مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

فقه الوليّ: من أحكام السفر: حدّ الترخّص والوطن


الشيخ علي معروف حجازي


طرأت بعض التعديلات على فتاوى سماحة الإمام السيد الخامنئيّ دام ظله في باب صلاة المسافر؛ اقتضت إعادة التذكير ببعض أحكام السفر. وهذا هو المقال الثاني.

•حدّ الترخّص
1- لا يصحّ تقصير الصلاة قبل الوصول إلى حدّ الترخّص. ويكفي في تحقّق الوصول إليه خفاء أذان آخر البلد من الجهة التي يخرج منها المسافر أو يدخل.

2- إذا وصل المسافر إلى مكان يسمع فيه صوتاً ولكن لا يمكن تشخيص كونه أذاناً أو لا، فالأحوط وجوباً أن يجمع بين القصر والتمام، أو ينتظر حتّى يصل إلى حدّ الترخّص.

3- ما دام المسافر -الذي يريد الخروج من وطنه- ضمن حدود الوطن وحدّ الترخّص، لا يجري عليه حكم المسافر، ويبقى على التمام.

4- ما دام المسافر ضمن نطاق حدّ الترخّص في المحلّ الذي قصد فيه إقامة عشرة أيّام متتالية، فالأحوط وجوباً أن يجمع بين القصر والتمام، أو ينتظر الوصول إلى حدّ الترخّص في حال الخروج، وإلى محلّ الإقامة في حال القدوم.

وكذلك من بقي متردّداً في مكان واحد ثلاثين يوماً، فإنّه يجمع بين القصر والتمام على الأحوط وجوباً في حال الخروج قبل أن يصل إلى حدّ الترخّص، أو ينتظر الوصول إلى حدّ الترخّص.

•قواطع السفر
ينقطع السفر الشرعيّ ويجب التمام إذا حصل أحد أمور ثلاثة، وتسمّى قواطع السفر، وهي:

الأوّل: الوصول إلى الوطن.

الثاني: العزم على الإقامة عشرة أيّام متتالية في مكان واحد.

الثالث: البقاء ثلاثين يوماً متردّداً في مكان واحد.

•القاطع الأوّل: الوصول إلى الوطن
ينقسم الوطن إلى قسمين:

القسم الأوّل: الوطن الأصليّ، وهو المكان الذي نشأ فيه الإنسان في بداية حياته وترعرع وكبر (يعني مرحلتيّ الطفولة والمراهقة)، فيكفي البقاء فيه خمسة عشر عاماً فصاعداً، مع عدم الإعراض عنه بعد ذلك. وفيه مسائل:

1- المكان الذي ينوي الإنسان العيش فيه مدّة لا تقلّ عن سنة أو سنتين بحيث لا يعدّ فيه مسافراً (يعني لا يصدق عليه أنّه مسافر)، يكون بحكم الوطن، فيصلّي فيه تماماً ويصحّ صومه، ولكنّه لا يصير وطناً.

2- مجرّد التولّد في بلد أو كونه وطنَ الوالدين، لا يعني صيرورته وطناً أصليّاً، بل يجب أن يبقى فيه مدّة، وينشأ ويترعرع فيه.

على سبيل المثال: مَن ولد في مكان، ولم ينشأ ويترعرع فيه، لا يكون وطناً أصليّاً له، بل وطنه الأصليّ هو المكان الذي نُقل إليه بعد الولادة، ونشأ وترعرع فيه.

القسم الثاني: الوطن الاتّخاذيّ (المستجدّ)، وهو المكان الذي يختاره المكلّف لسكنه دائماً أو مدّة طويلة كأربعين سنة. وفيه مسائل:

1- يشترط في الوطن الاتّخاذيّ (المستجدّ) ثلاثة أمور:

أ- العزم على السكن فيه دائماً، أو لثلاثة أشهر ولو متفرّقة على الأقل فصاعداً في كلّ سنة بشكل دائم. أمّا إذا كان يريد البقاء فيه مدّة طويلة جدّاً كأربعين سنة، ففي هذه الصورة يعدّ وطنه.

ب- يجب أن يكون قصد التوطّن في قرية أو مدينة خاصّة ومعيّنة، فلا يمكن اتّخاذ دولة بكاملها وطناً.

ج- تهيئة وسائل التوطّن في مكان معيّن، من قبيل تهيئة المنزل والشروع بالتكسب والعمل، يصدق عليه الوطن حتّى لو لم يمضِ عليه زمن. ولا يشترط أن يكون المنزل ملكاً له.

ومع عدم تهيئة الوسائل، فيجب أن يبقى مدّة ليصدق معها أنّ ذلك المكان صار وطنه.

2- يمكن أن يكون للإنسان وطنان مستجدّان (غير الوطن الأصليّ)، أمّا الأزيد فمنوط بالصدق العرفيّ. (يمكن تحقّق الصدق العرفيّ في ثلاثة أوطان مستجدّة غير الوطن الأصليّ إذا نوى الإقامة في كلّ بلدة ثلاثة أشهر في كلّ سنة).

•الإعراض عن الوطن
ما لم يُعرض الإنسان عن وطنه، يبقى على وطنيّته ويصلّي فيه تماماً. أمّا لو أعرض عنه، فيخرج عن حكم الوطن.

1- يتحقّق الإعراض: بالخروج من الوطن مع العزم على عدم العودة إليه، ويتحقّق أيضاً بحصول العلم أو الاطمئنان بعدم إمكان العودة.

2- وطن المرأة: لا يتحقّق الإعراض من المرأة لمجرّد زواجها وانتقالها للعيش في بيت زوجها في بلد آخر، فالمرأة التي تزوّجت رجلاً من بلد آخر تصلّي تماماً في وطنها الأصليّ، ما لم يتحقّق الإعراض عنه.

3- مجرّد الزوجيّة لا يوجب على المرأة التبعيّة القهريّة: فقد تكون المرأة غير تابعة لزوجها في اختيار الوطن والإعراض عنه، ولا يصير المكان وطناً تترتّب فيه أحكام الوطنيّة على المرأة أيضاً لمجرّد كونه وطناً لزوجها.

4- المرأة التابعة لزوجها: إذا كانت المرأة تابعة لإرادة زوجها في اختيار الوطن والإعراض عنه يكفيها قصد زوجها، ويصير المكان الذي يأخذها الزوج إليه بقصد التوطّن والعيش الدائم فيه وطناً لها أيضاً. وإعراض الزوج عن وطنهما المشترك بالخروج منه والذهاب إلى مكان آخر، يعدّ إعراضاً لها أيضاً عن ذلك الوطن.

5- الأبناء التابعون: إذا لم يكن الأولاد مستقلّين في الإرادة والعيش، وكانوا بحسب طبيعتهم وارتكازهم تابعين لإرادة أبيهم، فإنّهم يتبعون أباهم في الإعراض عن الوطن السابق، واتّخاذ الوطن الجديد الذي يصطحبهم إليه للعيش الدائم. وبناءً على ذلك، مَن هاجر بالتبعيّة لأبيه من وطنه إلى بلد آخر، وقصد الأب عدم العودة إليه للعيش فيه، يخرج ذلك البلد عن حكم الوطن للأبناء أيضاً، ويصير وطن الأب الجديد وطناً لهم.

6- الأبناء المستقلّون: الأولاد المستقلّون في الإرادة والعيش لا يتبعون والدَيهم في أحكام الوطن.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع