الشيخ محسن قراءتي
* حين لا ينفع الأمر بالمعروف
ما هو تكليفنا حين لا ينفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
أولاً: يمكن أن نطلب من شخص آخر يمتلك قدرة أكبر في البيان والتأثير القيام بالمهمة وذلك كما فعل حضرة موسى عليه السلام عندما أمره اللَّه تعالى بالذهاب إلى فرعون فطلب منه أن يرسل معه أخاه هارون: "وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي" (القصص: 34).
ثانياً: قد لا يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أثره من المرة الأولى فلا بد من التكرار مع الاختلاف في الأسلوب. مثله كالخشبة التي لا تُقطَع من الضربة الأولى بالفأس فلا بد من التكرار. وهكذا يؤكد القرآن الكريم على تبيين المسائل بأشكال مختلفة لعلها تترك أثراً: "لقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا..." (الإسراء: 41).
ثالثاً: قد تكون المشكلة في الأسلوب الذي اتبعناه حيث إن الأسلوب الخطأ لا يؤثر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمتلكان أصولاً وشرائط يؤدي عدم توافرها إلى عدم المؤثرية.
قد يقع الغبار على اللباس الأبيض فنزيله بضربة عليه لكن، إذا أحاط الدخان الأسود الغليظ باللباس فلا يمكن إزالته بضربه بل هناك بأسلوب آخر يتناسب معه.
إذاً يجب التعامل مع كل منكر بالأسلوب المناسب له. جاء في القرآن الكريم: "وأتوا البيوت من أبوابها" (البقرة: 189).
رابعاً: لو أردنا أن نمنع الناس عن الحرام يجب أن نفتح أمامهم أبواب الحلال وهنا نشاهد حضرة لوط عليه السلام كيف تعامل مع قومه في قضية ضيوفه قال: "هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتقوا اللَّه ولا تخزوني في ضيفي" (هود: 78).
*الثواب المضاعف*
هل كل عمل حسن ثوابه عشرة أضعاف؟
جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: "من جاء بالحسنة فله عشر أمثاله" (الأنعام: 160). المسألة الهامة هنا هي الإتيان بالعمل الحسن بمقياس يوم القيامة وليس بمقياس الدنيا. البضاعة التي تحمل قيمة هامة هي التي تصل إلى الهدف. ولكن لو تلفت البضاعة في وسط الطريق عندها تفقد قيمتها، فالكثير من الأعمال التي يبدو ظاهرها حسناً لا تصل إلى المقصد لاشتمالها على آفة وفساد: إما أن تكون الآفة قد وجدت منذ البداية إذا كانت بداية العمل بالرياء وعدم الاشتمال على هدف إلهي، وإما أن تظهر وسط الطريق من خلال العجب والغرور والتكبر، وإما أن تظهر بعد الانتهاء من العمل عند صدور الذنوب منا والتي تمحو آثار ذاك العمل.
العمل الحسن موجود في الحالات الثلاث المذكورة لكن هذه الأعمال لم تصل إلى المقصد سالمة. ولهذا لم يذكر في القرآن أن كل شخص عمل عملاً حسناً فله عشرة أضعاف من الثواب بل المقصود أن من جاء بالعمل الحسن إلى يوم القيامة فله عشرة أضعاف من الثواب.
*إظهار الحق*
هل يجب اظهار كل كلام حق؟
يحرم كتمان الحق، لكن يجب اظهار الحق عند الضرورة. قد يحمل قول الحق العديد من المفاسد إذا لم تكن الأرضية مهيئة لذلك. السكر حلو، ولكن لو وضعناه في فم طفل حديث الولادة لأدى إلى اختناقه، ولا يمكن الادعاء بأن السكر حلو والبدن يحتاج إلى هذه المواد، بل يجب الالتفات إلى أن السكر يمزج بالماء ويعطى لهذا الطفل بالتدريج.
هناك الكثير من الحقائق التي لا يمكن طرحها من دون مقدمات واستعداد مسبق، لأن الناس ليست على استعداد في جميع الأوقات والحالات لسماع الحق.
قد يكون الشخص على استعداد لأن يذهب إلى الحمام ويبقى لمدة طويلة يستحم تحت الماء، ولكنه غير مستعد لأن يلقى عليه كوب ماء واحد وهو في حالة عدم استعداد حيث يظهر ردة فعل سلبية.