الشيخ علي حجازي
قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (الحج: 32).
الشعائر جمع شعيرة وهي العلامة، وشعائر الله الأعلام والعلامات التي نصبها الله تعالى لطاعته.
1 - أعظم الشعائر:
إنّ من أعظم شعائر الله سبحانه أموراً، ينبغي التجاهر فيها، منها:
أ- الصلاة: يجب على كلّ مكلّف أن يؤدّي الصلوات الواجبة عليه، وإن ترك بعضها (بعذر أو غيره) يجب عليه قضاؤها، ولا يجوز له التهاون والإهمال في قضائها. والتهاون عكس تعظيم الشعائر.
ب- الصوم: يجب على كلّ مكلّف أن يؤدّي صيام شهر رمضان المبارك، وإن ترك صيام بعض الشهر، فيجب عليه القضاء، ولا يجوز له التهاون والإهمال.
وكذا يجب تأدية الكفّارات التي تلزم في بعض الصور.
ج- الحجّ: يجب على كلّ مكلّف مستطيع أن يحجّ مرّة واحدة، ولا يجوز التهاون والإهمال. ومن استطاع ولم يحجّ بدون عذر، وجب عليه السعي للحجّ، ومناسك الحجّ من الشعائر العظام.
د- الصدقات الواجبة: من خُمسٍ وزكاةِ مالٍ وزكاةِ فطرة، فيجب أداؤها على من وُجبت عليه، ولا يجوز التخلّف عن دفعها في مواردها المقرّرة في الشريعة الإسلاميّة المقدّسة، دون عذر. ومن لم يدفعها يجب عليه المبادرة إلى دفعها لأصحابها وأهلها.
هـ- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهما من الشعائر العظيمة، ويجب القيام بهما بشروطهما، ولا يجوز التهاون فيهما ولا إهمالهما.
2 - الأذان والإقامة:
إنّ الأذان والإقامة وإن كانا من المستحبّات، إلّا أنّهما من الشعائر التي يتأكّد المحافظة عليها والتجاهر بها. مع إضافة الشهادة الثالثة التي هي شعيرة تعظيم ولاية ومقام أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، على أن لا ندخلها في نيّة الجزئيّة للأذان والإقامة.
3 - المساجد:
يستحب مؤكدّاً تعظيم المساجد؛ فإنّها من شعائر الله، فلا يجوز دخول الجُنب والحائض والنفساء إليها إلّا مروراً، ولا وضع شيء فيها، ولا تنجيسها، فإذا تنجّست يجب المبادرة إلى تطهيرها، وهذا يمثّل حركة تعظيمها.
وينبغي السعي لترغيب المصلّين ليتردّدوا إليها؛ حتّى لا تصير خراباً. وللمسجد الحرام في مكّة والمسجد النبويّ في المدينة المنوّرة تعظيم أكبر؛ ولذا لا يجوز للجُنب والحائض والنفساء حتى المرور فيهما.
نعم الأحوط وجوباً عدم تزيين المسجد بالذهب، وكذلك وضع رسوم ذوات الأرواح فيه من الإنسان والحيوان. ويكره وضع رسوم غير ذوات الأرواح كالورد والشجر، وكلّ ذلك تعظيم لها.
ولا يجوز إقامة الأعراس في المسجد؛ فإنها مخالفة لمكانة المسجد إسلاميّاً.
4 - مجالس العزاء:
أ- إقامة مراسم العزاء في عاشوراء وفي سائر أوقاتها المناسبة من أفضل الأعمال، ومن المستحبّات المؤكّدة. ولكن يجب الاجتناب عن إيذاء ومزاحمة الجيران بحسب المقدور، ولو بخفض صوت المكبّرات وتغيير اتّجاهها إلى داخل الحسينيّة.
ب- إنّ انطلاق مواكب العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام وأصحابه، والمشاركة في أمثال هذه المراسم الدينيّة أمرٌ حسنٌ ومطلوب، بل من أعظم القربات إلى الله تعالى. ولكن يجب الحذر من أيّ عمل يسبّب إيذاء الآخرين.
ج- لا يجوز القيام بأعمال توجب توهين المذهب الحقّ.
5 - الحجاب:
من الشعائر حجاب المرأة أمام الرجال الأجانب من غير المحارم، فيجب على المرأة الستر الشرعيّ الكامل أمام الأجانب، ولا يجوز لها الهجرة إلى بلاد لا تستطيع ارتداء الستر الشرعيّ الكامل فيها.
6 - المشاهد المشرّفة:
إنّ تعمير وتحسين المشاهد المشرّفة بقصد تعظيم الشعائر من الأمور العظيمة، وليس إسرافاً. وهذا يشمل قبور الأنبياء والأئمّة عليهم السلام. وتعمير قبور العلماء والشهداء بقصد تعظيم الشعائر، أمرٌ راجحٌ ومطلوبٌ شرعاً.
7 - الوقف:
إنّ الوقف من الشعائر التي يجب تعظيمها؛ وذلك من خلال المحافظة على وقفيّتها، وعدم تغيير الوقف، فتعظيم المساجد والحسينيّات الموقوفة بإبقائها على حسب وقفيّـتها، كما يجب تعظيم وقف المقابر -مثلاً- فلا يُبنى عليها المساجد ولا الحسينيّات، بل تبقى لاستفادة الدفن فيها، وهكذا سائر الأوقاف.
8 - الهجرة:
يجب على المكلّف عند إرادة الهجرة أن لا يسافر إلى بلد، يمتنع عليه فيه القيام بشعائر الله الواجبة. وإذا أراد السفر فليسافر إلى بلد، يمكن إظهار شعائر الإيمان فيه.
9 - الولاية:
ختاماً إنّ من أفضل ما يقوم به الإنسان بعد الاعتقاد بالتوحيد والنبوّة هو الاعتقاد بولاية أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وولاية أولاده المعصومين عليهم السلام، ولا سيّما إمام عصرنا وزماننا الحجّة المنتظرعجل الله تعالى فرجه الشريف. وإظهار هذا الاعتقاد من الشعائر.
ونختم مع الشعيرة العظيمة: اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم.