حوار: مودّة اسكندر
يُعتبر المجدّد الأبرز في تاريخ الإنشاد والرثاء في البحرين. أسّس أسلوباً في العزاء الحسينيّ، في مطلع عام 1992م، وعُرف بمدرسة تعدّد الألحان والإيقاعات، التي اشتهرت في البحرين وعُرفت بـ"المدرسة البحرانية".
هو الشيخ حسين أحمد علي الأكرف، الرادود والمنشد الإسلاميّ الذي نُشر له العديد من الإصدارات التي لاقت رواجاً وأحبّتها الناس.
درس الشيخ حسين الأكرف في البحرين، ثمّ ذهب إلى النجف في العراق عام 1989م، لدراسة العلوم الدينية في الحوزة العلمية، ثمّ عاد إلى بلاده ثمّ غادرها لمواصلة الدراسة الدينية في منطقة قم في إيران. وفي عام 1995م عاد إلى بلاده واعتُقل 4 سنوات أثناء الحراك البحرينيّ.
عُيّن رئيساً للرابطة الحسينية للشعراء والرواديد في البحرين لدورتها الأولى والثانية، وشغل مناصب أخرى في مجال التوعية الإسلاميّة.
*كيف أثّرت البيئة التي نشأ فيها الشيخ حسين الأكرف على بناء شخصيّته ومسيرته؟
بسم الله الرحمن الرحيم وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.
قبل كلّ شيء أتقدّم منكم ومن كلّ القائمين على مجلّة "بقيّة الله" بالشكر الجزيل على هذه العناية والتفضّل.
المجتمع البحرينيّ يتميّز بالتمسّك بالدين وعشْق أهل البيت عليهم السلام، ويشكّل فيه المسجد والحسينيّة حاضنة تربوية وثقافية وعقائدية لأبناء المجتمع. وكان لهذا أثره البالغ ووقْعه المؤثر في عقل ووجدان الناشئة من الأطفال والشباب بشكل عامّ، وعليَّ بشكل خاصّ.
كما كان للبيئة المحيطة من الأُسرة والجيران والأصدقاء لمسات واضحة في انجذابي وتعلّقي بخدمة الإمام الحسين عليه السلام، وخاصّة والدي الرادود والشاعر الحاج أحمد الأكرف.
*متى بدأت مسيرتك في خدمة المنبر الحسينيّ؟
بدأتُ مسيرتي بشكل عفويّ وغير منتظم مبكراً، في مطلع الثمانينات. وانتظمت بشكل رسمي عام 1985م تقريباً، حيث كانت المشاركة الأولى في الموكب الحسيني ليلة الأربعين من العام نفسه.
*هل تعلّمت على يد أحد الرواديد؟ وهل تقتدي بأحدهم؟
في الحقيقة لم أتلقّ التعليم بمعناه الواقعيّ المباشر، بل متابعتي وشغفي بالإنشاد الحسينيّ والدينيّ هما اللذان صقلا موهبتي، وراكَما خبراتي من خلال استماعي واطّلاعي على مشاركات والدي والرواديد في قريتي، والمناطق المجاورة في البحرين.
*هل من تغيّرات شهدها المنبر الحسينيّ في الدّور والأهداف منذ نشأته؟
الدّور والهدف الأساس الذي قام لأجله المنبر الحسينيّ هو خدمة وإحياء أهداف الثورة الحسينية عبر البناء العقائديّ، والعاطفيّ، والثقافيّ والروحيّ للأمّة. وبالطبع، فإنّ حكام الجور بذلوا الكثير من مختلف الأساليب، ترغيباً وترهيباً، لإيقاف وتحريف مسار المنبر الحسينيّ. وقد يتعطّل المنبر تماماً في العلن ويكون شعيرة تمارس في السرّ كما حدث أبان الحكم الجائر في العراق.
ولكن اليوم نشهد عودة للدور الأساس والأهداف الكبرى للمنبر الحسينيّ.
*ما مدى أهميّة أن يكون الخطيب أو الرادود من بيئة الحوزة العلمية وطالب علمها؟
من الواضح أنّ ثمة علاقة وثيقة بين من يخوض غمار توجيه الأمّة في الأبعاد العقائديّة والعاطفيّة والثقافيّة والروحيّة وبين المؤسسة الدينيّة والبيئة العلميّة المعرفيّة، فالفقه والعقائد والأخلاق والتاريخ واللغة والأدب كلّها علوم يجب أن يأخذ منها الرادود الحسينيّ حاجته حتّى يقدّم للأمة الأصيل والنقيّ والسليم من هذه القضايا.
*في ظلّ كثرة الروايات المغلوطة من السيرة الحسينيّة المباركة، خاصّة مع انتشار وسائل التواصل الحديثة، ما هو موقف المؤسّسة الدينيّة من هذه الروايات؟ وما دور الخطيب والرادود الحسينيّ؟
لم توفّر المؤسسة الدينيّة جهداً بكافّة الوسائل في الحثّ على التزام الضوابط العلميّة في اعتماد روايات التاريخ والمسائل الاعتقاديّة والأحكام الشرعية. أمّا أكثر ما أضرّ بالمنبر الحسينيّ فهو اعتماد المرسلات والأقاصيص والرؤى والأحلام، لترتيب الآثار العمليّة والثقافيّة وحتى العقائديّة؛ وذلك يعود إلى تغليب معيار إجادة النعي والرثاء في خطباء المنبر على حساب المستوى المعرفيّ والبصيرة الفكرية والأمانة العلمية. فالمنبر الحسينيّ هو معين للوعي والعلم والهدى والتعبئة والبناء على كافة الأصعدة وفي مختلف المجالات التي تفتقر إليها الأمة في النهوض والرقيّ والصلاح.
*ما هي المؤهّلات الواجب وجودها في الرادود الحسيني؟
بعد أن بيّنا ضرورة توفّر الجوانب العلميّة والمعرفيّة في الرادود الحسيني فإنّه بطبيعة الحال لا بدّ أن يكون مهتماً بالجوانب الروحيّة والفنيّة المساعِدة في تقديم الأليق بالمنبر الحسيني.
*ما هي الخطوط العامّة لتوجيه الشعائر الحسينيّة؟
يجب أن تتّجه الشعائر الحسينيّة إلى مساراتٍ ثلاثة حتّى لا يصيب خلل ما الممارسة والتطبيق وتُفرّغ الشعائر من مضمونها ويضعف أثرها:
الأول: تكريس محبّة أهل البيت ومودّتهم في القلوب.
الثاني: تقديم صورة واضحة عن أصل قضية عاشوراء للناس وتبيانها لهم و"لماذا نبكي الحسين؟".
الثالث: تكريس المعرفة الدينيّة والإيمان الدينيّ اللذين يحافظان على العقيدة الصافية النقيّة.
*إلى أيّ مدى مهمّ أن يتحلّى خادم المنبر الحسيني بالمؤهّلات الرسالية؟ وما الفارق بين الخطيب الناجح والخطيب النافع؟ وأيهما أهمّ برأيك؟
يعتبر المنبر الحسينيّ ميداناً رسالياً. وبسبب التأثير العاطفيّ للمنبر الحسيني تسهُل عملية التوجيه والتثقيف والتربية، حيث قيل: افتح قلب الإنسان ينفتح لك عقله.
تكمن خطورة هذا الميدان في أنّ ارتقاءه يحتاج إلى مؤهّلات علميّة وثقافيّة وروحيّة جيّدة نحافظ من خلالها على سلامة وعي الناس وعقيدتهم وروحيّتهم.
أمّا فيما يتعلّق بالشقّ الثاني من السؤال: فإنّه لا يصحّ التفكيك بين مفهومي الناجح والنافع في الخطيب الحسيني، فإنّ جوهر المشكلة ومكمن الخطر هو في عملية التفكيك هذه، فإنّ الخطيب الناجح في المفهوم الإيمانيّ هو المبلّغ الأمين علمياً، السليم العقيدة والنقي أخلاقياً والنافع عطاءً والمؤثّر أسلوباً والشجيّ صوتاً، هذه العناصر هي أجزاء أصيلة في ذلك المُركَّب الذي نسميه خطيب المنبر الحسينيّ.
*المنبر الحسينيّ يخاطب شرائح متنوعة من المجتمع، ويُعقد في ظروف مكانيّة وزمانيّة واجتماعيّة مختلفة، فكيف يوفِّق خادم المنبر بين هذه الظروف مجتمعة؟
إنّ لذلك عناصرَ:
أولاً: أن يحيط خادم المنبر بالعادات والتقاليد في المكان الذي يخدم فيه بحيث يقدّم اللائق والمُناسب.
ثانياً: أن يلمّ بأهمّ حاجات المجتمع الذي يخدم فيه وقضاياه، بحيث يركّز على مواضع الحاجة ويمسّ القضايا ذات الاهتمام.
ثالثاً: أن يتخيّر الأسلوب واللغة الوسطيين فنيّاً وأدبيّاً، حتّى يسهل التلقّي عند كافة الناس.
*للشعائر الحسينية دور في التعبير عن الارتباط العاطفيّ بالأحداث التاريخيّة الإسلاميّة، فضلاً عن إذكاء جذوة الثورة. برأيك، هل ممكن الحديث عن دور أهمّ من الآخر؟
أعتقد أنّ بين التحريك العاطفي "العَبرة" والإذكاء الثوري "العِبرة" نوعُ سببيّة وعلّيّة، فإنّ أول انفعال يترتّب على عمليّة كشف الظليمة والجريمة البشعة في كربلاء للمستمعين والمشاهدين والقارئين والتي لم يحصل مثلها في التاريخ الماضي والحاضر هو الانفعال العاطفيّ، ثمّ عندما يتمكّن هذا الانفعال والتفاعل من الإنسان تجاه "المقدّس" وهو المعصومعليه السلام يبدأ الفعل المترتّب عليه وهو الثورة الغاضبة والناقمة على الظلم والجور والفساد في الأرض.
وكلّما كان التفاعل العاطفيّ أشدّ كلّما كان الفعل أبلغ وأكثر ثباتاً وديمومة، لهذا كان للدّمعة في الحسين عليه السلام ذلك الأجر العظيم في روايات أهل البيت عليهم السلام، فإنّ الدمعة شرارة الانطلاق نحو بناء الواقع وتطهير الأرض من القوى الشيطانيّة فضلاً عن تطهيرها للذّات وغسلها للشوائب العالقة بالفكر وتثبيتها للعقيدة.
*أيّ طرق إحياء الشعائر الحسينية أقرب إليك؟ وأين تجد نفسك في خدمة المنبر الحسينيّ؟
كلّ ما ثبت أنّه من الشعائر الحسينية هو قريب لي وموضع اهتمامي قدر استطاعتي. وأسأل الله تعالى أن يوفّقني لخدمة كلّ شعائر الحسين وأهل البيت عليهم السلام.
أمّا أقرب الأعمال إلى نفسي فهي تلك التي أجد لها أثراً في قلوب الناس وحضوراً إيجابياً في حياتهم، وأَحَبُّها هي تلك التي يرددها المقاومون وأهل الثغور وبالأخص الحرّاس للعقيدة والصائنون لمقدّسات أهل البيت عليهم السلام بأرواحهم النفيسة ودمائهم الزكيّة؛ ذلك أنني أحاول جاهداً أن تمسّ أعمالي وعي الناس فتحرّكهم باتّجاه الهموم الكبرى والقضايا المهمّة وأن تمسّ أرواحهم فتنمّي فيهم جَذوة العِشق والولاية لأهل البيت عليهم السلام.
البحرين
أحمد الحرز
2016-11-01 14:28:37
أحسنتم شيخنا الفاضل وأدام بقائك ولاغيب الله صوتك الرائع و الشجي واعادكم إلينا سالمين ومرفوعين الرأس بحق محمد وآل محمد ...
ص.ب.157 ر . م: 100
حوراء أمين داود سالمين
2016-11-12 04:30:16
بصراحه هذه أول مره أتطلع فيه على هذه المجلة ومن رؤيتي وقرائتي السطحية للعنوايين جذبتني..فتدمتم موفقين