مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أدب الأنبياء: نبي الله إسماعيل عليه السلام



 ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ  (الصافات/102).
هذه الآية المباركة تذكر حواراً دار بين(الأب وابنه) النبي إبراهيم والنبي إسماعيل عليهما السلام والنبي إسماعيل عليه السلام هو الابن الذي جاء بعد دعاء وتضرع من والده إلى الله تعالى ليرزقه ولداً صالحاً وجاءته البشرى  ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ  بعد أن مرّ عليه زمن لم يرزق خلاله بولد.
والآية هذه تذكر رؤيا خليل الله تعالى(*) إذ جاءه الأمر الإلهي بذبح ولده العزيز عليه وفلذة كبده إسماعيل عليه السلام.

وقد أجاب الابن البار بأبيه المطيع لله ليس بالإيجاب فحسب بل بكل أدب النبوة ومراعاة الأبوة {يا أبت افعل ما تؤمر} ويظهر جلياً تواضع النبي أمام والده ورقته للأب الشفوق المطيع لربه.
ومع هذه الصفات والميزات يجتمع الوعي، وعي النبي الذي لم تظهر الآية أنه قد كان نُبّي بعد، ويظهر مدى إدراكه لما تمثله الرسالة من أبعاد إنسانية، والتي قد ينكرها الإنسان السطحي في تفكيره الشخصاني في نظرته إلى الأمور.

وهكذا قال ﴿مَا تُؤْمَرَ أي الأمر أمر إلهي صادر من المشرّع الحكيم الخبير، إذاً فالإذعان والخضوع من غير التفات إلى مصلحة الأنا الدنيوية، فما دام أمر الله فلا تردد ولا خيار فيه ولا تروّي ولا تأجيل بل عزم وتصميم وتنفيذ، إنه الله ربّ العالمين.

ثم يعود فيتجلّى هذا الأدب مع الله تعالى أكثر بعدم قطعه لحالته التي يمكن أن يكون عليها أو أن ينفذ فيها هذا الحكم حال تطبيقه فهو مع يقينه بأنه يمتثل لله تعالى دون تردّد، واطمئنانه لرفق الوالد به وأن في نيته الصبر، إلا أنه أبقى مسألة الصبر على التنفيذ معلّقة بمشيئة الله الذي لا يمكن أن نشاء شيئاً إلا بها.  ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ  فالمشيئة الإلهية تسبق كل مشيئة والإرادة الإلهية تغلب كل إرادة. ثم إنه لم يكن كأصحاب الجنّة- الأرضيّة- الذين حدّث الله عنهم  ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ *  وَلَا يَسْتَثْنُون َ  (القلم/17- 18).
حاشا وكلا، كيف لنبي الله تعالى وان نبيه أن يغفل عن أمر كهذا أو أن يتصرّف بما لا يليق بشأن الله تعالى، فهذا لا ينسجم مع معرفة النبي لربّه وهو يتنافى مع أدب النبي مع مؤدبه. هذا وقد أدّب الله تعالى نبيه الحبيب محمداً صلى الله عليه وآله بكناية عجيبة إذ خاطبه: ﴿إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (الكهف/24).

فإذا كان الله تعالى أدب نبيه وسائر أنبيائه عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام فهو بطريق أولى يؤدب عباده عامة وأمة نبيه (عليه وآله السلام) خاصة.
فكيف نتأدب مع الله تعالى في امتثال أوامره وتنفيذ تشريعه الذي لا يحمل سوى مصالح الإنسانية؟ وكيف يمكن أن نصل إلى الخلافة الإلهية على الأرض؟ ﴿رب السماوات والأرض فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً.

(*) رؤيا النبي نوع من أنواع الوحي إليه.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع