نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الإسلام والتعدّد الحضاري بين سبل الحوار والتعايش الأخلاقي

إعداد: حوراء حمدان

إنّ مَسْألة الحوارِ باتت اليوم مسألة مصيريّة، وحاجةً مُلحّةً لا بدّ من تلبيتها، نظراً للتّحديات والمخاطر العظيمة التي تُفرض علينا كأمةٍ إسلاميّة. ولم يكن الوضع في الماضي القريب إبان الاستعمار الغربيّ العسكريّ في حال أفضل، فإنّ معركة الوعي ما زالت مستمرة.

وكون مسألة مواجهة التحديات بالنظر الإسلاميّ ليست مسألة قتال فحسب، وإنما عقائديّة الهدف أيضاً، نقدّم للقارئ الكريم قراءةً في كتاب "الإسلام والتعدّد الحضاريّ، بين سُبل الحوار وأخلاقيّات التعايش"، وهو عبارةٌ عن محاضرات للشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي (1354هـ -1434هـ)، إعداد وتقديم حسين منصور الشيخ. وقد قدّم الشيخ الدكتور إسهامات عظيمة في سبيل تنمية الفكر الإسلاميّ وتحصينه من المفاهيم والشعارات الغريبة الدخيلة عليه رافعاً شعار الحوار "كمنهج لازم لأي حركة دينيّة"(1).


يتألّف الكتاب من خمسة فصول:

*الفصل الأول: القيمة في العلاقة الإنسانية
ويعرض فيه المُعدّ الجوانب الفكريّة للدّكتور الفضلي ويبيّنُها بشكلٍ وافٍ ضمن عنوان: "الإسلام وبناء القيمة في العلاقة الإنسانيّة". ويرتكز الخطاب الفكريّ على الحلّ الإسلاميّ كإطار عام للمشكل الاجتماعيّ الذي يعاني منه الإنسان(2).

*الفصل الثاني: الإسلام والمفاهيم الضيّقة
يدور الحديث في هذا الفصل حول مفاهيم المعرفة والوعي والهويّة، ويبحث في مسألة الحقوق والواجبات والتطور الإنسانيّ من التلقّي إلى الفاعليّة. إنّ المعرفة هي الفكر والمعلومات الموجودة في ذهن الإنسان. ثمة من اعتقد بسيادة العقل معرفيّاً "مصدراً ومنهجاً". وثمة من لم يرَ في الوجود سوى الحس ومعطى الواقع الماديّ المباشر. إلّا أنّ الفكر الإسلاميّ وسّع دائرة المصادر المعرفيّة بما يشمل الإلهام والوحي التي تتعلّق بالمعارف الغيبيّة.

*الفصل الثالث: نظرة إسلاميّة في تعدّد السبل والحضارات
يُميّز الإسلام بين النّظام كمظلة عقائدية مُحرِّكة وبين الحضارة المختزنة للثّقافات والمظاهر العمرانيّة. ورغم تمييزه المفاهيميّ، إلّا أن الإسلام لا يتعارض وتعدّد الحضارات فهو الحاضن للحضارات في ظل النّظام الواحد.
إن مسألة الاختلاف هي حالة طبيعية ومنسجمة مع الطّبيعة الإنسانيّة، لذا فإنّ الإسلام يعتبرها منطلقاً للتعارف والتلاقح بغية التطوّر والاستفادة فيما بينها. هذه الرّؤية تضع الإنسان في موقفه الفكريّ والعمليّ في المركز الوسطيّ، وهو المراد من قوله تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (البقرة: 30). وأن يكون الإنسان خليفة الله في الأرض لا يعني أن يستقل وينسب إلى نفسه الألوهية كما هو حال الحضارة الغربيّة.

*الفصل الرابع: الحوار الإنسانيّ بين الدين والحضارة
يدور التساؤل في هذا الفصل حول النظام الاجتماعيّ الأصلح للبشريّة، حيث افترضت الرؤى الوضعية كمون المشكلة في العناصر الخارجية، وعليه كان الحلّ من النظرة الماركسية بمحركها العامل الاقتصادي إلى النظرة الرأسمالية وفردانية المصلحة. أما النظرة الإسلاميّة فتفرض التوازن بين المجتمع والفرد من خلال ضبط الأنانيّة النابعة من الداخل الإنسانيّ والطبيعة البشريّة، وذلك من خلال الالتزام بالشّرائع الإلهيّة بعماد الإيمان والتقوى.

والبديل الحقوقيّ الذي يُحاول فرضه على المجتمعات هو الوثيقة السياسيّة المتمثّلة بالإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، بعد أن تبدّل النظر إلى مسألة الحوار من الهوية الدينية إلى الهوية الحضارية.

*الفصل الخامس: العقل الجمعيّ وحوار الحضارات
"إن الدّين في أساس نشأته تحرير للعقل وليس تكبيلاً له، وهو دعوة للتأمّل وليس مدعاة للتقليد واتباع الغير"(3).

العائق الأبرز الذي يواجه أي دعوة جديدة هو المحيط الاجتماعيّ وتأثّر النّاس بما يسمّى بالعقل الجمعيّ. يبحث الشيخ الدكتور حول معنى العقل في تعريفاته المتنوعة، ويقدّم، في هذا الفصل، الرؤية الإسلاميّة في تحليلها للطبيعة الإنسانيّة حول مسألة العقل الجمعيّ أسبابه وخلفيّاته، ثم يُعالجها، كما يبحث في أخلاقيات الحوار وآدابه.

*استطراد
إنّ أزمة المفاهيم وفتنة المصطلحات في عصرنا الحالي لا زالت في تفاقم مستمر. ولعل مصطلح "الإرهاب" و"العنف" من أكثر المصطلحات الرّائجة والمتداولة عالميّاً، والتساؤل الأبرز الذي يعنينا: هل الإسلام يؤيّد العنف ويُنظّر للإرهاب؟ يقول سماحة الإمام القائد السّيّد عليّ الخامنئيّ في جواب عن هذه المسألة: "العنف يعني القتل مثلاً، الضرب، إساءة الخلق.. إنّ رأي الإسلام حول العنف واضح، الإسلام لا يعتبر استخدام العنف أصلاً من أصوله لكنه لا يُعارض العنف حينما يكون قانونياً"(4).

إنّ الإسلام حينما يتحدّث عن النبي يشير إلى محاسن أخلاقه ورقيّ معاشرته مع الناس. وفي موضع آخر يتحدّث عن وجوب الغلظة مع الكفّار والمنافقين. إنّه يفرض نوعاً من التوازن القيميّ حيث تقول الآية: ﴿محَمَّدٌ رَّسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ (الفتح: 29).

*بعض القصور في منهجية البحث ومفاهيم لم تلق حظها الوافي
إنّ الطرح الإسلاميّ الأصيل الذي يطرحه الكتاب يبيّن أهميّته وجدّته المعرفية، فقد كشف عن إحدى المشكلات الأساسيّة العابرة للأزمنة. إلّا أن هذا لا يمنع وجود بعض القصور في منهجية البحث واستخدام مفاهيم لم تلقَ حظّها الوافي في الشرح والتحليل.
في الشكل، نلاحظ بعض التشابك بين الفصول وإعادة تكرار المضمون في العناوين المطروحة. فطالما أنّه قد تم إخراج المحاضرات الصّوتية وتحريرها بما يناسب العناوين المُدرجة في الكتاب، فمن الممكن أن يتم ملاحظة هذا التشابك ودراسة العناوين الفرعية والجانبية بشكلٍ منهجي أكثر دقّة.

أضف إلى أن بعض المصطلحات المستخدمة، في الكتاب، لم تتم مراعاتها معرفياً. فالكاتب استفاض وأعاد الكلام في مسألة سبل الحوار في حين لم يعط نفس الاهتمام للجزء الآخر من العنوان وهو أخلاقيات التعايش. كذلك، فإن مسألة الحضارة كمفهوم وتشابكها مع مفهوم الثّقافة في الذهن العام لم تحظَ بالتفسير الكافي.


1- الإسلام والتعدّد الحضاري، بين سبل الحوار وأخلاقيات التعايش. الفضلي، عبد الهادي. إعداد: حسين منصور الشيخ. ط1، بيروت، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي 2014. ص17.
2- م.ن، ص13.
3- م.ن، ص187.
4- خطبتا الجمعة لسماحة ولي أمر المسلمين السيد علي الخامنئي دام ظله في يوم التاسع من محرم 1421، الموافق 14 نيسان 2000.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع