السيّد عادل العلويّ
عن الإمام الرضا عليه السلام: "من زارها عارفاً بحقّها فله الجنّة"(1). أمّا قوله عليه السلام: "عارفاً بحقّها"، فالحقّ بمعنى الشيء الثابت، فحقّها هو ما ثبت لها من الله سبحانه ومن رسوله وعترته الطاهرة. وفي روايات زيارة الأئمّة الأطهار عليهم السلام، ورد أنّه من يزور الإمام عليه السلام عارفاً بحقّه، ومن أعظم حقوقه أنّه إمام مفترض الطاعة، وأمّا حقّ السيّدة المعصومة عليها السلام فكثير، وإليك غيض من فيض.
* دفاعها عن الولاية
إنّما بلغت السيّدة المعصومة عليها السلام هذا المقام الشامخ والمنزلة الرفيعة عند رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والعترة الهادية عليهم السلام، لعرفانها وعلمها، ودفاعها المقدّس عن حريم الولاية، والفناء في الله وفي مقام الإمامة والخلافة العظمى المتمثّلة في عصرها بإمام زمانها أخيها الرضا عليه السلام ، وأنّها تشبه عمّتها زينب الكبرى عليها السلام في دفاعها عن نهضة أخيها سيّد الشهداء الحسين بن عليّ عليهما السلام، كما أنّها تشبه أُمّها فاطمة الزهراء عليها السلام في جلالتها وقداستها وجمالها وكمالها.
* وأيّ فاطمتين!
ما أروع ما يقوله الإمام الخمينيّ قدس سره في مناقبها ومقامها العظيم! نذكر لكم ترجمة بعض كلامه، يقول قدس سره: "تجلّى النور الإلهيّ في الرسول الأكرم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ تجلّى منه في أمير المؤمنين حيدر الكرّار عليه السلام، ثمّ ظهر في فاطمة الزهراء عليها السلام، وتجلّى الآن في بنت موسى بن جعفر عليهما السلام، وإنّما صار عالم الممكنات بهذا النور حقّاً، ولولاه لكان كلّه باطلاً، ولم يأت الدهر بمثل هاتين البنتَين، فاطمة الزهراء وفاطمة المعصومة عليهما السلام، اللتين خرجتا من بين مشيمة القدرة الإلهيّة، فكانت الزهراء عليها السلام مبدأ أمواج العلم، وكانت بنت موسى عليهما السلام مصدر أمواج الحلم، تلك كانت تاجاً على رؤوس الأنبياء، وهذه مغفراً على هامات الأولياء، تلك كعبة عالم الجلالة، وهذه مشعر ملك الكبرياء، تلك زيّنت أرض المدينة المنوّرة، وهذه نوّرت أرض قم المقدّسة، فهذه جعلت من تراب قم في الشرف جنّةً، وتلك جعلت ماء المدينة كوثراً، فغبطت الجنان أرض قم، ومنها كان باب الجنّة.
* بضعة قم.. من زارها
إنّما تُعرف جلالة السيّدة عليها السلام وعظمتها من خلال النصوص الواردة في حقّها من الأئمّة المعصومين عليهم السلام، كقول جدّها الإمام الصادق عليه السلام: "وإنّ لنّا حرماً وهو بلدة قم، وستُدفن فيها امرأة من أولادي تُسمّى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنّة"(2)، وكقول أبيها الكاظم عليه السلام : "فداها أبوها"(3)، وكقول أخيها الرضا عليه السلام : "من زارها كمن زارني"(4)، وقول ابن أخيها الجواد عليه السلام : "من زار عمّتي وجبت له الجنّة"(5). هذه التعبيرات كلّها ورد مثلها في سيّدة نساء الأوّلين والآخرين فاطمة الزهراء عليها السلام أيضاً، فهي بضعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وفداها أبوها، ومن زارها وجبت له الجنّة.
(نبارك للموالين مناسبة ذكرى ولادة السيدة المعصومة عليها السلام في الأوّل من ذي القعدة)
1- بحار الأنوار، المجلسيّ، ج48، ص317.
2- (م.ن)، ج57، ص216.
3- كريمة أهل البيت عليهم السلام، عليّ أكبر مهدي بور، ص171؛ الفاطمة المعصومة، محمّد علي المعلّم، ص77.
4- رياحين الشريعة، ذبيح الله المحلّاتيّ، ج5، ص35.
5- بحار الأنوار، المجلسيّ، ج48، ص316.