نتج عن التطوّر التكنولوجي في إنتاج الغذاء لملاحقة
الأعداد المتزايدة من السكان وقوع بعض الآثار السلبيّة لمكوّنات الطعام. وقد استدعى
هذا الأمر توجيه بعض الإرشادات للأُسَر لمعاونتها في الحفاظ على سلامة الغذاء
وصلاحيّته للاستهلاك الأسريّ.
* أنواع ومسببات تلوث الغذاء
لا شكّ في أنَّ مسبِّبات التلوّث وأنواعه عديدة، ونكتفي
فيما يلي بذكر أهمِّها وأكثرها انتشاراً وخطورة على صحة الإنسان:
أولاً: التلوّث البكتيري:
يعتبر هذا النوع من التلوّث من أقدم أنواع التلوّث التي عرفها الإنسان وأكثرها
انتشاراً، إذ تعمل البكتيريا على إفراز سموم في الطعام تنتج عنها أعراض مرَضيَّة
مثل الإسهال والقيء وآلام البطن. أمَّا الأغذية الأكثر عرضة للتلوث بالبكتيريا
الضارَّة فهي: اللحوم ومنتجاتها والدَّواجن والأسماك والألبان ومنتجاتها، وكذلك
الأغذية المصنعة والمطهوة والمعلبات الفاسدة والوجبات السريعة.
ثانياً: التلوَّث بسموم الفطريات (العفن):
تنمو بعض أنواع الفطريَّات على الأغذية وتفرز سموماً شديدة الخطورة على صحَّة
الإنسان حيث تسبب سرطان الكبد وخللاً في وظائف القلب والأنسجة المختلفة، وكذلك تؤدي
إلى حدوث تغيّرات وراثيَّة وتشوه في الأجنة. والأغذية الأكثر عرضة للتلوث
بالفطريات (العفن) هي الحبوب مثل: القمح والذرة، والبقوليات مثل: الفول والعدس
والفاصوليا واللوبيا، وهكذا الخبز إلى جانب الأنواع المختلفة من المكسرات والفواكه
المجففة مثل: التين والمشمش والزبيب وغيرها.
ثالثاً: التلوّث بالمبيدات:
تستخدم المبيدات لحماية الإنتاج الزراعي من مختلف الآفات بهدف زيادة الإنتاج. وتوجد
متبقيّات المبيدات في معظم أنواع الخضر والفاكهة ودهون اللحوم والطيور والأسماك
والألبان والأحشاء الداخلية وبعض الغدد الغنيَّة بالدهن مثل المخّ والكلى والكبد.
وترجع خطورة المبيدات إلى أنَّها تؤثِّر على الجهاز العصبيّ بصفة خاصَّة، وتُحدِث
خللاً في وظائف أعضاء الجسم المختلفة مثل الكبد والكلى والقلب وأعضاء التناسل.
* نصائح وإرشادات
للحصول على طعام خال من الملوّثات وآمن على صحَّة الإنسان يجب إتباع الإرشادات
التالية:
1 - يجب الاهتمام بالنظافة الشخصيَّة وغسل الأيدي بالماء النظيف والصابون قبل تجهيز
الطعام، والتأكَّد من نظافة أدوات وأماكن إعداد الطعام قبل استخدامها.
2 - يجب غسل الخضر والفاكهة غسلاً جيداً مع استخدام فرشاة غسيل خاصة ومع تقشير
الخضر والفاكهة القابلة للتقشير حيث يؤدِّي ذلك إلى تقليل التلوث بالميكروبات
والمبيدات والمعادن الثقيلة.
3 - يُفضَّل الإقلاع عن عادة استخدام قشر البرتقال في عمل الكيك والمربيَّات؛ نظراً
إلى أنَّ هذه المناطق من الثمرة تتركز فيها المبيدات.
4 - يجب الامتناع عن تناول أو شراء البقدونس المصاب بالأمراض الفطرية -البطاطس
المصابة بالحشرات أو المخضرة- البقوليات التي تحتوى على السوس.
5 - يُنصح بالإقلال من استهلاك الأسماك الغنية بالدهون, وغسلها جيداً قبل الطهو.
6 - يُنصح بإزالة تجمّع الدهون في كل من اللحوم والدَّواجن حيث ثبت أن بقايا
المبيدات تتركَّز في الدهون، ولذلك يجب التقليل من استهلاك الأجزاء الغنية بالدهون
مثل: المخ – الكبد – الكلى – الأحشاء الداخلية.
7 - يفضَّل استهلاك الألبان قليلة أو منزوعة الدسم مع مراعاة غلي كافة أنواع
الألبان السائلة.
8 - يفضَّل مراعاة الآتي عند طهو الطعام:
أ- الطهو الجيد للطعام على درجات حرارة عالية، ولمدة طويلة لضمان التخلص من جزء
كبير من مسببات التلوث.
ب- سلق الخضراوات بصفة عامة قبل طهوها وبخاصة الورقيَّة منها مع التخلّص من ماء
السلق.
ج- عند تحمير أو قلي الأطعمة تستخدم كميَّة صغيرة من الزيت على ألا يُعاد
استخدامها أو تسخينها مرَّة أخرى بعد انتهاء القلي، مع مراعاة عدم رفع درجة حرارة
الزيت لدرجة التدخين لتقليل تكوين المركبات السامة الناتجة عن تسخين الزيت. ويجب
عدم إضافة الزيت النظيف الجديد إلى الزيوت السابق استخدامها في القلي.
د- عدم استخدام ورق الألومنيوم في طهي الأطعمة واستخدامه فقط في حفظ الأغذية
الباردة.
9 - يجب عدم استهلاك أية أغذية معلبة فيها أية درجة من درجات الانتفاخ أو التشوهات،
أو في حالة وجود صدأ على العلبة من الداخل أو من الخارج.
10 - يجب عدم تناول اللحوم المصنَّعة إذا حدث فيها أي تغيّر في اللون أو الرائحة،
أو إذا أصبح ملمسها لزجاً.
11 - يُراعى الآتي عند حفظ أنواع الأغذية المختلفة في الثلاجة أو الفريزر:
أ- وضع الخضر والفاكهة في درج الثلاجة قبل الاستهلاك وذلك لوقف نموِّ ما قد يكون
داخلها من يَرَقات الحشرات والتقليل من أضرارها.
ج- عدم تجميد وإذابة اللحوم والدَّواجن والأسماك أكثر من مرَّة، ويفضَّل وضعها في
عبوات نظيفة بعد تجزئتها إلى أجزاء صغيرة مناسبة لعدد أفراد الأسرة بحيث يمكن طهوها
وهي مجمدة مباشرة.
د- تفادي حفظ الأطعمة الطازجة مع الأطعمة المطهوَّة أو السابق إعدادها مع مراعاة
تنظيف وتغطية كل منها على حدة.
هـ- عدم ترك الطعام بعد الطهو لفترة تزيد على الساعتين قبل وضعه في الثلاجة، مع
تجنّب تكرار تسخين الطعام المحفوظ في الثلاجة عدّة مرّات.
12 - يجب عدم استخدام ورق الجرائد في التعامل مع الأغذية بأي حال من الأحوال (التحمير
– التجفيف – التغليف...الخ) وذلك لاحتواء الأحبار على بعض المواد السامة التي تضر
بصحة الإنسان.
13 - يجب عدم تكرار استخدام الأكياس البلاستيك في حفظ الأغذية لأكثر من مرة مع عدم
استخدام الأكياس القاتمة اللون لاحتوائها على مركبات الكربون الضارة بالصحة.
14 - يمنع منعاً باتاً استخدام الأيروسولات في المطابخ أثناء إعداد الطعام أو في أي
وقت حيث إن هذا النوع من مستحضرات المبيدات مؤهل لأن يظل معلقاً في الجو فترات
طويلة، وله القدرة على النفاذ في الأعماق حتى الحيز المغلق منها، وفي النهاية يستقر
على الأطعمة ويلوثها. ويمكن التركيز على مكافحة الذباب من خلال تقييد الإضاءة في
المطابخ والتأكيد على النظافة وعدم ترك متبقيات الطعام التي تعمل على جذب وإعاشة
الحشرات المنزلية الأخرى. ممَّا سبق يتضح أنَّ الحصول على مادة غذائية خالية من
السموم أصبح من الأمور الملحَّة للحفاظ على صحة الإنسان.
ومن الأمور المسلم بها
أنَّه إذا ما اتُّبعت الإرشادات السابقة والمبنيَّة على أُسس علميّة مدروسة، فإنَّه
يمكن تفادي العديد من المخاطر الناتجة عن وجود العديد من مسبِّبات التلوث السامة في
وجباتنا الغذائية، وهذا هو دور الأسرة في المقام الأوّل.