بالنظر، إلى كثرة الابتلاءات في أحكام السفر والوطن بالنسبة للصلاة والصوم فقد ارتأينا نشر أجوبة الاستفتاءات الموجهة إلى هذا الباب للإمام القائد السيد علي الخامنئي حفظه الله.
* إنني من موالي مدينة "طهران" ووالديّ في الأصل من أهالي مدينة "مهدي شهر" ولهذا فإنهما يسافران عدة مرات خلال السنة إلى "مهدي شهر"، وأنا تبعاً لهما أسافر معهما أيضاً فما هو حكم صلاتي وصومي؟ علماً بأنني لا أنوي العودة إلى مدينة والديّ للسكنى فيها، بل عازم على البقاء في طهران.
في الفرض المذكور يكون حكم صلاتك وصومك في وطن أبويك الأصلي هو حكم صلاة وصوم المسافر.
* إنني خلال السنة أسكن 6 أشهر في مدينة، و6 أشهر في مدينة أخرى هي مسقط رأسي ومحل سكنى عائلتي ومحل سكني أيضاً، ولكن السكن في المدينة الأولى ليس متتالياً، بل بصورة منقطعة مثلاً: أمكث هناك أسبوعين، أو عشرة أيام أو أقل من ذلك، ثم أعود إلى مسقط رأسي ومحل سكن عائلتي، وسؤالي هو: إنني عندما أقصد البقاء في المدينة الأولى دون العشرة أيام، فهل حكمي حكم المسافر أم لا؟
إذا لم تكن تلك المدينة وطناً لك ولم تقصد الاستيطان فيها أيضاً، فحكمك فيها في الأوقات التي تبقى هناك أقل من عشرة أيام هو حكم المسافر.
* منذ حوالي 12 سنة أسكن في مدينة من دون قصد التوّطن الدائم فيها، فهل تصبح هذه المدينة وطناً لي؟ وما هي المدة اللازمة لتصبح هذه المدينة وطناً لي؟ وكيف يتم إحراز أن العرف يعدّها وطناً لي؟
لا يتحقق الوطن المستجد إلا مع قصد دوام الإقامة فيه والسكن بهذا القصد مدة، أو مع السكن فيه بلا قصد الدوام إلى مدة طويلة بمقدار يعدّ معه عند أهل المحل أنّه من أهل هذا المحل.
* شخص يكون وطنه طهران، وأراد حالياً أن يختار السكن في إحدى المدن القريبة من طهران على أن يتخذها وطناً لنفسه، وحيث إن محل كسبه وعمله اليومي في طهران فلا يتمكن من البقاء في هذه المدينة لمدة عشرة أيام فضلاً عن ستة أشهر حتى تصير وطناً له بل يذهب يومياً إلى محل عمله ويعود إلى هذه المدينة في الليل، فما هو حكم صلاته وصيامه فيها؟
ليس من شرط تحقق عنوان الوطن المستجد بعد قصد التوطن والسكن فيه أن يكون سكناه فيه متواصلاً لمدة ستة أشهر، بلبل يكفيه بعد إسكان العائلة هناك أن يعود بعد قضاء شغله اليومي إليهم ويبيت عندهم إلى أن يعدّ في نظر العرف بأنّه من أهل ذلك المحل.
* مسقط رأسي ومسقط رأس زوجتي مدينة "كاشمر" ولكني بعد الاستخدام للعمل في إحدى الدوائر الحكومية انتقلت إلى مدينة "نيشابور"، إلا أن آباءنا ما زالوا يسكنون في مسقط رأسنا، وفي بداية الهجرة إلى "نيشابور" أعرضنا عن وطننا الأصلي (كاشمر) إلا أنه وبعد مرور 15 سنة انصرفنا عن ذلك، فنرجو التفضُّل بما يلي:
* 1- ما هي وظيفتنا- أنا وزوجتي- بالنسبة لمسألة الصلاة عندما نذهب إلى بيت آبائنا ونقيم عندهم عدة أيام؟
* 2- ما هي وظيفة أولادنا الذين ولدوا في محل سكننا الفعلي "نيشابور" والذين بلغوا في الوقت الحاضر سن التكليف أثناء ذهابنا معهم إلى مدينة آبائنا (كاشمر) والبقاء عندهم عدة أيام في "كاشمر"؟
بعدما أعرضتم عن وطنكم الأصلي "كاشمر" فلا يجري عليكما فيه حكم الوطن، إلا أن تعودا إليه للعيش هناك مرّة أخرى مع الإقامة فيه بعد هذا القصد إلى فتر كما أنّه لا يلحق هذ البلد حكم الوطن بالنسبة لأولادكم، بل حكمكم جميعاً في هذا البلد هو حكم المسافر هناك.
* شخص له وطنان (وبالطبع هو يصلي تماماً و يصوم في كلا المكانين) فنرجو التفضل ببيان: هل الزوجة
والأولاد الذين يكفلهم ويرعاهم يجب أن يتبعوا وليّهم في هذه المسألة أو أن لهم أن يروا رأيهم في ذلك بصورة مستقلة عنه؟
يجوز للزوجة أن لا تتخذ وطن زوجها المستجدّ وطناً لها، ولكن الأولاد إذا كانوا صغاراً غير مستقلين في الإرادة والتعيش، أو كانوا تابعين لإرادة الأب في هذه المسألة فوطن الأب المستجدّ يعتبر وطناً لهم أيضاً.
* إذا كانت مستشفى الولادة خارج وطن الأب بحيث إنّه لا بدّ للأم لكي تضع حملها من أن تنتقل إلى المستشفى لأيام، ثم تعود بعد أن تلد طفلها، فما هو وطن هذا الطفل؟
لو كانت المستشفى في وطن الوالدين الذي يعيشان فيه كان نفس البلد وطن الطفل الأصلي أيضاً، وإلا فلا يكفي مجرّد التولّد في بلدٍ في صيرورة البلد وطناً له، بل وطنه هو وطن الوالدين الذي ينتقل إليه بعد الولادة ويعيش مع والديه فيه.
* شخص يسكن منذ عدة سنوات في مدينة "الأهواز"، ولكنّه لم يتخذها وطناً ثانياً لنفسه، فعند خروجه من هذه المدينة إلى أكثر أو أقل من المسافة الشرعيّة إذا عاد إليها مرّة ثانية فما هو حكم صلاته وصومه فيها؟
بعدما قصد الإقامة في "الأهواز" واستقرّ عليه حكم التمام بإتيان صلاة رباعية واحدة فيها على الأقل، فما لم يخرج منها إلى المسافة الشرعيّة يصلي فيها تماماً ويصوم، وإذا خرج منها بمقدار المسافة، أو أكثر فحكمه فيها هو حكم سائر المسافرين.
* أنا شخص عراقي وأريد أن أعرض عن وطني العراق، فهل أتخذ إيران كلها وطناً لي، أم أتخذ المنطقة التي أسكن فيها، أو لا بدّ أن أشتري داراً حتى أتخذ وطناً لي؟
يشترط في الوطن المستجد قصد التوطن في مدينة خاصة معيّنة، والسكن فيها مدة بحيث يعدّ عرفاً أنّه من أهلاً، ولكن تملك الدار، أو غيرها فيها ليس شرطاً.
* من هاجر من مسقط رأسه إلى مدينة أخرى قبل البلوغ، ولم يكن عالماً بمسألة الإعراض عن الوطن، وقد وصل الآن إلى سنّ التكليف فما وظيفته في صلاته وصيامه هناك؟
لو هاجر من مسقط رأسه تبعاً لأبيه، ولم يكن لأبيه قصد العودة للعيش هناك فلا يجري في حقه حكم الوطن في ذلك المكان.
* إذا كان هناك وطن للرجل وهو لا يسكن فيه فعلاً، ولكن يذهب إليه مع زوجته في بعض الأحيان، فهل زوجته تصلي فيه تماماً كما يصلي هو أم لا؟ وإذا ذهبت إلى ذلك المكان لوحدها فما هو حكم صلاتها؟
مجرّد كون ذلك المكان وطناً للزوج لا يكفي لأن يكون وطناً لزوجته، لكي يجري عليها فيه حكم الوطن.
* هل محل العمل حكمه حكم الوطن؟
الاشتغال بالعمل في مكان لا يكفي لصيرورته وطناً له، ولكن لو كان يتردد من مسكنه إلى محل عمله الذي يبعد عن محلّ سكناه بقدر المسافة خلال كل عشرة أيام مرة واحدة على الأقل جرى عليه في محل العمل حكم الوطن من إتمام الصلاة وصحة الصوم.
* ما هو المراد بإعراض الشخص عن وطنه؟ وهل مجرّد تزوّج المرأة وذهابها مع زوجها حيث يشاء أعراض أم لا؟
المراد به هو الخروج عن الوطن مع البناء على عدم العودة إليه للسكنى فيه، ومجرّد ذهابها إلى بيت الزوج في بلدٍ آخر، ليس مستلزماً لإعراضها عن وطنها الأصلي.
* نرجو أن تبينوا نظركم حول مسألة الوطن الأصلي والوطن الثاني؟
الوطن الأصلي: هو المكان الذي ولد فيه الإنسان، وبقي فيه فترة ونشأ وترعرع فيه.
والوطن الثاني: هو المكان الذي يختاره المكلف لسكنه الدائم ولو لعدة أشهر في كل سنة.
* والديّ من أهالي مدينة "ساوة"، وكلاهما جاء إلى طهران في سنّ الصبا وسكنا فيها وبعد الزواج جاءا إلى مدينة "جالوس" وسكنا فيها من أجل أنها كانت محل عمل والدي، وعليه ففي الوقت الحاضر كيف أُصليّ أنا في طهران وساوة؟ علماً بأنني ولدت في طهران إلا إنني لم أُقِم فيها أبداً.
إذا ما ترعرعت وما نشأت في طهران بعد الولادة فيها، فطهران لا تُعد وطنك الأصلي، وعلى هذا فإنك إذا لم تتخذ "طهران ولا ساوة" وطناً لك بعد ذلك فلا يجري عليك فيهما حكم الوطن.
* ماذا تقولون في شخص لم يعرض عن وطنه وهو مقيم حالياً في مدينة أخرى منذ ستة سنوات، ففي الوقت الذي يرجع فيه إلى وطنه هي يصلي تماماً أم قصراً؟ علماً أنه ممن بقي على تقليد الإمام الراحل (قدس سره).
مالم يُعرِض عن وطنه السابق فحكم الوطن في حقه باقٍ على حاله، ويتمُّ صلاته هناك ويصح منه صومه.
* طالب جامعي استأجر بيتاً في مدينة "تبريز" لأجل الدراسة في الجامعة هناك لمدة أربع سنوات، وعلاوةً على ذلك فإنه ينوي البقاي في تبريز بصورة دائمة إذا أمكن ذلك، وحالياً وفي أيام شهر رمضان المبارك يتردّد إلى وطنه الأصلي في بعض الأحيان، فهل يُعدّان وطنين له أم لا؟
إذا لم يكن عازماً جزماً حالياً على التوطن في محل الدراسة فلا يلحقه حكم الوطن في ذلك المكان، وأما وطنه الأصلي فهو باقٍ على حكم الوطن بالنسبة إليه ما لم يعرض عنه.
* ولدت في مدينة "كرمانشاه" ومنذ ستّ سنوات أسكن في مدينة طهران، ولكني لم أعرض عن وطني الأصلي، وقد قصدت التوطن في طهران أيضاً فإذا كنا ننتقل في كل سنة أو سنتين من منطقة إلى
أخرى من مناطق طهران، فما هو حكم صلاتي وصومي فيها؟ وبما أننا نسكن في المنطقة الجديدة (داخل طهران) لأكثر من 6 أشهر، فهل يجري علينا فيها حكم الوطن أم لا؟ وكيف تكون صلاتنا وصيامنا عندما نذهب ونعود طوال النهار إلى مختلف نقاط طهران؟
إذا قصدت التوّطن في طهران الحاليّة، أو في محلّة منها فتكون كلها وطناً لك، ويجري عليك في جميع نواحي طهران الحالية حكم الوطن من تمامية الصلاة وصحة الصوم، وتردّدك داخل طهران الحالية لا يلحقه حكم السفر.
* شخص من أهل القرية، ومكان عمله وسكنه حالياً في طهران ووالداه يعيشان في القرية ولديهما فيها أملاك ومياه، وهو يذهب إلى هناك لزيارتهما أو لمساعدتهما، ولكن ليس له رغبة في العودة للسكن هناك أصلاً، مع العلم بأنها مسقط رأسه فكيف تكون صلاته وصيامه فيها؟
إذا لم يكن ناوياً للرجوع إلى تلك القرية لأجل السكن والعيش فيها فلا يجري في حقه هناك حكم الوطن.
* هل يُعتبر مسقط الرأس وطناً وإن لم يسكن الشخص فيه؟
إذا بقي في ذلك المكان مدّة من الزمن، ونشأ وترعرع فيه فإنه ما لم يعرض عنه جرى عليه فيه حكم الوطن، وإلا فلا.
* ما هو حكم صلاة وصوم من يقيم في بلد ليس وطناً له لسنوات طويلة (9 سنوات) وهو ممنوع حالياً من العودة إلى وطنه، ولكنّه يقطع بالعودة إليه في يوم ما؟
حكمه في صلاته وصومه في بلد سكناه حالياً هو حكم سائر المسافرين.
* أمضيت ستّ سنوات من عمري في القرية، وثماني سنوات في المدينة وجئت إلى "مشهد" لأجل الدراسة حالياً، فما هو حكم صلاتي وصومي في كلٍ من هذه الأماكن؟
يجري عليك في القرية التي هي مسقط رأسك ما لم تعرض عنها حكم الوطن بالنسبة لصلاتك وصومك فيها، وأما "مشهد" فما لم تقصد التوطّن فيه جرى عليك فيه حكم المسافر، وأما تلك المدينة التي سكنت فيها لمدة سنوات فإذا اتخذتها وطناً لك فما لم تعرض عنها جرى عليك فيها حكم الوطن وإلا كان حكمك فيها هو حكم المسافر.
- تبعيّة الزوجة
* هل الزوجة تابعة للزوج بالنسبة للوطن والإقامة؟
مجرّد الزوجية لا يوجب التبعية القهرية، فيمكن للزوجة أن لا تتبع الزوج في اختيار الوطن ولا في قصد الإقامة، نعم لو لم يكن للزوجة استقلال في الإرادة والعيش، بل كانت خاضعةً لإرادة زوجها في اتّخاذ الوطن، وفي الإعراض عنه كفاها قصد زوجها في ذلك، فتصير المدينة التي انتقل إليها زوجها معها للعيش فيها دائماً بقصد التوطن فيها وطناً لها أيضاً، وكذا يكون إعراض الزوج عن وطنهما بالخروج منه إلى مكان آخر إعراضاً لها عن وطنها، وفي إقامة العشرة في السفر يكفيها إطلاعها عن قصد الزوج للإقامة بعد فرض أنها خاضعة لإرادة زوجها، بل حتى ولو كانت مجبروة أيضاً على مصاحبة زوجها في مدّة إقامته هناك.
* هل تتبع الزوجة زوجها في مسائل صلاة المسافر في حال الخطوبة؟
العلقة الزوجية لا تقتضي تبعية الزوجية للزوج في قصد السفر أو الإقامة، أو الإعراض عن الوطن، أو الاستيطان، بل هي مستقلة في ذلك.
* شاب تزوج بامرأة من مدينة أخرى، فحينما تذهب هذه المرأة إلى بيت والدها هل تكون صلاتها قصراً أم تماماً؟
ما لم تعرض عن الوطن الأصلي فصلاتها فيها تمام.
* هل الزوجة أو الأولاد مشمولون للمسألة في الرسالة العملية لسماحة الإمام قدس سره يعني لا يشترط في تحقق سفرهم قصدهم السفر أيضاً؟ وهل يكون وطن الأب موجباً لتمامية صلاة من تبعه؟
إذا كانوا تبعاً للأب في السفر- ولو قهراً- فيكفيهم قصد الأب لقطع المسافة لو اطّلعوا على ذلك، وأما في اتّخاذ الوطن وفي الإعراض عنه، فلو كانوا غير مستقلّين في الإرادة والعيش، بأن كانوا خاضعين- حسب ارتكازهم- لإرادة الأب في ذلك، كانوا تبعاً للأب في الإعراض عن الوطن، وفي الوطن المستجد الذي انتقل إليه الأب معهم للعيش فيه دائماً على أن يكون وطناً لهم.
- أحكام البلاد الكبيرة
* ما رأي سماحتكم في المدن الكبيرة من حيث ما يعتبر في قصد التوطن أو إقامة العشرة فيها؟
لا فرق في أحكام المسافر، ولا في قصد التوطن، ولا في قصد إقامة العشرة بين المدينة الكبيرة والمدن المتعارفة، بل مع قصد التوطن في المدينة الكبيرة من دون تعيين محلة خاصة والبقاء مدةً في تلك المدينة يجري في حقه حكم الوطن، كما أنّه لو نوى إقامة العشرة في مثل هذه المدينة بلا قصد محلة خاصة منها جرى عليه حكم تمامية الصلاة والصوم.
* شخص لم يكن مطلّعاً على فتوى الإمام قدس سره في اعتبار طهران من البلاد الكبيرة، وبعد الثورة علم بفتوى الإمام، فما هو حكم صلاته وصيامه الذين أتى بهما بالنحو المعتاد؟
لو كان باقياً حالياً على تقليد الإمام الراحل قدس سره في هذه المسألة وجب عليه تدارك الأعمال الماضية التي لا تنطبق مع فتواه بأن يقضي ما صلاه تماماً مكان القصر قصراً، ويقضي الصوم الذي صامه حال كونه مسافراً.