حوار: الشيخ نعيم حيدورة
إنّ شرط سبر أغوار أي علم من العلوم الإنسانيّة، العلميّة
والأخلاقيّة... هو معرفة مفرداته وقوانينه. وعلم الأخلاق هو أحد هذه العلوم التي
تختص بالجانب المعنوي في إنسانيّة الإنسان، أضف إلى ذلك أنّ علم الأخلاق يوجّه
الإنسان السويّ بالاتجاه الّذي رسمه الله للبشر وهو فطرة حبّ الكمال والتوّجه إلى
ربّ الأرباب. أين موقع الأخلاق في رسالة الإسلام السماويّة؟ ما هي سبُل تهذيب النفس
الّتي باتباعها يستطيع الإنسان أن يصل بها إلى سعادة الدّارين؟ ما هي المفاهيم
الأخلاقيّة الإسلاميّة التي تفيد الإنسان في هذا المجال؟ موضوعات تحدثنا عنها مع
أستاذ الأخلاق في الحوزة العلمية سماحة السيّد "عادل العلوي" الّذي كان لنا معه هذا
اللقاء.
* تخلّقوا بأخلاق الله
س: نعلم أن الأخلاق زينة المؤمن، فما هي العلاقة بين الأخلاق والإسلام في ظل الآيات
والروايات الشريفة؟
ج: قال الله تعالى:
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا*وَقَدْ
خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾
(الشمس: 9 10). إنّ الأخلاق من ركائز الإسلام. والحديث عن الأخلاق يعني
الحديث عن القرآن، الّذي أنزله الله سبحانه هداية للبشر
﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي
لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ
الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً﴾
(الإسراء: 9). وقد بُعث رسول الله ليتمّم مكارم الأخلاق "إنما بُعثت
لأتمّم مكارم الأخلاق" (1). وهذا يعني أنّ الرسول صلى الله عليه وآله يجسّد لنا
القرآن الكريم الّذي هو كتاب أخلاق. والإسلام في كلّ أحكامه يرتكز على الأخلاق،
فالصلاة مثلاً "عمود الدين" (2) تنهى عن الفحشاء والمنكر وما هذا إلّا الأخلاق.
والرسول الأكرم صلى الله عليه وآله مدحه الله في كتابه قائلاً:
﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم﴾
(القلم: 4). وورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "تخلقوا بأخلاق الله" (3).
* الدنيا سعادة المؤمن
س: في ظل الحياة الماديّة في الدنيا هل هناك دور للمعنويات والأمور الروحيّة في
حياة الإنسان؟ وما هو هذا الدور؟
ج: نحن نعتقد في الدين الإسلامي أن الدنيا تتعلق بالآخرة والآخرة تتعلق بالدنيا (دار
الطبيعة) والتي فيها المادّيات، ويقابل هذه الماديّات المعنويّات والأخرويّات، لأن
الدنيا مؤنّث الأدنى والله جعلها مزرعة للآخرة ومتجراً لأوليائه، فهي مقدمة للآخرة،
ومن الناس مَن يزرعها فيحصد الزرع حتى يصل إلى مقام قاب قوسين أو أدنى من الولاية
والقرب الإلهي ويكون ولياً لله. والقرب من الله يعني الفناء في إرادته، فلا يريد
المرء إلّا ما أراد الله. بهذا اللحاظ نحن نعتقد أن الدنيا مزرعة للآخرة، ودنيا
المؤمن والمؤمنة هي آخرتهما لأنّها زادهما إليها،
﴿خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾
(البقرة: 197). لذا، فالمعنويات تؤثر في الماديّات إذا كانت بهذا المنظور
بمعنى أن ننظر إلى المادة كوسيلة لنصل إلى المقصود والهدف
﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾
(النجم: 42) و﴿إِلَى
اللهِ تَصِيرُ الأمُورُ﴾
(الشورى: 53) و﴿إِنَّا
للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾
(البقرة: 156).
س: تقصد سماحة السيّد أن المادة وسيلة وليست غاية؟
ج: نعم حينئذ ينبغي أن تكون المادة وسيلة للوصول إلى الله. ولكن من إغراءات المادة
أنّها تُنسي الآخرة، ولا سيما بوجود النفس الأمّارة بالسوء، ومن ورائها الشيطان.
ولكن عندما تؤثّر المعنويات بالماديّات وتصبح هذه الدنيا من سعادة المؤمن، فكلّ ما
فيها يصبح بالنسبة للمؤمن وسيلة والغاية هي الله، لأنّها في سبيل الله. أمّا إذا
كان الإنسان يرى الدنيا ولا يرى الآخرة، لا يفكّر بالمعنويات ولا بالتقرب إلى الله...
فهذه الدنيا هي الخطرة، الّتي تهلك الإنسان وتوصله إلى جهنم وساءت مصيراً. والله
يُسخط هذه الدنيا التي تقطع الإنسان عن آخرته، أما إذا كان عليها صبغة إلهية
ومعنوية، فإن المؤمن شغله في الصلاة دائماً أي أن كل ما يفعله المؤمن، حتى عندما
يقسم حياته إلى أربع ساعات، كما ورد في الحديث(4)، فإنّه يكون في طاعة وعبادة.
* التقوى.. في مخالفة الهوى
س: نلاحظ أن التقوى تساهم معها ظروف تساعد عليها إمّا سلباً أو إيجاباً، ما هي
التقوى وكيف يمكن تحصيلها؟
ج: التقوى من الوقاية وتعتبر في علم الأخلاق أنّها التحفظ في طريق الشوك من الشوك (هذا
التحفظ هو التقوى). فالمؤمن يتحفظ من شوك الذنوب والمعاصي ما ظهر منها وما بطن، فمن
كان كذلك كان متقياً. وبعبارة أخرى التقوى عرّفها في الحديث الشريف أنّها: "أن لا
يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك" (5). وفي الحديث "اتقوا الله في الخلوات
فإن الشاهد هو الحاكم" (6). كثيراً ما يحصل عندما يخلو الإنسان بنفسه ولا سيما
الشباب يقع في الذنب، باعتبار أن الناس لا يرونه فسرعان ما يُذنب، ولكن إذا علم أن
الله يرى ويسمع ويعلم أن الله يحاكمه يوم القيامة فحينئذ يخاف الله.
﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ
وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى*فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾
(النازعات: 40). فمن كان متقياً خاف الله. وهناك ارتباط وثيق بينهما. يقول
علماء الأخلاق: "إن المرء يدخل الجنّة بخطوتين الأولى أن يخاف الله والثانية أن
ينهى النفس عن الهوى بمخالفتها بالجهاد الأكبر". فمن كان متقياً سيعيش الراحة
النفسيّة والاطمئنان
﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ﴾
(الرعد: 28).
نعم ورد في الحديث الشريف عن الصادق عليه السلام: "التقوى ثلاث:
تقوى العام وتقوى الخاص وتقوى خاص الخاص" (7). تقوى العام: أن تأتي بالواجبات وتترك
المحرّمات. عامّة الناس منذ بلوغهم، الرجل يبلغ وعمره 15 سنة والمرأة تبلغ وعمرها 9
سنوات، يكون متقياً بهذه الدرجة، يعني يفعل الواجبات ويترك المحرّمات. أمّا المرتبة
الثانية أي التقوى الخاص فإضافة إلى فعله للواجب فإنه يقبل على المستحبات ويترك
الشبهات إضافة للمحرّمات. أمّا مرتبة خاص الخاص فإنه يترك حتى الحلال، وقد ورد عن
الإمام الحسن عليه السلام: "الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات
عتاب" (8) فهو يترك الحلال كي لا يحاسب ويترك الشبهات كي لا يعاتب والحرام كي لا
يعاقب.
وفي الحديث الشريف "أفضل الأعمال أحمزها" (9) أي أشدّها. والبيئة
مؤثرة، لا شكّ، في حياة الإنسان. وقد روي "أن كلّ إنسان يولد على الفطرة وأبواه إما
يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسانه"(10)، فالمحيط إذا كان محيطاً غير أخلاقي، محيط
ذنب ومعصية ونشأ فيه إنسان تقوائي واجه بإيمانه مظاهر الفساد، لا شكّ أنّه أفضل من
ذاك الذي نشأ في بيئة مؤمنة أتاحت الظروف له التقوى. المهم أن يخاف الإنسان الله في
قلبه وأن يتذكر دائماً أنه يراه سبحانه على كلّ حال.
أمّا كيف يمكن تنمية دواعي التقوى في النفس؟ فإنه يقال الإسلام والأخلاق كالسُّبحة
عندما تأخذ خرزة واحدة منها تبدأ بالأخرى حتى تأتي عليها كلّها، لذا الأحكام
الإسلامية إنما هي كخرز السُّبحة فلا يمكن أن يأخذ الإنسان واحدة ويترك الباقي، لا
بدّ من أخذه كلّه . يقال جاء رجل إلى رسول الله وقال له: يا رسول الله علّمني حكماً
واحداً في الإسلام أعمل به ولا أعمل بالأعمال الأخرى، فقال الرسول صلى الله عليه
وآله: "لا تكذب". عندئذ ذهب، وصار وقت الصلاة فقال إذا لم أصلِّ وسألني رسول الله
صلى الله عليه وآله عنها بماذا أجيب؟ أقول لم أصلِّ؟ هذا أمر صعب، أقول صليت؟ فأكون
كاذباً. عندها قام فصلّى. ثمّ بعد ذلك الصوم ثمّ الغيبة ثمّ الغضب.. وهكذا بكلمة لا
تكذب عمل بكلّ أحكام الإسلام، لأنّه لا بُدّ أن يكون صادقاً في حياته.
* أولياء الله
س: ما هي، سماحة السيّد، أفضل السبل العملية لتهذيب النفس وتجنب الوقوع في
المحرّمات؟
ج: أفضل طريق إلى الله هو أن تحبّ الله، هو أن تريد الله، وهذا أقرب وأقصر طريق،
وهو الصراط المستقيم الّذي يوجب الوصول سريعاً. ورد في الحديث القدسيّ: لو علمت من
قلب عبدي المؤمن أنّه يريدني لفتحت عليه أبواب السماوات والأرض. يقال هذا أقرب سبيل
للوصول لله سبحانه وتعالى كما في علم الأخلاق والعرفان. فإذا أراد العبد الله، الله
يريده، وهنا تكون علاقة ولاية، علاقة مريد ومراد،
﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾
(البقرة: 257) والّذين آمنوا أولياء لله.
س: ما هو معيار الإقبال على الدنيا بالنسبة للعالم؟
ج: المعيار أن لا ينسى الآخرة ويرتكب المعصية لأجل الدنيا، مثلاً عندما يأتي رجلٌ
حليق اللحية ليحسب حقوقه الشرعيّة عند العالم فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر،
لكي لا يذهب إلى غيره، فهذا عالم سوء.
س: هل ركوب سيارة بالنسبة للعالم أو تملّك شقة يعدّ
إقبالاً على الدنيا؟
ج: انظر، ليس الزهد أن لا تمتلك شيئاً ولكن أن لا يملكك شيء. وفي بعض الأحيان يُرى
عزّ الإسلام، كما ينقل ذلك عن المحقق النراقي، صاحب كتاب (جامع السعادات)، حيث جاءه
درويش ممّن يدّعون العرفان، والعارف يقاوم نفسه الأمارة من الداخل ويحارب أعداء
الإسلام ويقاومهم من الخارج. المحقق النراقي عندما ألّف كتاب جامع السعادات، قرأه
أحد الدراوشه فأعجبه وقرّر زيارته ولما جاءه وكان يقطن في منطقة كاشان في إيران وجد
بيته فخماً ولديه حشم وخدم والناس تدخل إليه زرافات زرافات فتعجّب من ذلك واعتبر أنّ
هذا العالم قد غرّته الحياة الدنيا فجلس عنده إلى أن خرج الناس، ثمّ أبدى له أسفه
ممّا رأى عنده خاصّة بعد قراءته لكتابه (جامع السعادات) وقال له "إنك لا تعمل بعلمك
ومن المفروض أن تخرج من كاشان إلى الصحراء وتترك الدنيا"، فقال له النراقي: إذا كان
كذلك فقم لنذهب. والمعروف أنّ الدراوشة لديهم كشكول لا يدعونه أينما ذهبوا، فلما
خرجا وصارا في الصحراء التفت الدرويش إلى الشيخ قائلاً: علينا أن نعود. فسأله
النراقي رحمه الله: لما؟ قال: نسيت كشكولي في دارك. فقال: يا سبحان الله أنا ودّعت
العيال والأهل وتركت الدار وما أملك وخرجت معك لكي نتعبّد في الصحراء، وأنت لا تدع
كشكولاً واحداً، إذاً من الزاهد ومن المحبّ للدنيا؟! معنى هذا هو أنّ الزهد ليس أن
تملك شيئاً، بل أن لا يملكك شيء. فبهداهم اقتده
س: قال تعالى:
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ
كَثِيراً﴾
(الأحزاب: 21).
* كيف يمكن سماحة السيّد للقدوة الصالحة أن تكون مؤثرة
بالإنسان وكيف يمكن اختيارها؟
ج: الأمر يرجع إلى فطرة الإنسان السليمة
﴿فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
عَلَيْهَا﴾
(الروم: 30). نحن في الإسلام نعتقد بأنّ المولود يولد طاهراً. والله تعالى
جعل الفطرة في ثلاثة أنواع من الحبّ، حبّ الخير وحبّ الجمال وحبّ الكمال. كلّ واحد
يولد تجد عنده الخير لا الشر، إلّا أنّ البيئة والمحيط تجعله يرتكب الجناية وينحرف
عن هذه الجادّة. فالإنسان بفطرته يحبّ الجمال والكمال والخير، وهو يريد أن يتكامل
ويكون خيّراً في حياته لذا يبحث عمن يقتدي به، فإذا كان من المهتدين بحث عن قدوته
في مدرسة الأنبياء والكتب السماوية حيث يقول تعالى:
﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾
(الأنعام: 90) بهدى الأنبياء وحياتهم وسيرتهم وأخلاقهم، و﴿لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾
(الأحزاب: 21). فإذا أردت أن تقتدي فلتكن قدوتك الرسول، الإنسان الأعظم
والأكمل. وإذا أردت أن تقتدي فاقتدِ بأمير المؤمنين عليه السلام وإذا أردت أن تقتدي
وأن تكون حليماً، كريماً فاقتد بالحسن عليه السلام، وبكظم الغيظ قدوتك الإمام
الكاظم عليه السلام،.. وهكذا أئمتنا الصالحون ورثة الأنبياء عليهم السلام هم القدوة،
فإذا وجدت عالماً مهذباً صالحاً فعليك أن تقتدي به. أمّا إذا كان الإنسان بعيداً عن
هذه الأجواء، فإنّه يبحث عن الكمال هنا وهناك بين لاعبي كرة القدم مثلاً أو بين أهل
الطرب والفساد. فإذا عرف المرء الحقيقة وعلم أنّ هؤلاء لا يوصلونه إلى مبتغاه عندها
يبحث عمّن يقربه إلى الله وهو القدوة الصالحة والحسنة، وعندها يعرف الحقيقة والحقّ
"إعرف الحقّ تعرف أهله" (11).
* أخْلِصْ تَنَلْ
س: العبادة عامل مؤثر في تهذيب النفس، ولكن أيّ نوع من العبادة هو المؤثر؟
ج: العبادة لغةً من عبّد الطريق، والعبادات تعبّد الطريق للوصول إلى الله تعالى.
هذه العبادات الموصلة لله هي العبادة الحقيقية باعتبار أن الشيطان قال لله سبحانه:
﴿فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ*إِلاَ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾
(ص: 82) فبالإخلاص يكون الخلاص من الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والمظاهر
الدنيويّة الخلّابة الخادعة الّتي توجب انحراف الإنسان عن الصراط. وقد ورد عن أمير
المؤمنين عليه السلام كلمتان فيهما كلّ العبادة وهما: "أَخْلِصْ تَنَلْ" (12). فإذا
أردت أن تنال كلّ المقامات العالية فعليك بالإخلاص. فمثلاً كلمة "يا الله" إذا كانت
عن إخلاصِ قلب فهي توصل إلى الله سبحانه وتعالى وإلّا إذا قام الليل كلّه وصام
الدهر كلّه ولم يخلص تكون عبادته حجاباً وهي الحجاب الأكبر. إذاً العبادة الّتي
توجب الوصول إلى الله تعالى لا بدّ أن تتصف بالإخلاص،
﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ
الْمُتَّقِينَ﴾
(المائدة: 27). وعبادة مع إخلاص قليل خير من كثرة ليس فيها إخلاص. العوامل
المؤثّرة في التقوى تكون تارةً من الداخل كحبّ الله وخوف الله وتارة ًمن الخارج
كوجود الأبوين الصالحين والأصدقاء من أهل الصلاة والجهاد. فإذا أراد الإنسان أن
يعيش حالة معنوية، فلا بُدّ أن يصاحب من لديه هذه الحالة المعنوية، فإنّ ذلك يؤثّر
على روحيّة الإنسان. فلقد ورد عن الصادق عليه السلام: "قطيعة الجاهل تعدل صلة
العاقل" (13). فالإمام يقول: اقطع الجاهل، فإذا قطعته كأنك تمشي مع العاقل. وقيل يا
روح الله من نعاشر؟ قال: من يذكركم الله رؤيته، ويزيدكم في علمكم منطقه، ويرغّبكم
في الآخرة عمله.
س: ما هي النصيحة الّتي ترون أنّ ثروتها نافعة ومثمرة
للسالكين في طريق تزكية النفس؟
ج:
﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ
أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى﴾
(سبأ: 46)، فكل حركاتنا وسكناتنا ينبغي أن تكون لله تعالى
﴿الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ
اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَ تَخَافُوا وَلاَ
تَحْزَنُوا﴾
(فصّلت: 30). لذا، فالنصيحة والموعظة القرآنيّة والإلهيّة والنبويّة أن تكون
أعمالنا كلّها لله كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "أخلص تنل". نسأل الله
سبحانه وتعالى أن يجعلنا والقرّاء الكرام من السعداء وأن نكون في نظر صاحب الأمر
ومن خلّص أصحابه وأعوانه والمستشهدين بين يديه.
(1) بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 58، ص 129.
(2) وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج 4، ص 27.
(3) بحار الأنوار، م. س، ج 58، ص 129.
(4) محاسبة النفس، الشيخ إبراهيم الكفعمي، ص 181.
(5) نور البراهين، السيّد نعمة الله الجزائري، ج 1، ص 204.
(6) نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام، الشريف الرضي، ج 4، ص 77.
(7) جامع السعادات، مهدي النراقي، ج 2، ص 138.
(8) أعيان الشيعة، السيّد محسن الأمين، ج 1، ص 77.
(9) بحار الأنوار، م. س، ج 79، ص 229.
(10) كنز العمال، المتقي الهندي، ج 1، ص 261.
(11) بحار الأنوار، م. س، ج 40، ص 126.
(12) ميزان الحكمة، محمّد الريشهري، ج 1، ص 760.
(13) خصائص الأئمّة، الشريف الرضي، ص 137.