صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

الإشارات العلمية في القرآن: القرآن والذرة



* الذرة عند الأقدمين

من المعروف لدى الباحثين في تاريخ العلوم أن فكرة الذرة قديمة جداً، فقد ذكر المؤرخ اليوناني القديم "بوسيدونس"، وهو من أكبر الثقات في التاريخ القديم وصاحب مدرسة شهيرة في جزيرة رودس ـ في أحد مؤلفاته ما يلي "إن الفضل في وضع قضية الجوهر الفرد يرجع إلى الفيلسوف الصيدوني موخوس الذي عاش قبل حرب طروادة، فموخوس الصيدوني إذاً هو أول من وضع النطرية الذرية قبل المسيح بألف ومئتين سنة. ويعتبر العالم الفينيقي الصوري أمورينس أيضاً من واضعي النظرية الذرية ومن المتحدثين عنها، فقد أعلن أفورمنس في صور عام 950ق.م نظرية نصت على أن "البر والبحر والسماء تتألف من تشكيلات المادة الأخيرة" وعرفت "المادة الأخيرة" أو "نهاية المادة" بالفينيقية باسم "أتوميس" وتأثر بهذه الفكرة بعض فلاسفة اليونان الذين تتلمذوا على يد أصحاب المدارس الشرقية أمثال ابيقور وديموقريطس، ويعتبر الأخير من أكبر أنصار المذهب الذري في التاريخ اليوناني، حيث نقل كلمة "أتوميس" الفينيقية إلى اليونانية فأصبحت "أتوموس" ومعناها (لا تنقسم) ومن الكلمة اليونانية اشتقت الكلمة الحديثة "أتوم". ولكن الفيلسوف اليوناني الكبير أرسطو لم يؤمن بالنظرية، بل فسر أن البنية لجميع المواد تتألف من أربعة عناصر أساسية هي: الماء، النار، التراب والهواء، وليس من ذرات، وهكذا أسدل الستار على النظرية الذرية كنظرية فلسفية، حتى جاء الإسلام حيث قام جَمعٌ من الفلاسفة المسلمين أمثال ابن سينا والرازي والكندي وجابر بن حيَّان وغيرهم بإحياء فكرة الذرة تحت اسم آخر هو "الجوهر الفرد" ولكن معنى الذرة والجوهر الفرد بقي واحداً وهو أصغر شيء في المادة، ولا يمكن تجزئته أو انقسامه.

* الذرة عند المحدثين
وتجددت النظرية مرة أخرى على يد الكيميائي الانكليزي "جون دالتون" عندما نشر عام 1808م نظرية فسر فيها كيف تجري التفاعلات الكيميائية بين العناصر ـ العنصر يحتوي على ذرة واحدة ـ بناءً على تجاربه، وأصرّ دالتون بدوره على أن الذرة هي أصغر جسم غير قابل للتجزئة والانقسام واستخدم كلمة "أتوم" للدلالة على هذا المعنى، أي نفس المعنى القديم. وفي عام 1811 وضع الكيميائي الفرنسي جي لوساك قانون الحجوم للغازات المثالية المتفاعلة والذي ينص أن عند ثبات الضغط يتناسب حجم كتلة ما من الغاز طردياً مع درجة حرارته المطلقة V= T.
V = حجم الغاز T = درجة الحرارة = عامل التناسب.

وبعدها بقليل أعلن الكيميائي السويدي بيرزيليوس عن فرضية جديدة تقول "إن الحجوم المتساوية من الغازات تحتوي على عدد واحد من الذرات تحت شروط قياسية واحدة من الضغط والحرارة". ولما حاول العلماء تفسير جي لوساك حسب معطيات كل من نظرية دالتون وفرضية بيرزيليوس وجدوا تناقضاً، وذلك أن تفسير هذا القانون حسب النظرية الذرية (دالتون) يحتم أن لا تنقسم الذرة، بينما إذا فسرناه حسب فرضية بيرزيليوس فيقضي بانقسام الذرة. إلى أن جاء الكيميائي الايطالي افوجادرو فوفق بين وجهتي النظر بوضعه للنظرية الجزئية، فأصبح لدينا ذرة وجزيء، وحيث قال "عند تساوي الضغط ودرجات الحرارة تحتوي الأجسام المتساوية من الغازات المثالية على نفس العدد من الجزيئات"، ولكن بقي علماء الفيزياء والكيمياء يؤمنون باستحالة انقسام الذرة ووجود ما هو أصغر منها حتى عام 1919، إذ نجح في ذلك العام العالم الانكليزي زدر فورد بتجزئة الذرة صناعياً، وكانت هذه بداية التقدم في اكتشاف أسرار الذرة حتى انتهى الإنسان إلى السيطرة على الطاقة الذرية، كما هو معروف.

* الذرة في القرآن

وهكذا بقي الاعتقاد باستحالة تجزئة الذرة سائداً جميع الأوساط العلمية والفلسفية مدة 2800 سنة إلى أن تم في أوائل هذا القرن تجزئة الذرة في المختبرات العلمية الكبرى. إلا أن القرآن الكريم الكتاب الوحيد الذي ذكر بوضوح وصراحة أن هناك ما هو أصغر من الذرة، وبهذا أشار إلى إمكان تجزئة الذرة إلى ما هو أصغر منها.

وأما الآيات التي تتحدث عن ذلك فهي:
1 ـ ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين.
2 ـ  ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِين﴾.

وختاماً لا يسع الإنسان إلا أن يقف منهبراً لعظمة القرآن وإعجازه ولعظمة الخالق، خاصة إذا علم الإنسان أن ذرة الهيدروجين -على سبيل المثال- والتي تعتبر وحدة للقياس يبلغ وزنها 1,66 جزئاً من مليون مليار مليار جزء من الغرام وأن كثافة النواة (نواة الذرة) تبلغ مئة مليون طن كل سنتيمتر مكعب واحد، فسبحان الله الذي خلق الذرة ونواتها وما فيها من طاقة وكتلة وقوة وخلق السماوات والأرض وما فيها...

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع