مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

المسلمون في العالم‏: المسلمون في تركيا

شهدت تركيا تاريخاً عريقاً للحضارة الإسلامية، امتدّ نحو خمسة قرون على أرض بلغت أكثر من عشرين مليون كلم مربع وضمت حوالي 95% من الدول العربية، لم يبقَ منها اليوم إلاّ بلد علماني حاقد على الإسلامي والمسلمين. بدأ مسيرته الحاقدة مصطفى كمال أتاتورك حين أعلن عام 1923 تركيا دولة علمانية.

* الموقع
تشترك تركيا بحدودها مع خمس دول. يحدّها الاتحاد السوفياتي من الشمال الشرقي، ومن الشرق إيران، من الجنوب الشرقي العراق الذي تشترك معه بمياه نهر دجلة، ويحدها من الجنوب سوريا. وتقع تركيا بين البحر الأسود الذي يمتد على طول شاطئها الشمالي، وبين البحر المتوسط الذي يحيط بها من الغرب والجنوب الغربي. كذلك تشترك تركيا بحدود مع بلغاريا في أقصى المشال الغربي، حيث تمتد مدينة استنبول عابرة مضيق البوسفور لتحتل موقعاً لها على طرف القارة الأوروبية.
مساحة تركيا تبلغ نحو 780576 كلم2، ويزيد سكانها عن خمسين مليون نسمة، يشكل المسلمون حوالي 95% منهم. ويوجد عدد من الأقليات كالنصارى والأرمن واليهود.

* الهجوم العلماني
رغم كثرة المسلمين في تركيا إلاّ أنهم يعاملون من الناحية الدينية كالأقليات. فمنذ أأن أعلنت العلمانية في تركيا إثر انقلاب أتاتورك على السلطة عام 1923، واتخاذه قراراً بإلغاء الخلافة الإسلامية عام 1924، اضطهد المسلمون اضطهاداً بالغاً وجوبهت مختلف المظاهر الإسلامية. ففي عام 1925 أخرج أتاتورك جميع الطرق الصوفية من البلاد وقرر تحويل مسجد "أيا صوفيا" إلى متحف، وغيّر التقويم الهجري إلى التقويم الغريغوري الغربي، واستبدل إجازة يوم الجمعة بيوم الأحد، واستبدل الشريعة الإسلامية بالقانون السويسري. وأقام المشانق في الساحات العامة وطارد العلماء والمتدينين. هذا وأمر أيضاً بترجمة "الآذان" إلى اللاتينية ومنع قراءة القرآن بالعربية وأغلق المدارس الإسلامية واعتبر الدين جريمة يعاقب عليها القانون.
ولا زالت تركيا حتى اليوم تسير على هذا النهج مقدمة بذلك أكبر خدمة للاستكبار العالمي. فالمسلمون يعانون في تركيا اليوم من عمليات اضطهاد واسعة النطاق، لا ينحصر وصفها بأعمال دهم المساجد واعتقال العلماء والتضييق الفكري وتشويه الحضارة الإسلامية ومنع الحجاب في المدارس والجامعات. فتركيا لا تسمح لأي تيار غير علماني أن يدخل العمل السياسي أو حتى الظهور كتيار معارض ولو بشكل سلمي. والإسلام في تركيا ما زال تبعاً للقوانين محظوراً من التداول، إلاّ من خلال اتجاهات حدّدتها الحكومة وذلك عبر الأئمة والخطباء في المساجد، وأية دعوة خارج هذا الإطار تعتبر مخالفة يعاقب عليها القانون.

* المسلمون في تركيا

تتجاوز مدارس حفظ القرآن في تركيا الألف مدرسة. وهناك أيضاً أكثر من 350 مدرسة تقوم بإعداد الخطباء وأئمة المساجد. إلاّ أن النشاط الإسلامي في المساجد لا زال ضئيلاً حيث يقتصر في أغلب الأحيان على بعض الدروس التي قلّما تلبّي حاجة الشباب من الوعي الإيماني، وهي مع بساطتها تعتبر مصدر خطر بالنسبة للدولة.
أمّا بالنسبة لوضع المسلمين الاجتماعي فهم يشكلون الآن قوة تأخذها الدولة بعير الاعتبار، خاصة وأنهم استطاعوا في الآونة الأخيرة الحصول على حرية النشاط الثقافي، وأصبحوا يصدرون العديد من المطبوعات ذات الطابع الإسلامي.

* منع الحجاب الإسلامي
اعتبر ديوان العدالة الإداري التركي عام 1981 أن الحجاب الإسلامي للنساء في تركيا هو بمثابة معارضة لمبادئ‏ الجمهورية. هذا المرسوم أيّد القرار الذي أصدره الرئيس كنعان إفرين عام 1986، والذي قضى بمنع ارتداء أي نوع من أنواع الحجاب التقليدي أو العصري داخل الجامعات التركية، إلاّ أن هذا القرار ووجه بحملات شديدة من قبل مجموعات المحجبات اللواتي عبّرن عن استيائهن من خلال مسيرات الاحتجاج التي جابت مدن تركيا، إضافة إلى الحملة الطلابية التي قامت بتعبئة الرأي العام، وقد اتسعت حملة المعارضة لتشمل أغلب الهيئات النسائية التركية، حتى تلك التي لا تلتزم بالإسلام التزاماً كافياً. وفي عام 1987 ألغت الحكومة التركية قار منع الحجاب في الجامعات والكليات والمعاهد التركية.

قرار الإلغاء هذا ما كان ليتم لولا خوف النظام التركي من القوة المتنامية للتيار الإسلامي الذي أخذ ينتشر في كل القطاعات والفئات الاجتماعية، وتركيا لا تريد أن تظهر كدولة تعيش صراعاً مكشوفاً مع الحركة الإسلامية. إلاّ أن قرار الإلغاء هذا لم يمنع أن تشهد تركيا عام 1991 محاولات جديدة لمنع الحجاب جابهتها المحاكم التركية. مما عزز قوة وثبات التيار الإسلامي فيها.

* الصحوة الإسلامية

إن تنامي القوة الإسلامية في تركيا، والذي عززه انتصار الثورة الإسلامية في إيران وإحباطها لكل المؤامرات التي حيكت ضدها، لا يزال في تزايد مستمر، إذ نجد ازدياداً في عدد روّاد المساجد التي عاد إليها نشاطها. يضاف إلى ذلك الظهور الديني الذي برز في الجامعات من خلال ازدياد نسبة المحجبات، إضافة إلى إقامة المصليات للطلبة. هذا ويسجل في مجال المطبوعات الإسلامية نشاطٌ ملحوظ، حيث تجاوزت نسبة الكتب الإسلامية 10% من مجموع المطبوعات مقارنة مع نسبة 1,75% في عام 1934، وتحظى هذه المنشورات بإقبال شديد لم تشهد تركيا من قبل، مما يدل على بعض الإنفراجات.

المسلمون في تركيا يحملون إرثاً ثقيلاً عمره خمسة قرون عملت السلطات العلمانية على تشويهه ومسخه وإبرازه بصورة سليبة أمام النشىء التركي، وأمام هذا تقف القوى الإسلامية اليوم، الغير مسموح لها القيام بأي عمل سياسي، في محاولة لإعادة التواصل مع الإسلام وإظهاره بصورته الحقيقية كنظرية وتطبيق، مواجهة في ذلك اليمين التركي ويساره.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع