مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع الإمام الخامنئي دام ظله: النموذج العلوي في الحكم‏




لو أردنا إيضاح معالم حكومة أمير المؤمنين عليه السلام فربما يمكن الحديث عن معالم مهمة، أشير إلى بعضها هنا:

* الإصرار على إقامة دين اللَّه‏
جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فسأله عن قضية تخص التوحيد قائلاً: ما المراد من كلمة "أحد" في قوله تعالى: (قل هو اللَّه أحد)؟ وهذه ليست بقضية جوهرية، فهو لم يسأل عن وجود اللَّه، وإنما سأل عن قضية ثانوية، فهمَّ به المحيطون بأمير المؤمنين عليه السلام قائلين: أهو وقت سؤال؟! فقال عليه السلام: دعوني أجبه، فإنما نحن نقاتل لأجل هذا؛ أي أن قتال أمير المؤمنين وسياسته ومجابهته وحرقة قلبه والخطوط الأساسية كافة التي اختارها لحكومته كانت من أجل إقامة دين اللَّه؛ وهذا أحد المعالم.
فإقامة دين اللَّه هي أول المعالم، وهي أمّ سائر الخصوصيات في حياة أمير المؤمنين عليه السلام وحكومته، ومنها تنبثق عدالته وتعود إليها حاكمية الأمة ومداراة الناس التي تميزت بها حياة أمير المؤمنين عليه السلام.

* العدالة المطلقة
الخصوصية الثانية والمعلم الثاني في حكومة أمير المؤمنين عليه السلام هي العدالة المطلقة؛ أي أنه لم يؤثر مصلحته الشخصية وأية سياسة تمسّ شخصه على العدالة قط؛ "واللَّه لا أطلب النصر بالجور". فانظروا أيّ لوحة زاهرة هذه وأي بيرق سام هذا؛ فلربما يقال لك إنك المنتصر في ميدان السياسة أو التنافس العلمي أو الانتخابات أو ساحة الحرب، ولكن ذلك منوط بأن تمارس الظلم؛ فأيهما تختار يا ترى؟ إن أمير المؤمنين يرفض هذا النصر، ويقول لا ضير في أن أُهزم، ولكن لا أظلم.
والمحور في كل ما سمعتموه حول أمير المؤمنين عليه السلام من كلام بشأن العدالة هو دعوته المطلقة للعدالة، العدالة للجميع وفي الأمور كافة؛ أي العدالة الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية والأخلاقية. وهذا معيار آخر لحكومة أمير المؤمنين عليه السلام، فهو لا يطيق الظلم ولا يركن إليه ولو أهدرت مصالحه. ومن أفظع الظلم التمييز، سواء في تطبيق القوانين أو في تنفيذ الأحكام؛ فهذا مرفوض على الإطلاق من قبل أمير المؤمنين عليه السلام.
ارتكب أحد أتباعه مخالفة، وكان شديداً في حبّه وماهراً في الدعوة إليه، وكثيراً ما كان يمارس الدعوة الحقّة له عليه السلام، فأقام أمير المؤمنين عليه السلام عليه الحدّ، وكان ذلك خلافاً لما يتوقعه، فقال: يا أمير المؤمنين، أنا الذي أواليك وأدافع عنك. فردّ عليه عليه السلام: نعم، ولكن هذا حكم اللَّه. واللَّه هو الذي يتقبل منك موالاتك لي، ولك جزيل الشكر! وهكذا أجرى الحد عليه.

* التقوى‏
من الخصوصيات والمعالم الأخرى لحكومة أمير المؤمنين عليه السلام التقوى، فماذا تعني التقوى؟ إنها تعني تلك الشدة في المراقبة بحيث لا يحيد الإنسان عن جادة الحق في ممارساته الشخصية. وهذا ما تعنيه التقوى؛ أي أن يراقب المرء نفسه مراقبة تامّة في تداوله للأموال، في التلاعب بكرامة الناس، في الاختيار والرفض، في التحدث حيث يحتاط أن لا يقول ما يخالف الحق. تصفحوا نهج البلاغة فهو حافل بهذه المقولات.
إن أمير المؤمنين عليه السلام هو ذاك في نهج البلاغة، وهو ذاك في الروايات الواردة عنه وعن أولاده الطاهرين. فأين هذه الأمور التي يدعيها البعض قائلين إن علياً كان كذلك؟ كلاّ، فعليٌّ هو ذاك في نهج البلاغة؛ طالعوا نهج البلاغة من أوله إلى آخره، فهو حافل بالحث على التقوى والدعوة إليها، وما لم يكن الإنسان تقياً فلا قدرة له على إقامة دين اللَّه. فأسوأ المرض تلوث الباطن، فتلوث قلب الإنسان بالمعصية لا يدع للإنسان فرصة إدراك الحقيقة، ناهيك عن أن يتحرك صوبها.

* الانبثاق عن إرادة الأمة
من مصالح حكومة أمير المؤمنين عليه السلام الانبثاق عن إرادة الأمة، إذ ليس من منطق أمير المؤمنين عليه السلام "التغلّب"، أي التحكم بالناس عن طريق الغلبة والقهر. فبالرغم من علمه بأنه على حق تنحّى جانباً حتى جاءه الناس مصرّين معاهدين، ولعلهم بكوا ملتمسين إياه أن يمسك بزمام أمورهم، حينها نهض الإمام وأمسك بزمام أمور الأمة، وهو القائل: "لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر (...) لألقيتُ حبلها على غاربها...". فلا يستهوي أمير المؤمنين الإمساك بالسلطة وممارسة قدرته. فحب السلطة إنما يستهوي أولئك الذين يريدون إرضاء رغباتهم وأهوائهم النفسية، لا أمير المؤمنين عليه السلام الذي يسعى لأداء التكليف الشرعي وإقامة الحق. ولقد استودعته الأمة السلطة فاستلمها وحافظ عليها بكل اقتدار، ولم يحابِ أولئك الذين انبروا لمناهضة سلطته الإسلامية ومناوءة حكومته الإسلامية؛ فليكونوا من صحابة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ومن الوجهاء وذوي السابقة بالجهاد في سبيل الإسلام، فما داموا قد انبروا لمناهضة الحق ومناوءته فلا بد من التصدي لهم بكل اقتدار. وتصدى عليه السلام لهم! وعلى هذا المنوال كانت معاركه الثلاث. وهذه ميزة الحكومة الصالحة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع