلى 18% عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 - 18 سنة.

* أسباب السلس البولي:
1 - الحوادث: إن الإصابات في الرأس والنخاع الشوكي تؤدي في كثير من الأحيان إلى سلس بولي، وذلك بسبب الشلل الذي يصيب المثانة البولية؛ فيؤدي الشلل إلى تقاطر البول عند امتلاء المثانة دون أن يشعر المصاب بامتلاء مثانته؛ كما يكون السلس على شكل زخّات بسبب تشنّجات في المثانة البولية يصاحبها العجز عن السيطرة الإرادية على هذه التشنجات أو التقلصات.

2 - أمراض الشيخوخة في الجهار العصبي، والترف في الرأس أو مرض الباركنسيون وغيره.

3 - تضخّم البروستات: إن الرجال الذين يتقدمون باتجاه الستين من العمر تبدأ غدة البروستات لديهم بالتضخم، فيحدث ذلك التضخّم اضطراباً يترافق في بعض الأحيان مع السلس البولي.

4 - إستئصال البروستات: إن عملية استئصال الغدة البروستاتية قد تؤدّي إلى إيذاء المصرّة وتسبّب سلساً بولياً.

5 - وهن عضلات الحوض عند النساء: إن عملية الحمل والولادة تتسبّب في وهن عضلات الحوض عند النساء؛ تلك العضلات التي تمسك بالمثانة البولية، والأعضاء التناسلية الداخلية للرحم، وتمنعها من الانزلاق من مكانها الطبيعي. إنّ تراخي هذه العضلات يحدث هبوطاً في المثانة البولية مترافقاً مع سلس بولي جهدي، أي عند القيام بالجهد والسعال والعطاس، وكذلك عند الضحك يخرج البول بشكل مفاجئ، وبغير إرادة مسبّباً الإحراج الشديد للمرأة؛ الذي يجعل المرأة في كثير من الأحيان تختار العزلة.

6 - تمزّق الولادة: في بعض الأحيان تصاب المرأة بتمزّق عند الولادة أو الجراحة، فينشأ ممرٌ مباشرٌ ما بين المثانة البولية والأعضاء التناسلية فيخرج البول من هذا الممر إلى الخارج.

* الوسائل التشخيصية:
1 - بسبب كثرة الأسباب التي ذكرت وغيرها مما لا يتّسع المقال لذكرها لا بد من مراجعة الطبيب وإجراء ملف خاص لكل حالة، حيث على المرء أن يراقب نفسه بشكل دقيق، كمية البول اليومية، زمن حدوث السلس البولي، قوة الدفع، قدرة الإنسان على التحكّم بهذا السلس بشكل جزئي أو بالمطلق.

2 - الفحص السريري: فحص المخارج البولية إذا كان هناك تقرّحات أو ثقوب، أو تضخّم البروستات، هبوط في المثانة البولية وغيرها مما يمكن تحديده من خلال الفحص السريري، ومن خلال مراقبة المريض عند الجهد إذا كان يستطيع أو لا يستطيع التحكّم بعملية التبوّل.

3 - الصورة الصوتية وتساعد على معرفة وجود أورام أو حصيّات في المثانة البولية أو شي‏ء آخر يضغط على المثانة البولية.

4 - الصورة الظليلة الملوّنة هي عبارة عن حقن مادة ظليلة تسمح بواسطة الأشعة السينية عليه السلام من مشاهدة المسالك البولية؛ حجم المثانة، شكلها، موضعها وهي خالية بعد التبوّل.

5 - التخطيط: وهي عملية دقيقة لمعرفة العوامل العصبية، فبواسطة التخطيط نستطيع معرفة سعة المثانة، قوة التدفّق البولي، قوة ضغط المثانة، قوة ضغط الجوف البطني وقوّة المصرّة.

* وهل يوجد تشنّجات غير مسيطر عليها في المثانة البولية وغيرها من المفردات الأخرى؟
نعم، هناك التخطيط المتزامن مع الصورة الظليلة، إذ يترافق المشهد مع كل المفردات التي تخرج بواسطة التخطيط.

* العلاج:
قد يعتقد البعض أن السلس البولي هو قدرهم ولا يستطيعون حياله شيئاً؛ وفي الحقيقة أن هناك إمكانية لمعالجة هذه الحالة فيحدث الشفاء التام للبعض، ويتحسّن البعض الآخر. ثمّ هناك العقاقير الطبيّة التي تساعد على منع التقرّحات غير الإرادية في المثانة البولية، وتساعد على التحكّم بسهولة أكبر؛ كما أنّ هناك بعض العقاقير التي تساعد على تقوية المعدة التي تمنع خروج البول غير الإرادي.

* العلاج الفيزيائي:
هناك تمارين تساعد على تقوية عضلات حوض المرأة، كذلك يوجد بعض الأجهزة الالكترونية التي تساعد على تقوية عضلات الحوض فتخفّف من عملية الهبوط في المثانة البولية. ومن حسنات هذه التقنية أنّ بعض الدول تجري بشكل تلقائي لكل امرأة أنجبت عدة جلسات من العلاج من أجل الوقاية من الهبوط، ومن ثم السلس البولي.

* العلاج الجراحي:
1 - إستئصال عصب المثانة في حالات التشنج القوية في المثانة العصبية.
2 - إستئصال البروستات عند الرجال.
3 - رفع المثانة البولية في حال هبوطها عند النساء.
4 - تركيب مصرّة اصطناعية عند فشل كل المحاولات.
بهذا نكون قد ألقينا ضوءاً على موضوع السلس البولي، آملين أن يكون فيه إفادة للقرّاء، فإن ذلك المبتغى.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع