منال ضاهر
وطن الإنسان عزيز عليه وأهله أحباؤه... والأرض التي ترعرع وتربى فيها غالية عليه... فحب الوطن والالتصاق به والانتماء إليه يولد معه بالفطرة... فمنذ لحظة الولادة تغذي الأم طفلها وتجرعه حب الوطن وقدسيته؛ فيكبر ويكبر معه الشعور والالتزام بحماية "الأرض المباركة" (الوطن)، وصون ترابها يساوي عنده الدنيا بما فيها...
* الوطن أم
"كبرت وصرت شاباً يقول علي (30 عاماً -صيدا) ولا زال صوت أمي يدعوني لحب الوطن وعشق ترابه وأنه الأغلى من الروح والمهج... وحقه عليَّ ألا أتراجع قيد أنملة في الحفاظ عليه وصونه، لأن عزته عزتي، وشموخه شموخي، وهو البداية ومعه النهاية...". يؤكد أحمد (32 عاماً بيروت) "أن الوطن كما الدنيا كلاهما أم..." ويشيد بأمه مبتسماً "علّمتني أمي الكثير عن الأرض، وعلّمتني أن الشجاعة والبسالة في سبيله حق عليَّ وواجب مقدس ممنوع التخلي عنه...". ويضحك أحمد قائلاً: "سألني طفلٌ يوماً: ماذا يعني الوطن؟! فتذكرت كلام أمي وأجبته دون تردد: الوطن أم".
* الوطن أمن وأمان ومستقبل
يعرّف الدكتور علي رمال (أستاذ محاضر في كلية الإعلام والتوثيق) الوطن بأنه "مكان يؤمّن وجود الإنسان ويعرّف عنه؛ ويؤمّن حضانة للفرد وأماناً له ولمستقبله...". فيما يجد الدكتور أحمد الجندي (أستاذ القانون في الجامعة اللبنانية) أن الوطن: "أرض محددة تعيش عليها مجموعة من الناس متجانسين يؤمنون بالعيش المشترك... والوطن لا يفرق بين مواطن وآخر فكل مواطن يمارس السيادة على هذه الأرض (الوطن)، إذ لا فرق بين الواحد والآخر...". فيما يرى الدكتور خليل جفال (مدير كلية الآداب فرع صيدا) أن الوطن هو المكان الذي يولد الإنسان ويترعرع وينمو فيه، وتربطه به ذكريات جميلة. وعليه فإن الوطن هو الشعب والمجتمع... والوطن هو التآلف والعيش المشترك، وإن كانت الأرض من دون شعب فلا معنى لها...".
* الوطن في عيونهم...
تحدد رمزة عبيد (26 عاماً -طرابلس) حق الوطن وواجباتنا اتجاهه بالتربية الصالحة لأولادنا وأطفالنا مشددة على أن: "نعلّم أبناءنا أن وطننا مميز عن كل الأوطان بحياته الكريمة الهانئة وهويته العربية الأصيلة، وأن أرضه منبت السلام، وترابه رمز الخير والبركات...". وتستطرد قائلة: "علينا تعليمهم كيف نجعل بلدنا ولبناننا الأجمل والأفضل..." مؤكدة أن الحقيقة تكمن في أن الوطن باقٍ... الوطن كما يعرّفه حبيب زوين (29 عاماً -جونيه): "هو الهوية التي يحملها الإنسان وتعرّف عنه في حياته، ودونها لا يمكن أن يعيش عيشة كريمة...". ويرى زوين "أن التربية على مفهوم الوطن ومعناه وحقوقه علينا تتجسد في تلبية ندائه دون تردد للذود والدفاع عنه، مقدّمين حياتنا ودماءنا في سبيله ليحيا عزيزاً حراً مستقلاً...". تعتقد تريز الدويهي (28 عاماً - غرتا) أن أجمل ما في الدنيا الأوطان، وتعبِّر بقوة عن نفسها فتقول: "أنا أعشق في لبنان كل حرف فيه وكل زاوية من أرضه..." وتكمل الدويهي قائلة: "عندما أقف فوق التراب يزداد عشقي لوطني لبنان إلى حدود أن أفديه بدمي ليحيا ويسمو عالياً..." وتتساءل: "ما قيمة الأوطان المنتهكة حدودها والمشرعة لغاصب أو محتل يعيث بأمنها وحياة مواطنيها بصورة بشعة؟..." وعن ضرورة حماية الوطن تؤكد الدويهي: "نحن نريد من يحمي لبنان وليس من يخربه...". "الوطن هو الماء الذي يروي العطش؛ والأم الحنون التي تشعر عندها بالأمان" يقول جوزف إفرام (غزير 22 عاماً) ويكمل "الوطن هو الأرض التي أقف عليها مستنداً إلى هوية أعتز بها...
لقد تعلمنا أن وطننا مختلف عن بقية الأوطان بسمائه وترابه وأرضه"... ويؤكد إفرام "إننا حاضرون عندما يطلبنا الوطن للدفاع عن أرضه... وجاهزون دوماً لتلبية الواجب في رد المعتدي وطرده مذلولاً...". تعتبر سلمى الضاهر (20 عاماً -البترون) "أننا في لبنان نتعلم أن نعشق وطننا عشقاً غريباً، وهذا ما يدفعنا للاستشهاد والموت في سبيله، وتقديم الدعم المعنوي والمادي له من الدم وصولاً إلى النصر، حتى يستعيد الوطن الحرية والاستقلال، ويعيد للأمة جمعاء عزتها وكرامتها وعنفوانها". "لا نرى في وطننا إلا جنة اللَّه على الأرض" يؤكد حبيب روكز (22 عاماً أفقا) ويعتبر أن حماية الوطن لا تكون إلا ببذل الدماء، وهو أقل واجب نقدمه لوطننا، وترخص الدماء كُرمى للوطن كما يرخص كل شيء في سبيل الدفاع عنه "وبالتأكيد فإن الوطن أغلى من الروح...". يدعو جهاد خليل (21 عاماً -جونيه) إلى الدفاع والمقاومة عن الوطن بكل ما أوتي الشباب من قوة، ويرى أن: "الدفاع عن الوطن لا يكون إلا في الوقوف أمام أي مشروع خارجي يحاول النيل منه... فهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لوطن عزيز نريده أن يبقى عزيزاً كريماً". تنشد مايا خوري (21 عاماً- بيروت) "كلنا للوطن..." وتستطرد قائلة: "الوطن حدود وأرض مصانة ومحمية من واجبنا الدفاع عنها في وجه الأخطار المحدقة بها...". يرى شربل حداد (35 عاماً -بعبدا) أن الإنسان يفتح عينيه على حب الوطن وينمو ويكبر معه يوماً بعد يوم... وخير الواجبات وأسماها كما يقول: "يتجسد في التكاتف والتوحد في مواجهة أعداء الوطن، لأنه بالوحدة وحدها يتغلب الوطن على الأحقاد ويسمو ويتغلب على المكائد التي تحاك له...".
* حقه علينا وحقنا عليه
حق الوطن على المواطن، يقول الدكتور رمال "في التضحية من أجله والحفاظ على وجوده... والتماسك في سبيله وأن ننعم بالعيش بكرامة". ويرى الدكتور الجندي وجوب "استعداد الإنسان ليموت من أجل أرضه ووطنه. وواجبنا أن نحميه ونصونه ونحافظ عليه وألا نهينه، وعلينا الحفاظ على دعائمه تماماً كما تحافظ الأم على وليدها...". ويجد الدكتور الجندي "أن الوطن السليم في المواطن السليم، والوطن كجسم الإنسان متى كان رأسه عليلاً فجسمه سيكون عليلاً...". ويفسر الدكتور جفال التضحية في سبيل الوطن: "بتقديم الغالي والنفيس من أجل الوطن الذي يلهث الفرد للعيش فيه والعودة إلى ربوعه مهما ابتعد عنه..." ويختم الدكتور جفال بقول الشاعر: "وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي..." كلٌّ يفهم الوطن من منظوره، وكلٌّ يفسر الواجبات والحقوق على طريقته. تتعدد وجهات النظر وتختلف من جيل لآخر، إلا أن الوطن يبقى الأول والآخر ويبقى عنواناً للرفعة والارتقاء. فيه نلتمس العطف والحنان والمحبة، وفيه ننعم بالأمن والسلام والحرية الناجزة.