مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

عجائب خلق الله: نباتات الصحارى


رغم قسوة الحياة وندرة المياه في الصحارى نجد أن ثمة نباتات استطاعت أن تواجه التحدي وتعيش هناك. بل إننا نجد أن هناك نباتات استطاعت أن تخزن الماء في جوفها لتبقى حية وغيرها اتخذ أشكالاً مناسبة ليُبعث من موته ويجعل الأرض خضراء مزخرفة بعد أن يسمع صيحة السماء.

إن الحياة على اليابسة كانت وما زالت مرتبطة بمصادر المياه. والدراسات. القديمة منها والحديثة. نُشير إلى أن أصول الحياة قد بدأت في المياه وانتقلت إلى اليابسة؛ والتتبُّع السريع للحضارات في العالم يُظهر لنا بأنها قد نمت وترعرعت بالقرب من ينابيع المياه سواء كانت بحاراً أو بحيرات أو أنهاراً.. فكأنما تلك الينابيع المائية كانت تتبع أيضاً بالحضارة والحياة. فالماء أمر أساسي لتحقيق الحياة واستمرارها عند الكائنات.  ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ  (الأنبياء/30).
ولذلك فإنها، الكائنات، تسعى للحصول عليه بشتى الوسائل كما تحافظ على مخزونها منه بشتى الطرق والأساليب وهي تتبع فنوناً مختلفة لتقلل من فقدانها له وخاصة عندما يندر كما في المناطق الصحراوية.

والصحراء عبارة عن منطقة منبوذة من قبل أغلب الكائنات الحية. وهي منطقة تتَّف بفئة وندرة مياه الأمطار والينابيع ويسيطر فيها الجفاف طوال العام تقريباً، وانخفاض كمية الأمطار وعدم انتظامها سنوياً يزيد في قساوة العيش. فقد تمرّ نهاراً بشكل كبير وتنخفض ليلاً بشكل كبير أيضاً. والذي يزيد الطين بلة هو الهبوب الدائم والمستمر للعواصف الرملية في تلك المناطق نتيجة تلك الفروقات الحرارية الكبيرة ما يجعل إمكانية وجود النباتات صعباً إلى حدٍ كبير. والأنواع النباتية النامية في هذه الشروط القاسية هي النباتات التي استطاعت ونجحت في إيجاد طرق مناسبة للعيش وسط هذا المناخ الجاف والعالي الحرارة والمتصف بقلة الأمطار. وهذا النجاح جاء ولا شك بهداية الله سبحانه وتعالى، وطريقة مقاومة تلك النباتات للجفاف شدّت انتباه الباحثين لها فأفاضوا في أبحاثهم ودراساتهم لطرق مقاومة تلك النباتات لنقصان المياه فيها فوجدوا أنواعاً كثيرة منها: النباتات الخشبية والنباتات الوسيدية والنباتات سريعة الزوال. وسنتحدث في هذه الحلقة عن النوع الثالث.

 إن النباتات سريعة الزوال هي نباتات قصيرة الأجل تسرع بإتمام دورة نموها خلال فترة سقوط المطر وتمضي فترة الجفاف بصورة بذور أو بصيلات. وهي تظهر بشكل فجائي وسريع ولافت للنظر وفترة عيشها تكون متوافقة مع فترة هطول الأمطار. فبذورها تنبت مع بداية سقوط المطر فتنمو وتكبر وتزهر وتثمر وتكوِّن الخلف وتجف وتموت مع انتهاء تلك الفترة فهي لذلك سريعة الزوال أو مؤقتة.
وفترة النمو عند هذه النباتات صغيرة من نوع لآخر ولكن بشكل عام تكون من شهر واحد لأربعة أشهر، وهناك أنواع نباتية تكمل دورة حياتها ما يبن ثمانية أيام إلى خمسة عشر يوماً.

وهذه النباتات تتصف بحجم صغير جداً تظهر أزهارها على الساق التي يصل طولها إلى 3 سنتمر وتحمل ورقة أو ورقتين فقط. وهي تشكل سجادة تغطي التربة وتشكل القسم الأساسي من الأعلاف لتغذية حيوانات تلك المناطق ويطلق عليها اسم العشب. وهذه النباتات لها القدرة على تحمل الجفاف الشديد والطويل من دون أن تتضرر أو تتأذى خلاياها وتصل مرحلة انخفاض نسبة الماء في بعض الأنواع إلى الخلو منه تماماً. وهذا لا يعني موت الخلايا وإنما هي تعمل على إيقاف كل نشاطاتها الحيوية مع الاحتفاظ بالحياة ثم تعود هذه النشاطات مع عودة امتصاص الخلايا للمياه فتنبعث من مرقدها حينما تجد الماء وتمارس جميع النشاطات الحياتية. وإيقاف نمو هذه النباتات في فترة الجفاف وانخفاض نسبة المياه فيها بحفظها من الموت.

وهكذا يتبين لنا بأن نباتات الصحارى لها طبع خاص مختلف عن بقية النباتات الأخرى لأنها تعيش في مكان متميّز: المياه فيه قليلة والحرارة زائدة والشمس ساطعة طوال أيام السنة تقريباً. ولهذا كان لا بد من التهيّؤ والاستعداد لتحمّل هذه الظروف القاسية حتى تتمكن من العيش فيها فهداها الرحمان بأمره إلى كيفية حفظ حياتها وبث بذورها قبل أن يأتيها دبيب الحياة لتعمر الأرض وتسر الناظر فيتذكّر.. والحمد لله على ما أعطى وقدّر.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع