مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

عجائب خلق الله: الباراشوت


* فكرة نباتية
إذا فتشنا وبحثنا في ملفات الكائنات التي هداها خالقها سبحانه وتعالى فإننا بالتأكيد سوف نجد تصميمات بديعة من ذلك النوع الذي يعتز به بنو البشر وينسبون وجوده إليهم.
كثيراً ما نقرأ ونسمع في وسائل الإعلام المختلفة أو نشاهد مبارياتٍ للقفز بالمظلات من ارتفاعاتٍ شاهقة حيث يتبارى الكثيرون من هواة ومحترفي هذه الرياضة. وتقوم الدول والحكومات بالعناية والاهتمام بالقافزين والثناء على جهودهم لأنَّ هذا الاختراع العظيم (المظلة أو الباراشوت) قد أسهم كثيراً في وقاية المسافرين بالطائرة، فهو يؤمّن لهم هبوطاً وسلامة مضمونين إذا ما تعرّضت طائراتهم لخللٍ ما.
لكن ما من فكرة يفخر بها بنو البشر إلا ولها مثيلاتها عند النباتات حتى ليمكننا القول بأنَّ الطبيعة هي أم الاختراع لأنه إذا فتشنا وبحثنا في ملفات الكائنات التي هداها خالقها سبحانه وتعالى فإننا سوف نجد تصميمات بديعة من ذلك النوع الذي يعتز به بنو البشر وينسبون وجوده إليهم.

ومن تلك الأفكار والتصميمات "الباراشوت" التي ألهم الله سبحانه وتعالى لعددٍ من النباتات والحيوانات باستخدامها كوسيلة للحفاظ على النوع أو للنجاة من خطرٍ ما أو للانتقال أو لغير ذلك من الضروريات.
والإنسان مخطئ حين يظن أنه أول من ابتكر فكرة المظلة الهوائية أو "الباراشوت" ليركب بها متن الهواء لأن "ابتكاره" هذا كان محدداً بزمان وبمكان. ثم إنه لا يخلو من أخطار كما أن أهدافه من ذلك الابتكار محدودة وبعضها يحمل في طياته أفكاراً عدوانية وحربية كالنزول خلف خطوط الأعداء بقصد القتل والتدمير كما أنه لا يستطيع أن يوجّه نفسه فيرتفع أو يهبط كما يريد بل إنه يترك نفسه بباراشوته تحت رحمة الأقدار مما يؤكد قصور تلك الفكرة عنده. فكيف هي عند النباتات؟

لقد ظهرت النباتات قبل أن يظهر الإنسان على كوكب الأرض بملايين السنين ثم إن الفكرة المتقنة تؤدي دائماً إلى التطبيق المتقن. وليس أدل على ذلك من الانتشار الواسع لبعض النباتات عبر الزمان والمكان. وإذا أردنا أن نعطي مثالاً عن تلك النباتات الباراشوتية يمكننا أن نذكر ما نسميه عندنا "سارق الكشك" والهندباء البرية وغيرهما من الأنواع.. وفكرة الباراشوت النباتي جاءت أساساً لتركب بها البذور حاملة الذّرية النباتية، عابرة الصحارى، متخطية الأنهار والبحار، مهاجرة من أرض الآباء والأجداد حتى إذا ما وجدت بيئةً مناسبة سقطت فيها وعلقت حبال مظلتها في التراب الرطب أو في الوحل حتى إذا جاءت الشمس وزودتها بالحرارة اللازمة أنتجت نباتاً أخضر زاهياً فتسكن هناك وتعمّر مناطق جديدة.
وتصميم الباراشوت النباتي متشابه في مختلف الأنواع وفيه تنتج الزهرة الواحدة مئات البذور الصغيرة الحجم والخفيفة الوزن وهذا يعني أن النبات الواحد قد يعطي آلاف البذور المتكونة على عدة زهور. فتعال أيها القارئ العزيز لنلقي نظرة عن قرب على تلك الزهور!

إننا نرى أن كل بذرة متصلة بمحور تنبثق في نهايته مجموعة من الشعيرات الرقيقة التي تشبه الزغب، وعلى محاور الشعيرات زغب أدق وأدق بحيث يبدو شكل التكوين النهائي كمظلة هوائية. وبعد أن تنضج البذور تنفرد مظلاتها لتبدأ مرحلة الانطلاق بعد اختيار ظروف جوية مناسبة لذلك. إذ يقوم النبات بالتأكد من درجة الحرارة واتجاه التيارات الهوائية ونسبة الرطوبة فيختار وقت الظهيرة أو بعدها بساعة تقريباً لأن التيارات الهوائية تكون في أوجها في هذه الفترة، كما أن الحرارة والجفاف المطلوبين لا يتوفران إلا فيها.

وفي الوقت المحدد وبمساعدةٍ من نسمة هواء تنطلق المظلات حاملة بذورها وترتفع في تيارات الهواء الصاعدة كأنما هناك سرب من الفراشات الزاهية الألوان أو القطن أو الريش. ثم تتوزع وتهاجر مع الرياح لتحط على بعد عشرات أو مئات وربما آلاف الكيلومترات من موطنها الذي غادرته، في أرض رطبة صالحة لزنبات. وبهذا تكون قد توزعت وانتشرت في مواطن جديدة. وهذه العملية تعود وتتكرر كل سنة.
إنها أسرار رائعة أودعها البارئ القدير في بعض مخلوقات الطبيعة فباحت بها لمن سعى إليها لكي يعلم ما لم يكن يعلم وما أكثر ما لا يعلم ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً .
 

أضيف في: | عدد المشاهدات: