1- الوطن في المصطلح الشرعي:
يقصد بالوطن في المصطلح الشرعي أحد معنيين:
الأول: الوطن الأصلي: هو المكان الذي ولد فيه الإنسان، وبقي فيه فترة حيث صدق عليه
أنّه نشأ وترعرع فيه من 4 ل- 5 سنوات، فما لم يُعرِض عنه بقي وطناً له ويترتب عليه
حكمه. وأما إذا لم يترعرع في المكان الذي ولد فيه فلا يُعَدّ وطناً أصلياً له، فلا
يكفي مجرّد الولادة في المكان، أو كونه مسقط رأس الآباء والأجداد لاعتباره وطناً.
وعليه، من صلّى تماماً في قريته ضناً منه أنها وطنه وجب عليه قضاء تلك الصلاة قصراً.
الثاني: الوطن المستجدّ: هو المكان الذي يختاره المكلَّف لسكنه الدائم ولو لعدة
أشهر في كلّ سنة، ذلك بالشرطين التاليين:
1- قصد التوطّن في مكان خاص معيّن.
2- السكن فيه مدة بحيث يُعَدّ عرفاً أنه من أهله. وتملّك الدار أو غيرها فيها ليس
شرطاً، فلا يتحقّق الوطن المستجدّ إلاّ مع قصد دوام الإقامة فيه وإن كان لعدة أشهر
في كل سنة والسكن بهذا القصد مدة يعدّه معها العرف أنّه صار من أهله.
- يصدق الوطن المستجدّ - أيضاً - بسبب طول الإقامة إذا أقام في بلد بلا نيّة
للإقامة دائماً ولا نيّة الترك.
- يصدق الوطن المستجدّ لو قصد لمدّة سبع سنوات وما فوق وسكن فيه مدّة يصدق معها
عرفاً أنّه صار من أهله.
- لا يشترط في تحقّق عنوان الوطن المستجدّ - بعد قصد التوطّن والسكن فيه - أن يكون
سكناه فيه متواصلاً لمدّة ستّة أشهر، بل يكفيه بعد أن قصد اتّخاذه وطناً جديداً أن
يسكن بهذا القصد مدة ً - ولو في الليل فقط - ليكون وطناً له..
2- مقدار الأوطان المتّخذة:
يمكن أن يكون للإنسان ثلاثة أوطان متّخذة إضافة إلى الوطن الأصلي، في زمان واحد إذا
صدق عليها أنّها أوطان له عرفاً. وفي حال عدم وجود وطن أصلي للإنسان يقتصر على
الأوطان المستجدّة فقط، فلا يتّخذ أكثر من ثلاثة أوطان.
3- وطن الزوجة:
- عدم تبعيّة الزوجة لزوجها في الوطن: مجرد الزوجية لا يوجب التبعيّة القهريّة،
فيمكن للزوجة أن لا تتبع الزوج في اختيار الوطن. نعم لو لم يكن للزوجة استقلال في
الإرادة والعيش، بل كانت خاضعة لإرادة زوجها في اتّخاذ الوطن وفي الإعراض عنه،
كفاها قصد زوجها في ذلك، فتصير المدينة التي انتقل إليها زوجها معها للعيش فيها
دائماً بقصد التوطّن فيها وطناً لها أيضاً.
- بقاء الوطن الأصلي للزوجة: إذا لم تُعرض الزوجة عن الوطن الأصلي فصلاتها فيه تمام.
4- هل محل العمل حكمه حكم الوطن؟
الاشتغال بالعمل في مكان لا يكفي لصيرورته وطناً له. ولكن لو كان يتردّد من مسكنه
إلى محلّ عمله الذي يبعد عن محل سكناه بقدر المسافة الشرعيّة بنحو يصدق تكرّر السفر
للعمل - ولو مرة بالشهر-، ولم يفصل بين هذه الأسفار بالإقامة عشرة أيّام في مكان
واحد جرى عليه في محل العمل حكم الوطن، من إتمام الصلاة وصحة الصوم لكنه لا يكون
وطناً.
5- ما هو المراد بإعراض الشخص عن وطنه؟
المراد به هو الخروج عن الوطن مع البناء على عدم العودة إليه للسكنى فيه.
6- هل يعتبر محل الدراسة وطناً؟
إذا لم يكن عازماً بشكل جازم على التوطّن في محل الدراسة فلا يلحقه حكم الوطن في
ذلك المكان، فيجب عليه القصر في الصلاة، والإفطار في الصوم.
7- قصد التوطّن في المدن الكبيرة:
لا فرق في قصد التوطّن، بين المدينة الكبيرة والمدن المتعارفة، بل مع قصد التوطّن
في المدينة الكبيرة من دون تعيين محلّة خاصة والبقاء مدة في تلك المدينة يجري في
حقه حكم الوطن، من تمامية الصلاة والصوم..
8 - انقطاع السفر حين المرور بالوطن
- ينقطع السفر بالمرور على الوطن، فإذا مرّ المسافر أثناء طيّ المسافة بوطنه يلحقه
حكم الحاضر، ولا فرق في انقطاع حكم السفر بين النزول في الوطن والمكث فيه، وبين
مجرّد العبور فيه، وأمّا الدخول في حدّ الترخّص فيزول معه حكم السفر بمعنى أنّ
المسافر يصلّي تماماً إذا دخل في حدّ الترخّص ولكن لا ينقطع معه السفر إذ لا يحتاج
المسافر إلى قصد قطع المسافة الشرعيّة مجدّداً لتحقّق السفر الشرعي.
- إن كان المسافر عالماً منذ بدء سيره أنّه سيمّر في وطنه قبل قطع المسافة يتمّ،
وبعد الخروج من وطنه يبدأ باحتساب المسافة من جديد، بلا فرق في الوطن بين الأصليّ
والمستجدّ.