المعاهد الثقافية النسائية

إيمان محمد خليفة


توقفت الحاجة فاطمة يتيم عن دراستها الأكاديمية منذ ما يقارب الخمسة وثلاثين عاماً، لكنها التحقت منذ أشهر بمعهد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في الغازية مع ابنتها المتزوجة، وأنهتا معاً المرحلة الأولى جداً لبدء المرحلة الجديدة من الدراسة، تعبِّر الحاجة فاطمة عن السبب الذي دفعها لمعاودة الدراسة: "إن حماسي لزيادة معرفتي في الأمور الدينية دفعني للانتساب إلى معهد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في الغازية منذ اليوم الأول الذي عرفت أنه افتتح" تقول الحاجة فاطمة، وتدعم حديثها ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (المجادلة:11).

إن الحاجة فاطمة المرأة ليست الطالبة الوحيدة التي تأتي مع ابنتها المتزوجة إلى المعهد، ففي المعهد أكثر من نموذج واحد لأمهات يأتين مع بناتهن وحتى حفيداتهن إلى المعهد، حيث تقدم الحاضنة الخاصة في المعهد الرعاية للأطفال إلى حين انتهاء موعد الدراسة. أما الطالبة زينب حسن الناشطة في الهيئات النسائية في حارة صيدا، فتقول عن تجربتها في المعهد: "عندما قرّرت الانتساب إلى المعهد كان لغاية أبعد من أن أكون مجرد زوجة ناجحة في أسرتي، فالروح أيضاً تحتاج إلى غذاء تماماً كما الجسد. اليوم، بعد تغذيتي لروحي بكل هذه العلوم، أجد أن علاقتي بأسرتي ومع جيراني باتت أفضل بكثير".

* انطلاقة المعهد
افتتح معهد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في الغازية في العام 2008. تحدثنا مديرة المعهد الحاجة اعتدال الزين عن الهدف من إنشاء المعهد: "الهدف من إنشاء المعهد هو تحصيل المعرفة العلمية والثقافة الإسلامية". وتضيف: "لا بدّ من إعداد المرأة عبر سلسلة من البرامج المعمقة لكي تتمكن من تربية جيلٍ صالحٍ يعرف الأحكام الإسلامية". أما عن الطالبات اللواتي يمكنهنَّ الالتحاق بالمعهد، فتقول: "يحق لكل طالبة الالتحاق بالمعهد إذا كانت قد أنهت الصف الرابع المتوسط الأكاديمي أو ما يعادلها ومن عمر الخامسة عشرة وما فوق". وعن مراحل الدراسة في المعهد: "تمتد الدراسة في المعهد إلى أربع سنوات، تنقسم إلى خمسة مستويات متدرجة". وتؤكد الحاجة اعتدال أن تقسيم الدروس ضمن المنهاج غير مكثف أبداً، ويأخذ بعين الاعتبار وضع الأمهات وتعدد المسؤوليات عليهن.

* النشاطات المرافقة
تهتم إدارة المعهد بشكل خاص بإحياء المناسبات الدينية داخل المعهد، وتنظم العديد من المحاضرات الدينية التي تكون عادة مفتوحة، ليس فقط لطالبات المعهد وإنما لكل الطالبات في المنطقة، وعن هذه النشاطات تشرح مديرة المعهد: "نحن حريصون على تنظيم نشاطات في كل شهر تقريباً لأنها تثقف الطالبات دينياً من جهة كما أنها تكسر الروتين من جهة أخرى وتخلق جواً ثقافياً وروحياً للأخوات. لقد كانت الزيارة إلى مقام السيدة زينب عليها السلام والسيدة رقية في سوريا واحدة من أهم النشاطات التي تنظمها إدارة المعهد خلال العام الدراسي". وعن مشاركتها في الرحلة، تقول الطالبة باسمة "تساعدنا النشاطات خارج الصف على إيجاد مساحة للتعرف على بعضنا أكثر، وهي مهمة جداً بالنسبة لنا لكي نتواصل مع بعضنا بطريقة إيجابية تنعكس جوّاً أخوياً داخل الحصص التدريسية".  أما بالنسبة لنسرين، فإنها تعتبر أن ورشة العمل حول "الدراسة بفعالية" كانت مهمة جداً لأن "التنشيط الذي اعتمدته المدربة لم يكن تقليدياً، فورشة العمل تضمنت معلومات ساعدتنا على المذاكرة بشكل أفضل، كما أنها ساعدتنا على تدريس أولادنا. لقد ساعدتنا على إيجاد الطرق المناسبة للمذاكرة بشكل أفضل".

* نشاطات المعهد خلال فصل الصيف
تؤكد مديرة المعهد على أهمية البقاء على التواصل مع الطالبات في المعهد خلال فصل الصيف: "لقد أبدت الأخوات حماساً شديداً للمشاركة في الاحتفال المركزي للمبلغات في بيروت، وكانت الفرحة الكبيرة خلال تنظيم حفل تخرج خاص بهن في مجمع الإمام المهدي عجل الله فرجه في الغازية في آب الماضي". كما وتشير الحاجة الزين إلى أن الإقبال على العلوم الدينية كان لافتاً خلال فصل الصيف، حيث نظمت إدارة المعهد دورات ثقافية بالتعاون مع الهيئات النسائية في المنطقة شارك فيها حوالي السبعين طالبة "وهذه نسبة جيدة جداً" تؤكد مديرة المعهد.

* المراحل الدراسية المتقدمة في المعهد
تشتمل الدروس في معاهد الزهراء على دروس في الفقه، السيرة، العقيدة، الأخلاق وغيرها من المواد المهمة لتخريج مبلغات قادرات على نشر الدين الإسلامي. وتشرح مديرة المعهد "إن إعداد المبلغات يتطلب تمكينهن، بحيث تمتلكن مؤهلات ثقافية لخدمة الإسلام ونشره بطرائق تدريسية متطورة تلبي احتياجات المجتمع الإسلامي، من أجل الدعوة إلى الإسلام والدفاع عنه". تجدر الإشارة أخيراً إلى أن معهد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في الغازية هو واحد من المعاهد الخمسة تحت إدارة واحدة التي تضم المعاهد الأربعة الأخرى: معهد أم القائم في مشغرة، معهد الإمام الصادق في حومين الفوقا، معهد الشهيدة أم ياسر ومعهد السيدة رقية في أنصارية.