لقد حقّق معهد السيِّدة رقيَّة في منطقة أنصاريَّة واحداً
من الأهداف التي لأجلها أُسِّست المعاهد النسائيَّة الثقافية في مختلف المناطق
اللبنانية، حيث تخرَّجَ منه في العام 2009 ثلَّة من المبلّغات في حفل مركزيّ شاركت
فيه المتخرِّجات كافّة من مختلف المعاهد في لبنان خلال شهر آب الماضي.
* نبذة عن معهد السيدة رقيَّة
افتتح معهد السيِّدة رقيَّة في أنصاريَّة في العام الدراسيِّ 2004 - 2005 وانتسبت
إليه سبع وأربعون طالبة منذ العام الأوّل لتأسيسه. ويعود سبب هذا الإقبال الجيِّد "إلى
الحاجة الماسَّة في المنطقة لمراكز ثقافيّة دينيّة توجّه الأخوات في تدبير أمورهن
العائليّة والاجتماعيّة والعباديّة" كما تقول الحاجة زهرة عامر التي تتولّى إدارة
المعهد منذ تأسيسه في أنصارية. إنّ الأمر اللافت في تجربة معهد السيِّدة رقيَّة هو
أنَّ الأخوات اللواتي أنهين المراحل الدراسيّة الخمس في المعهد بدأن منذ العام
الماضي بممارسة دورهنَّ الثقافي في المنطقة، إنْ في المعهد حيث يقمن بسدّ فراغ حصص
التعليم أثناء غياب أحد المدرسين، أو في عملهنّ الثقافي ضمن الهيئات النسائية في
المنطقة، أو مع الناشئة.
* أجواء الدراسة في معهد السيِّدة رقيَّة
إنّ الإعلان عن المعهد لم يتطلَّب أي تقنيَّة حديثة، بل اقتصر على الطريقة البسيطة
جداً والعفويَّة، حيث إنَّ "كلَّ أختٍ كانت تخبر أختاً أخرى عن انتسابها للمعهد وعن
تجربتها، وكانت الأخوات يتحمسن الواحدة تلو الأخرى وينتسبن للمعهد" تقول مديرة معهد
السيدة رقية. "إنَّ أجواء الدِّراسة في المعهد فيها كثير من الروحانيَّة التي
يُضفيها فريق من العلماء الذين يدرّسون في المعهد، ما يجعل الأخوات يصمِّمن على
متابعة الدراسة"، وتضيف الحاجَّة زهرة "كما أن جوّ الدِّراسة فيه الكثير من الأخوّة
فيما بين الطالبات. أمَّا عني كمديرة، فإنِّي أحاول دائماً أن أوفق في التعامل ما
بين الحزم واللين". وتشرح مديرة المعهد أنَّ المنهاج الدراسيِّ في المعهد سهل وواضح
"من أوَّل يومٍ في المعهد نشرح للطالبة الموادّ التي ستدرسها خلال العام الدراسيّ،
ممّا يساعدها على تكوين رؤية عن العام والمستوى الذي ستبلغه". كما وتوضح أنّ تقسيم
المواد غير مكثّف، فالحصص تتوزَّع على أربعة أيام ولثلاث ساعات فقط. في المعهد أيضاً
كما في المعاهد الثقافية النسائيَّة كافَّة دار حضانة خاصَّة بأطفال الطالبات تشرف
عليها حاضنة تعتني بأولاد الطالبات إلى حين انتهاء موعد الدراسة. وتخبرنا
مديرة المعهد قصصاً عدَّة حول التحدِّيات التي تتخطَّاها الأخوات من أجل متابعة
الدِّراسة وكيف أنهنَّ يوفّقن بين المسؤوليَّات المختلفة المُلقَاة على عاتقهنَّ "ممَّا
لا شكّ فيه أنَّ التسديد الإلهي يساعد الأخوات على الانتساب للمعهد ومتابعة هذه
المسيرة العلمية والروحانية" كما وتؤكد الحاجة زهرة عامر على أنَّ الأخوات هنّ أهل
لذلك!.
ما تعلَّمته الطالبات من المعهد
إنَّ أهمَّ وأسرع تأثير للدروس الدينيَّة في المعهد يظهر في التعامل الإيجابي
للطالبات ضمن محيطهنَّ، سواء مع الأهل أو الزوج أو الأولاد، وتحديداً في مواضع
الابتلاءات الصعبة. كما أنَّ النواحي العباديَّة تنعكس بشكل واضح على شخصياتهنَّ
وعلى خياراتهنَّ. وتستشهد السيِّدة زهرة بقول للنبيِّ محمَّد صلى الله عليه وآله عن
أهميَّة طلب العلم لطالما ردَّدته على مسامع الأخوات في المعهد "إنَّ طالب العلم
ليستغفر له كلُّ شيء، حتَّى حيتان البحر، وهوامُّ الأرض وسباع البرّ وأنعامه"(1).
1- العلم والحكمة في الكتاب والسنّة، محمد الريشهري، ص229.