بدأ دخول الإسلام في المجتمع البريطاني في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وذلك مع وصول العمال المسلمين الذين كانت تحتاج إليهم بريطانيا بسبب النقص الهائل في اليد العاملة عندها نتيجة الحربين العالميتين اللتين خاضتهما.وأغلب المسلمين البريطانيين هم من باكستان وبنغلادش إلى جانب مجموعات أخرى جاءت من الهند والدول العربية وماليزيا وبعض الدول الإفريقية. ويبلغ عدد المسلمين في بريطانيا حوالي المليوني نسمة ويشكل البريطانيون الأصليون الذين أسلموا جزءاً من هذا العدد ويعمل أغلبية المسلمين في قطاع الغزل والنسيج إضافة إلى أعمال التجارة كذلك يوجد عدد لا بأس به من لأطباء والمهندسين.
يتركز وجود المسلمين بشكل كبير في لندن وبرادفورد ومانشستر وليدز وبلاكبرن وجنوب وليز. ويوجد في بريطانيا حوالي 600 مسجد ومركز إسلامي منتشرين في مختلف المدن البريطانية وهذه المراكز ليست مجرد أماكن لممارسة شعائر العبادة ولكنها تقوم بدور فاعل في قضايا المسلمين الثقافية والاجتماعية.
ويواجه المسلمون في بريطانيا مشاكل متعددة منها أن نسبة البطالة عالية بينهم ولذلك تعتمد مجموعة كبيرة منهم على ما تقدمه لهم الدولة من مخصصات شهرية. يضاف إلى ذلك مشكلة السكن والتي هي مرتبطة إلى حد ما بالحالة المادية.
إلا أن المشكلة الأبرز التي تواجههم هي مشكلة تعليم أبنائهم والقدرة على الحفاظ على هويتهم الإسلامية من خطر الانزلاق في أجواء المجتمع المتحلل هناك، وقد نشط المسلمون لحلّ هذه المعضلة عبر إنشاء مدارس خاصة بهم وغير مختلطة لتحصين أولادهم فكان أن أنشئت حوالي 18 مدرسة تمارس هذه السياسة وتعلم المنهج الرسمي.
وتطالب المدارس الإسلامية بدعم الحكومة لها أسوة بالمدارس الكاثوليكية واليهودية غير أن العقلية الاستعمارية السائدة لدى أصحاب القرار في لندن لا تزال على موقفها القاضي بعدم منح الدعم على الرغم من أن الإسلام كدين يحتل المرتبة الثانية بعد النصرانية وقبل اليهودية.
وللمسلمين دورهم في الحياة البريطانية العامة وقد تكون الجالية الإسلامية هناك من أنشط الجاليات في أوروبا. ولديهم العديد من الجمعيات والمراكز والمؤسسات منها:
- مجلس التعليم الوطني للمسلمين.
- المؤسسة الإسلامية - ليستر.
- لجنة الشورى لشؤون المسلمين.
- رابطة الشباب المسلم في بريطانيا - لندن.
- الجماعة الإسلامية - لندن.
- حركة التبليغ - لندن.
- مركز أهل البيت الإسلامي - لندن.
- المركز الثقافي الإسلامي - لندن.
- اتحاد المنظمات الإسلامية - لندن.
- الحزب الإسلامي في بريطانيا.
وعلى رغم وجود هذه المراكز والجمعيات إلا أنه ليس هناك أي دور سياسي بارز للمسلمين. على أنهم لا يزالون يحتفظون بهويتهم الإسلامية رغم كل التوقعات التي راهنت على ذوبان وانحلال المسلمين ضمن المجتمع البريطاني وذلك يعود للأسباب التالية:
1 - الفطرة السليمة والإيمان الفطري الذي حمله هؤلاء الناس من بلادهم.
2 - عامل اللغة فمعظم المسلمين القدامى الذين هاجروا كانوا أميين ولم يتعلموا اللغة الإنكليزية وهذا ما شكل عائقاً بينهم وبين أهل البلاد.
3 - الشعور بالدونية تجاه أهل البلاد الأصليين مما أدى إلى عزلتهم والتأفف من مجالستهم وهذا شعور قديم وموروث منذ كانت بريطانيا دولة عظمى.
هذه الأسباب كانت قديمة أما حديثاً فقد حصن المسلمون أنفسهم بالمدارس والمساجد الخاصة بهم وساهم الطلاب المسلمون الذين انتقلوا إلى بريطانيا في تعزيز جانب المسلمين هناك، فقد أنشأوا المساجد والمراكز التي ساهمت في تطور وتدرج حركة العمل الإسلامي في بريطانيا يضاف إلى ذلك عصر الصحوة الإسلامية وانتقال روح الإسلام الصادق عبر هؤلاء الطلاب الذين حملوا معهم معنى التحدي وحب الدعوة ونظرة العزة والكرامة بوجه التعصب الاستعماري الصليبي.
وقد لوحظ أثر الحالة الإسلامية من خلال الأجواء التي ولدتها حالة المرتد سلمان رشدي حيث زكت الشعور لدى المسلمين بالوحدة والوقوف صفاً متراصاً بوجه التحديات وسيجروا المسيرات وتقدموا بشكوى إلى المحكمة العليا البريطانية لتأخذ موقفاً ينص عليه القانون البريطاني في مسألة التحديث بالدين الإسلامي.
كما يطالب المسلمون الدولة البريطانية بعدد من المطالب أبرزها:
1 - الاعتراف الرسمي بالإسلام كما هو الحال في بلجيكا وفرنسا وأسبانيا.
2 - إصدار قانون يمنع التهجم على الإسلام.
3 - أن تكون الأحوال الشخصية للمسلمين محكومة بالقانون الإسلامي للأحوال الشخصية.
4 - توفير الدعم الكامل للخدمات الصحية.
5 - دعم وإنشاء مدارس إسلامية وتوفير التعليم غير المختلط.
إن تحسين أوضاع المسلمين في بريطانيا مرهون بجهود العاملين ووعيهم ومساعدة أبناء الإسلام الغيارى في تحصين أبناء الإسلام هناك من خطر التحلل والانصهار في بوتقة المجتمع العربي.
أولئك الذين أدركوا حلقات ذكر العارفين وأدعية سحر المناجين وعرفوا معنى الروحانية لم يروا في خفاء محضرهم إلا أمنية الشهادة ولم يطلبوا من عطايا حضرة الحق في ضيافة الخلوص والقرب إلا عطاء الشهادة. الإمام الخميني قدس سره