مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تربية: أطفالنا يتلون القرآن ويتدبّرونه

د. أميمة علّيق(*)


يقول السيّد القائد عليّ الخامنئي دام ظله: يجب تعويد الأطفال على التفكّر والتعقّل؛ لأنّ التفكّر هو التعويد على الفهم.

*أهمية التفكّر
إنّ قيمة التفكّر من الأمور الأساسية في المباني العقائدية الإسلامية، حيث أكَّد القرآن الكريم على التفكّر بالنفس جسداً وروحاً وبالله صفاتٍ وآياتٍ. كما أن تربية الإنسان الكامل، والتي هي غاية التربية والتعليم الإسلامي، لا يمكن أن تسير بالطريقة الصحيحة، إلّا عبر الاهتمام بالتفكّر والتعقّل كأولوية للحياة. ولا بدّ من أن تتمحور البرامج التربوية الإسلامية حول أصول: كالتفكّر، الإيمان، التقوى، العلم، العمل والأخلاق.

هل التفكّر بالقرآن على سبيل المثال من الأمور التي يمكن أن يقوم بها الأطفال؟ أن يتعلمها التلامذة في المرحلة الابتدائية؟

*التعبّد يسبق التفكّر عند الأطفال
إذا ما عدنا الى التقسيم الثلاثيّ (السبع سنوات الأولى والثانية والثالثة(1)):

1- السنوات السبع الأولى: أي مرحلة اللعب. وفيها يتشكّل إدراك الطفل من خلال الكلام، أي عندما يسمع الطفل الكلمات الطيبة ستزداد قدرته على الفهم، وإذا ترسّخت هذه الكلمات الطيبة في ذهنه، سيرسخ التوجّه نحو الحقّ بشكل طبيعيّ.

2- السنوات السبع الثانية: وقبل أن يصبح الفعل الفكريّ وردّته ناشطة عند الطفل، يجب أن ننمّي لديه عنصر التعبّد. إذا لم يتعبّد الطفل فإنّ أيّ نشاط فكريّ قد يؤدّي به إلى الطغيان. فالتعبّد يسبق التفكّر في نموّ الأطفال الفكريّ. وإذا ما حصل العكس تربوياً في التراتبية، سيؤدّي ذلك إلى الطغيان الفكريّ وعدم الانضباط السلوكي لدى الطفل. إذا علّمنا الشابّ التفكير الحرّ فهل سيطيع أباه يوماً؟

3- السنوات السبع الثالثة: التفكّر بتدبّر. ويجب أن يأتي بعد التفكّر، والذي يعني فهم ما يعقب الشيء أو ما يأتي خلفه، حيث قسّم العلماء التدبّر إلى خمس مراحل أو مستويات: "التفكير بالعاقبة"، "قياس مستوى العاقبة"، "معرفة العاقبة"، "التعمّق بالعاقبة"، "التوجّه نحو العاقبة".

*خطوات عملية
أمّا عمليّاً، ما هي الخطوات العملية التي تساعد الأهل والمعلّمين في تشجيع الأبناء على التفكّر بالقرآن الكريم؟

1- اطلبوا من أطفالكم أن يقارنوا المعلومات التي اكتسبوها، مع ما كانوا يعرفونه قبل أن يقرأوا القرآن.

2- اطلبوا من أطفالكم أن يسألوا أربعة أسئلة حول الآيات التي يقرأونها يوميّاً (خاصّة في أيّام شهر رمضان المبارك).

3- ساعدوا أطفالكم في أن يفكّروا أبعد ممّا يقرأونه في الآيات (على سبيل المثال: برأيكم كيف كانت البيوت أيام النبيّ إبراهيم؟ أرسموا صورة للنبيّ موسى وهو يشقّ البحر، أو كيف يمكن أن تكون الجنّة؟ اعطوني 3 مشاهد تتخيّلونها عنها. وعندما يقرأون عن النبيّ إبراهيم وهو في النار، لنسألهم ماذا يتوقّعون أنّه كان يشعر هناك؟).

4- بعد أن يقرأ الطفل سورة قرآنية أو صفحة من القرآن الكريم، لنتعاون معه كي نكتب أهمّ الأفكار التي مرَّت في السورة أو في الصفحة.

5- خلال قراءة القرآن الكريم لنبحث مع أبنائنا عن أنواع التفكّر، موانعه، عوامل تقويته وإضعافه، لوازمه وأهدافه التي ذكرها الله سبحانه وتعالى. لذلك على الأهل القراءة مع أبنائهم وإلفاتهم إلى كلّ إشارة وآية.

*نماذج تطبيقيّة
يمكن طرح بعض الأسئلة على الأبناء ومناقشتهم حين قراءتهم مجموعة من الآيات مثلاً:

أ- ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (الأعراف: 180):
هل فكّرت يوماً لِمَ لله كل هذه الأسماء؟ ماذا تعني هذه الأسماء؟ هل يمكنك أن تكتب عدداً من هذه الأسماء؟ أي اسم من أسماء الله تختار لتكلّمه عندما تكون فرحاً؟ وأيها تختار حين تكون حزيناً؟

ب- ﴿أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (الغاشية: 17 - 20):
يطلب الله من البشر أن ينظروا، ولكن للأسف نحن البشر لا نعرف كيف ننظر. لا نتفاجأ، ندهش لأننا اعتدنا على كلّ شيء.
قل لي أنت كيف تنظر؟ هل حصل معك ورأيت عصفوراً جميلاً، أو وردةً صغيرةً أو منظراً رائعاً، دفعك كي تقول بأعلى صوتك: "يا إلهي ما أجملك؟".
هل يمكنك أن تقول أين وكيف حصل معك هذا الأمر؟

ج- ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا (البقرة: 286):
كيف تدعو؟ وما الذي تطلبه من الله؟ اكتب آخر شيء تريد أن تطلبه من الله. ضعه في مغلّف وأرسله إلى الله. فأنت تعرف أن هذه الرسائل تصل قبل أن ترسلها. إذن جرّب وأرسل رسالتك.

*ما الذي يجب أن نغيّره في المناهج لتربية أطفال متفكّرين؟
لقد أكد القائد الخامنئي دام ظله، أنه لا يجب أن تتمحور الدروس والمدرسة على الحفظ، بل يجب تريية أطفال أصحاب استدلال وتحليل، أطفال يتدبّرون في الأمور. أما كيف؟

فيمكن أن تتغيّر البرامج باتّجاه:
1- تدوين المحتوى والأسلوب بالارتكاز على المفاهيم الإلهية والإنسانية على أساس الأصول والأفكار والأخلاق الإسلامية.
2- تعليم مهارات التفكير عن طريق مساعدة الأطفال على التوليد الفكريّ في القرآن الكريم وليس على التلقّي والحفظ، كما في المرحلة الابتدائية دون الفهم.
3- أن يلعب المعلّم دور المسهّل لا دور ناقل المعلومات.
4- التركيز على عملية التفكّر وليس على نتيجتها.
5- تأمين جوّ للتفكير الحرّ المتمحور حول الحقّ، التعبير عن الرأي، دون تدخّل العلامات الدراسية.
6- تنمية روح البحث عن الحقيقة، والعدالة وتقوية التفكير الإيجابي.
7- تنمية الحسّ الجماليّ والتفكّر الكوني لدى الأطفال لأنه يرتبط بالتسبيح والحيرة والدهشة. ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (آل عمران: 191).


- مراجع هامّة
* الأنشطة الذهنية للتلامذة، المنطقة التربوية لمدينة طهران، 2011.
* السايت الرسمي للقائد الخامنئي www.khamenei.ir
* ناجي، سعيد. التفكير الفلسفي لدى الأطفال، مركز أبحاث العلوم الإنسانية (2008).
* المباني النظرية للوثيقة الوطنية للتربية والتعليم في الجمهورية الإسلامية في إيران (2011).
* عليق، أميمة. كتاب: لماذا؟ قصص فكرية ضمن منهج تعليم الفلسفة للأطفال. تحت الطبع.

* أخصائية في التربية الدينية.
1- تقييم السنوات السبع هو بحسب ما جاء في رواية الإمام الصادق عليه السلام: "لا تؤدّبه سبعاً، وأْمُره سبعاً، وصاحبه سبعاً".


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع