مع الإمام الخامنئي | احفظوا أثر الشهداء* لماذا غاب الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حتّى الآن؟ فقه الولي | من أحكام الإرث (1) آداب وسنن | تودّدوا إلى المساكين مفاتيح الحياة | أفضل الصدقة: سقاية الماء* على طريق القدس | مجاهدون مُقَرَّبُونَ احذر عدوك | هجمات إلكترونيّة... دون نقرة (1) (Zero Click) الشهيد السيّد رئيسي: أرعبتم الصهاينة* تاريخ الشيعة | عاشوراء في بعلبك: من السرّيّة إلى العلنيّة الشهيد على طريق القدس المُربّي خضر سليم عبود

أول الكلام: مِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ


السيد علي عباس الموسوي


تتدرج حياة الإنسان من صغره بمراحل، وفي كلّ مرحلة تزداد درجات الاستعداد عنده، فقابليّاته وإمكاناته تصبح أشدّ وأقوى.

وتتدرّج عمليّة التربية لهذا الإنسان بتدرّج هذه المراحل، فالطفل الذي لم يكن يهتدي لشيء، عطّف الله عزّ وجلّ عليه قلوب الأمّهات الرواحم حتّى ينمو. وفي نموّه يبدأ بالاعتماد على نفسه آناً فآناً. ويبدأ الأهل بتحميل الطفل المسؤوليّة عندما تبدأ عملية الإدراك بنشاطها وفعاليّتها، فيؤمر ويُنهى ويحذَّر ويبشِّر. ويشهد الأهل استجابة الطفل لهم في خطواتهم تلك.
والتشريع الإسلاميّ أيضاً راعى ذلك في حقّ المخلوق الإنسانيّ، فكان التدريج في الأمر والنهي، فحثّ الأهل على تمرين الأولاد على الصلاة والعبادات، مؤكداً على ضرورة أن تُغرس نبتة المسؤوليّة في نفوسهم، في أوان طفولتهم.

وكان التأكيد على العبادات لأجل ربط هذا الإنسان تربويّاً بعالم الغيب. فالإنسان لا يتلمّس الغيب مباشرة وإنّما يشعر به في مجريات حياته ومن خلال التربية عليه.
والمسؤوليّات الملقاة على عاتق هذا الإنسان تتحدّد بقدرات هذا الإنسان، والانطلاق من عنصر ثابت في الشريعة الإسلاميّة ينصّ على أنّ الله عزّ وجلّ لا يكلّف نفساً إلّا وُسعها.

ولكنّ الناس تختلف في أداء هذه المسؤوليات، إذ يصنّفهم القرآن الكريم إلى ثلاثة أصناف:

صنف يصفه القرآن الكريم بأنّه ظالم لنفسه. وبلاغة التعبير القرآنيّ في هذا الوصف بأنّه يُرجع تلك العقوبات المترتّبة على التخلّف عن أداء الواجب والتكليف إلى هذا العاصي والمتخلّف نفسه. فالظلم لم يصله من غيره، بل مصدر الظلم هو نفسه التي قادته -على الرغم مما لديه من إمكانات- إلى التخلّف وعدم تحمّل المسؤوليّة.

وصنف يصفه القرآن الكريم بأنّه مقتصد، وهو الذي سعى لأداء المسؤوليّة الملقاة عليه، وتمكّن من إنجاز ذلك إلى حدّ كبير، ولكنّه أخطأ وأخفق أحياناً، وكُتب له التوفيق في الكثير من الأحيان.

وصنف أخير تصفه لغة القرآن الكريم بأنّه سابق بالخيرات، فهو مَن قام بأداء مسؤوليّاته على الوجه الأتمّ. وهو سابق قياساً إلى الصنفين الأوّل والثاني. والسبق فيه إلى الخيرات بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من سعة. لكن هذا القسم أيضاً لا بدّ من الالتفات إلى أنّه أيضاً في نجاحه هذا يرتبط بالإرادة الإلهيّة، فبإذن الله عزّ وجلّ كُتب له التوفيق. ولذا هذا الصنف يرى أن كلّ ما يقوم به وينجزه مرتبط بالله عزّ وجلّ وما أعطاه الله إياه ولا يرى لنفسه من فضل.

هؤلاء الجماعة هم ورَثة الأرض، أي إنّهم خلفاء الله عزّ وجلّ في هذه الأرض، ولأجلهم كان خَلق هذا الكون؛ لأنّهم كانوا محلاً للمسؤوليّة.

وبهذا الوضوح التام، وضمن مفردات بسيطة وواضحة، يضع القرآن الكريم الإنسان أمام هذا الخيار الإلهيّ، ويطلب منه أن يسعى في هذا المجال، وأن يبذُل جهده في مدّة عمره المحدودة، ليكون من السابقين بالفوز الأبديّ. قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (فاطر: 32).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع