"... عاهدت الله عزّ وجل أن أحمل مسؤولية تربية أولادي بأمانة.. ومن هنا كانت المشكلة.
أنا أم لطفلين الأول عمره 7 سنوات والثاني 3 سنوات المشكلة الحقيقة بدأت مع تربية ابني الأكبر وتعليمه مفاهيم الإسلام الصحيح ومحاولتي زرع شخصية الإمام الحسين عليه السلام في قلبه وعقله وممارساته.
فقد بدأ صراعي مع زوجي الذي لا يعني له الإسلام إلاّ صلاة وصوم فقط، وأصبح يتهمني بزرع الأفكار الهدّامة في نفوس ولديّ والتي تؤدّي هم إلى الهلكة.
فهل من حقّي أن أصرخ في وجه العالم بأسره وأقول بصوت الحوراء زينب عليها السلام أنّ الإسلام يأمرني بهذا النهج؟ أم أقف موقع المتفرج على هذه الدنيا الغرور لأرى أولادي كشباب هذا الزمن؟
بالله عليكم، ساعدوني في إيجاد السبيل الأفضل لأنّي تعبت من عملية المدّ والجزر مع زوجي في محاولة إقناعه بهذا الخط. لأنّي أحلم بل أصرّ بأن أخرج من بيت أمثال "أبي ياسر" بإذن الله وأنا مؤمنة بأنّ الطفل الواعي الذي يتمتّع بشخصية وروحية الإمام الحسين عليه السلام هو عماد المستقبل...
ش.ح.
الحل
المشكلة تدور بين نهجين في التربية، وتتعقد أكثر لأنّ صاحب الولاية على الأطفال لا يهتم بالتربية الإسلامية بل يراها حسب قوم الأم هدّامة وتؤدّي إلى الهلاك.
وقبل بيان الموقف الشرعي الحاسم يطرح الإسلام صيغة للتفاهم على قاعدة ﴿وجادلهم بالتي هي أحسن﴾ مع التأكيد على ضرورة أن تجري هذه العملية بكامل شروطها وأبعادها. وهذا يتطلب رعاية الآداب الإسلامية في التعامل مع من يخالفنا في الفكر والأسلوب. إذا كنّا نريد إقناع الآخرين وخاصّة أولئك الذين لهم نوع من الولاية علينا يجب أن لا يكون نقاشنا بطريقة تكسرهم أو تشعرهم بضرورة التمسّك بآرائهم حتّى يحفظوا البقية الباقية من ماء الوجه وفي هذه القضية يجب على الزوجة أن تهتمّ بكافة حقوق الزوج الأخرى ومنها إطاعته فيما يجب وعدم أذيته ﴿ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾ فلا يكون موقف الزوج مبرراً لها للإعراض عنه وعدم برّه وإطاعته.
إذا تأملنا جيداً في هذا المنهج نكتشف آثاراً بالغة. لأنّ الزوج عندما يرى زوجته توقره وتحترمه سوف يشعر بأهميتها ودورها وينظر إلى أسلوبها في التعامل على أنّه الأقوى وهذا ما يجعله يفكر في إعطائها الدور الأكبر في التربية. عندما يرى زوجته تنطلق من عمق التعاليم الإسلامية ويلامس آثاراً مباشرة على نفسه سوف يزداد إيماناً بقوّة الإسلام وحيويته.
والحالة الأخرى إذا كان الزوج ممن لا ينفع معه التعامل الجيد لا سمح الله هنا تستطيع الزوجة أن تستخدم أسلوب التورية وإخفاء الأهداف والشعارات قدر الإمكان. فتغرس في أعماق طفليها شجيرات الخير والتوجه إلى الفضيلة وحب الله ورسله. وبما أنّ الحق إذا جاء يبطل الباطل والباطل هنا ضعيف بل يكاد لا يبين، فإنّ النصر الحتمي سوف يكون للحق وجنوده.
ليس بالضرورة أن تعلم الأم أطفالها تلك الأمور التي تغيظ الأب أو تدفعه إلى ظنون كالتي ذكرنا. فالأب غاية الأمر لا يريد من أبنائه إلاّ أن يكونوا مميزين وكاملين وهذا لا نشك فيه.
الحالة الأخرى إذا كان الأب متعمداً إضلال أبنائه وصرفهم عن جادة الحق والإيمان فهنا على قاعدة ﴿لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق﴾ تسقط ولايته. ويجب أن يمنع من التصرف والتربية الفاسدة، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى إذن شرعي أو إلى تحاكم.
في الختام نقول للأم المجاهدة أن التأمل في حاجات الأب وميوله ومشاعره يساعدك كثيراً على إقناعه بما هو حق دون الدخول في صراع أو صدام.